الخميس، أبريل 29، 2010

ورشة عمل ولقاء تعريفي عن العمل التطوعي

ضمن سلسلة برامج مشروع " شكرا كوينزلاند" الثقافي

تقرير : عبد الرحمن المالكي

تصوير : سلطان الشلتي - فراس الغامدي

لقاء شيق استمر أكثر من 3 ساعات وشارك في إعداده وتقديمه خمسة من الخبراء والمتعاونين في مجال العمل التطوعي في أستراليا والسعودية ذلك ما حدث في ورشة العمل الأولى للمتطوعين السعوديين في مدينة برزبن يوم السبت الموافق 24 أبريل في جامعة QUT، والذي نظمه المشروع الثقافي " شكرا كوينزلاند" احد مشاريع نادي الطلاب السعوديين ببرزبن لعام 2010

وهدف اللقاء إلى تعريف مفهوم العمل التطوعي وأهميته في العصر الحالي وخاصة بعد ان طغت الماديات على جمال روح المشاركة والتعاون بين أفراد المجتمع. وتحدث بداية الأخ محمد القصير " مدير مشروع شكرا كوينزلاند ومتعاون في عدة مؤسسات غير ربحية في أستراليا " عن فكرة مشروع شكرا كوينزلاند وما يهدف إليه من حث المبتعثين على العمل التطوعي وتشجيعهم للمشاركة في المؤسسات الغير ربحية لاكتساب الخبرات واعطاء انطباع جميل عن الشعب السعودي بين أوساط المجتمع الأسترالي ، ومن هذا الجانب قال القصير بأن المشروع لاقى قبولا واستحسانا لدى بلدية مدينة برزبن من خلال تواصلهم المستمر معنا ودعمهم لفكرة المشروع سواء بالاستشارات أو بتوفير تسهيلات وخدمات للراغبين في المشاركة بالأعمال التطوعية والخدمية في المدينة . ومن ثم تطرق القصير إلى تعريف العمل التطوعي وانواعه ومجالاته في أستراليا موضحا بأن العمل التطوعي يدار بطريقة منظمة وفعالة تضاهي ما تقوم به المؤسسات الربحية الكبيرة.

محمد القصير مدير مشروع شكرا كوينزلاند

وشاركت بعد ذلك منظمة ( Communify QLD ) احدى المنظمات الغير ربحية في أستراليا بورقة عمل قدمها كل من ( Michelle Burkett & Gerald McMillan ) تحدثا عن نشاط المنظمة ودورها في ولاية كوينزلاند في تقديم الخدمات الاجتماعية والتطوعية والتي تشمل مجال التعليم والصحة والرياضة والاستشارات النفسية وغيرها ، وتسعى في ايصال خدماتها لكل فئات المجتمع من الاطفال والعوائل وكبار السن وأيضا الطلاب الأجانب واللاجئين في أستراليا وذلك للحفاظ على نمط الحياة الاجتماعية والتكيف معها. واوضحا بأن العمل التطوعي ينطلق من مبدأ وقيمة ورسالة يحملها الإنسان تدفعه لخدمة مجتمعه وعمل الخير

وأوضحت (Sarah Pearce ) منسقة برنامج (QUT East-West ) بالجامعة في ورقة عملها عن الفوائد المجنية من الأعمال التطوعية وذكرت منها تعلم مهارات جديدة واكتساب الخبرة والتعرف على الثقافات المختلفة وتطوير مهارات اللغة بالنسبة للطلاب الاجانب وكذلك الشعور بالمسئولية تجاه المجتمع.

ثم تحدث المهندس حسن الحازمي* " طالب دكتوارة في الإدارة الهندسية " عن ثقافة العمل التطوعي في السعودية مقارنا بين العهد الماضي ، عهد الآباء والأجداد الذي نشأ على حب عمل الخير دون مقابل والعهد الحالي الذي سيطرت عليه لغة المادة، مرجعا ذلك التغيير للطفرة النفطية التي حصلت في المملكة مما جعلت الناس يتغير مفهومها عن ثقافة العمل التطوعي، مضيفا : ومع ذلك تذخر السعودية بأعمال ريادية في مجال الأعمال التطوعية والخيرية مثل هيئات الإغاثة الإسلامية والجمعيات الخيرية وجمعية الكشافة السعودية وخدمتها للحجيج. كما استبشر الحازمي بالجيل الجديد من الشباب وحبه للعمل التطوعي بإقامة الحملات التوعوية المميزة. كما أشار الحازمي بأن الأعمال التطوعية لا تقتصر على حملات تنظيف الشواطئ والشوارع كما هو متعارف عليه في هذه الأيام وما ينشر في وسائل الإعلام ،قائلا مفهوم العمل التطوعي شامل لكل جوانب الحياة الاجتماعية ويعتبر ركيزة من ركائز الدين الإسلامي مسندا ذلك بأدلة من السنة الشريفة. "كما ركز الحازمي على أن العمل التطوعي اصبح جزأ من تكوين المجتمع الاسترالي فهو يدخل في كل المجالات بلا استثناء".

ثم تحدث الأخ محمد القصير مجددا عن التحديات التي تواجه العاملين في المجال التطوعي في أستراليا كحاجز اللغة وضيق الوقت واختلاف الثقافة ، وبعدها قام بوضع بعض التوصيات والحلول الممكنة لتسهيل العمل التطوعي ، ولعل من أبرز الحلول تنظيم وإدارة الوقت وكذلك العمل في التخصص الذي يرغبه أو يدرسه مما يكسبه خبرة ومهارة تفيده في مستقبله العملي. ثم استعرض آلية العمل التطوعي وكما شرح طريقة البحث عن العمل من خلال الانترنت . واكد بعدها بأن العمل التطوعي في أستراليا لا يلزم اي تغيير في الفيزا ولا يشترط اخذ موافقة مسبقة وليس هناك حد أعلى لعدد ساعات العمل . ثم دعا القصير في نهاية اللقاء كل المبتعثين للمشاركة في برنامج شكرا كوينزلاند والذي يستعد خلال الفترة القادمة للمشاركة في عدد من الأعمال الثقافية والتطوعية .

تخلل ورشة العمل العديد من الأسئلة والمدخلات والمناقشات المفيدة مما جعل اللقاء أكثر تفاعلا وحماسا

صورة جماعية للمشاركين في ورشة العمل

المركز الإعلامي

نادي الطلاب السعوديين

برزبن 2010

رابط التقرير

* سيكون هناك تقرير مصور قريبا بإذن الله

الأحد، أبريل 25، 2010

الطالب... كنزٌ الكل يبحث عنه

image بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله,,,

لا شيء يجبر المؤسسات على الانصياع للأوامر والتقيد بالتعليمات مثل ربط الدعم المالي لهم بتطبيق اشتراطات معينة، خصوصا إذا كان هذا الدعم يشكل رافد مهما لاستمرار تلك المؤسسة. هذا ما يحصل من الحكومة الفدرالية والحكومات المحلية في محاولتها لضبط جودة التعليم العالي والتدريب المهني في استراليا.

إن الدعم الحكومي لمؤسسات التعليم العالي والتدريب المهني قائم على اشتراطات عدة تهدف إلى توجيه التعليم نحو تحقيق الأهداف المرحلية والإستراتيجية للبلد. من أهم هذه الاشتراطات أن تدار مؤسسات التعليم والتدريب بطريقة مدنية تتوائم مع الدستور الاسترالي الذي يكرس الشفافية في الإدارة مع مراعاة توزيع الصلاحيات بطريقة تضمن العدالة وتحقيق المصلحة العامة وتُشرك المستفيدين من الخدمة في الإشراف على طريقة اتخاذ القرارت. يتم ذلك من خلال وجود مجلس أعلى يتكون من أعضاء متطوعين منتخبين يتميزون بالتنوع المعرفي في تخصصاتهم مع سابقتهم في مجال خدمة المجتمع ليكونوا صوت المواطن داخل المؤسسة "مجلس أمناء".

في حالة استيفاء عدد من اشتراطات الحكومة الفدرالية والمحلية تكون المؤسسة التعليمية أو التدريبية مؤهلة لتلقي الدعم الحكومي. ومع كل هذا فالدعم ليس أمرا مستحقا دون التزامات، بل تعلن الحكومة عن معادلتها السنوية للعدد الذي ستقوم الحكومة بدعمه للدراسات الجامعية و كذلك المهنية، و يتم توزيع هذا العدد حسب الخطة الإستراتيجية للحكومة من ناحية المناطق المستهدفة وعدد المنح الدراسية لتلك المناطق والتخصصات المطلوبة.

بدورها تتسابق مؤسسات التعليم العالي والتدريب المهني لنيل نصيبها من الكعكة باستقطاب هذه الأعداد من خلال برامج تصل إلى الطلاب حتى قبل إنهائهم للثانوية - كما رأينا في المقال السابق - كنوع من ضمان مصدر للتمويل يساعد في بقاء الجامعة فاتحة لأبوابها فالتخصص الذي لن يتقدم إليه احد من طلاب الثانوية سيواجه صعوبات مالية قد تؤدي إلى إغلاقه في نهاية المطاف. كما أن الحصول على طلاب يتوافق ميولهم الطبيعي مع رغبتهم الجادة في دراسة تخصص معين تشكل رافدا مستقبليا لبقاء هذا التخصص، لذا يحرص أساتذة التخصص على استقطاب اكبر قدر من الطلاب الجيدين.

مصدر آخر رئيسي و هو الرسوم الدراسية للطلاب الأجانب وإن كان أيضا يخضع لاشتراطات تحدد الحد الأعلى من عدد الطلاب بما يتوائم وقدرة الجامعة أو المؤسسة التدريبية وتوصيات دائرة الهجرة و بلدية المدينة التي تحدد توزيع الجنسيات و السقف الأعلى لعدد الطلاب الممكن قبولهم في كل عام.

في حالة الجامعات لا يمثل هذين المصدرين سوى 60 % تقريبا من دخل الجامعة، فما العمل لما تبقى من الميزانية؟ كيف ستقوم إدارة الجامعة بالعمل على توفيرها؟

هناك عدة طرق من أبرزها المنح البحثية، وهي كمعظم الأمور هنا ليست أمرا مستحق دون مقابل. فهناك إدارة عليا على مستوى الولاية وأخرى على مستوى الدولة تحدد التوجهات البحثية للمناطق. فتركز مثلا ولاية كوينزلاند في مجال الهندسة على أبحاث المياه في الوقت الذي تركز فيه جامعات ولاية فكتوريا على أبحاث البيئة. و تقوم الجهات المانحة بعرض المبالغ التي تود التبرع بها للبحث للجهة العليا والتي بدورها تستقطب مقترحات لمشاريع البحث وبعد تحكيم هذه المشاريع يتم دعم الفائز منها.

كما تتمتع الجامعات بصلاحية الحصول على دعم مباشر من إحدى الجهات المانحة من القطاع الخاص أو قبول الهبات والتبرعات من أي كان على أن لا يؤثر ذلك على سياسة الجامعة. أخيرا... من حق الجامعة إنشاء الأوقاف المتوائمة مع رسالتها العلمية والخدمية وليس من خلال الاستثمار في سوق العقار !

بقي أن اذكر هنا بأن الرسوم الدراسية التي تدفعها الحكومة عن المواطنين هي بمثابة قرض دون فوائد يتم استرجاعه من الشخص بعد تخرجه بأقساط ميسرة تقارب 1% من راتبه لتصرف هذه الأموال على طلاب آخرين، فليس هناك عطاء دون مقابل في هذه الثقافة التي تقوم على "نعطيك وأنت محتاج لتعطي غيرك وأنت غني".

من خلال هذا العرض لعله اتضح الواجب الملقى على عاتق إدارة مؤسسات التعليم العالي والتدريب المهني، فهي موجودة في جو تنافسي لا يوجد فيه أخذ دون عطاء بل عليهم المبادرة برفع الجودة التي تساعدهم على استقطاب الطلاب والحصول على المنح وإلا سيغلقون أبوابهم.

هل أتضح الآن لماذا هناك تسابق على استقطاب الطلاب.لأن "الطالب... كنزٌ الكل يبحث عنه"، و فرق بين أن يكون الطالب حملا نسعى للتخلص منه أو كنز نسعى لاكتشافه والاستفادة منه.


* رابط المقال كما نُشر في سبق


مواضيع أخترتها لك:

الأربعاء، أبريل 21، 2010

ورشة العمل الأولى للمتطوعين السعوديين في برزبن

image

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله,,,

ساكون احد المتحدثين في هذه الورشة وارغب من زوار المدونة الكرام تقديم المساعدة بما يمكنهم:

  • افكار بنائة
  • روابط مفيدة
  • لا أقل من دعوة مباركة صادقة.

لعلي اعود إلى هنا بملخص مفيد.

السبت، أبريل 17، 2010

مُراهِقون في محكمة و جامعة بلا أسوار !

image

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله,,,

كان حديثنا في المقال السابق عن فني الالكترونيات صاحب "وظيفة على الرصيف" كمثال لفني محترف. لقد شغلتني احترافية العمالة هنا منذ عدة سنوات، ما دفعني لمزيد من البحث والاستقصاء لما يقف خلف هذه الاحترافية. هل هو نظام التعليم العام الذي يعد أفضل أنظمة التعليم في العالم حسب تصنيف الأمم المتحدة 2008 ؟ أم أن هذا التميز هو نتاج لتداخله مع قطاعات التعليم الأخرى: التعليم الجامعي والتدريب المهني؟

بعد بحث في مواقع الجهات المهتمة و عدد من المقابلات مع أولياء أمور طلاب المرحلة الثانوية مع احتكاك مباشر بهذه الأنظمة، فأنا في الجامعة وزوجتي في معهد تدريب مهني "TAFE" وابني في المدرسة وابنتي في الحضانة. لذا أزعم أني خرجت بتصور جيد عن طريقة توجيه الطلاب إلى تخصصاتهم أو بعبارة أدق: كيف يتم اكتشاف ميولهم وتكريسه للوصول بالطالب إلى معرفة التخصص الذي سيخدم مجتمعه من خلاله في الوقت الذي يحقق فيه ذاته أيضا.

هذه البرامج متداخلة بطريقة تكاملية توضح أن هناك جهة عليا تنسق لهذا التداخل التكاملي. سأعرض هنا أمثلة محدودة - لضيق المساحة - للبرامج التي تقام لمعرفة ميول الطالب ومن ثم تكريس هذا الميول من خلا تدريسه ما يطور ذلك الميول ويصقله. هناك مادتين إجباريتين لجميع الطلاب خلال مراحل الدراسة المختلفة وهي الرياضيات واللغة وهي مصممة بمستويات متفاوته لتكون مفيدة للطالب أيا كانت قدراته وإمكاناته العقلية، أما بقية المواد فتحرص إدارة المدرسة أن يمر الطالب على أكثرها بواقع مادتين في الفصل الدراسي الذي يستمر لشهرين (4 فصول في السنة)، ثم ينتقل إلى غيرها إلى أن يمر على أكثر التخصصات. في السنة العاشرة (أول ثانوي) يفترض أن الطالب قد وصل إلى قناعة بالاتجاه العام الذي يعتقد انه سيقضي بقية عمره فيه فيركز على مجال معين سواء كان علميا أو فنيا أو أدبيا أو تاريخيا...الخ هذا التركيز يتم بالتزامن مع البرامج التي تقيمها مراكز التدريب المهني "TAFE" و الجامعات.

هنا أتذكر مشاركاتي في برنامج تشجيع طلاب المرحلة الثانوية لدراسة العلوم الهندسية والذي ينظم بشكل سنوي من قبل جامعة جريفث بالتنسيق مع إدارة التعليم في المدينة. يستهدف هذا البرنامج طلاب الصف التاسع والعاشر (ثالث متوسط وأول ثانوي) لتحفيزهم على اختيار التخصصات الهندسية ويتم عمل مسابقة على مستوى المدينة ثم الولاية ثم على مستوى الدولة بين المتميزين من مخرجات هذا البرنامج.

يتم عمل مسابقات مصممة باحترافية عالية وبإشراف أعضاء هيئة التدريس بكلية الهندسة كمشرفين "متطوعين" وتركز هذه المسابقات على تعويد الطلاب على التفكير المنطقي وتوظيف القوانين الهندسية في تصميم مشاريعهم بمواد بسيطة توفر لهم مع شرح مبسط عن ما يمكن أن يتم انجازه والنظرية العلمية التي تسند ذلك، من ضمن تلك المسابقات تصميم قوارب ورقية وتصميم جسر خشبي وتصميم توزيع شبكة كهرباء لمدينة صغيرة وغيرها من الأفكار الهندسية.

الموضوع لا ينتهي عند المسابقة التي يتخللها فترات حرة للاحتكاك بالمختصين، بل يتبعها تواصل مع الطلاب المتميزين الذين يظهِرون تفوقا في قدراتهم، وبالتنسيق مع مدارسهم و أولياء أمورهم يكرس اهتمامهم بالجانب الهندسي ويتلقى الطالب حفاوة من الجامعة من خلال مقابلة باحثين كبار في المجال الهندسي كما يبدأ الطالب من السنة الحادي عشرة أو الثانية عشرة (ثالث ثانوي) في حضور محاضرات حقيقية مع طلاب السنة الأولى بالجامعة بشكل أسبوعي وبهذا ينبني لديه حب ومعرف للتخصص.

حين أتحدث عن تجربتي مع التخصصات الهندسية فكلي يقين بوجود برامج مشابهة للتخصصات الأخرى وقد اخبرني احد الآباء أن ابنته تذهب لحضور المرافعات القضائية في المحكمة بشكل أسبوعي مع أنها لا تزال في الصف الحادي عشر حيث أنها ترغب في دراسة القانون في المرحلة الجامعية. هناك برنامج آخر تقيمه الجامعات بشكل دوري وهو اليوم المفتوح والذي يستهدف طلاب المرحلة المتوسطة والثانوية الذين يأتون مع آبائهم لمناقشة التخصصات المستقبلية التي يودون الالتحاق بها، أضف إلى ذلك أن الجامعات مفتوحة أمام من شاء لزيارتها في أي وقت، فلا يوجد أسوار ولا بوابات تعزلها عن المجتمع وتعزل المجتمع عنها.

أما صاحبنا "فني الالكترونيات" فقد بدأ حضور دورات تدريبية في معهد التدريب المهني "TAFE" منذ كان في المرحلة الثانوية بل كان يفرغ يومين من المدرسة لتلقي تلك الدورات مما جعله يلتحق بدورة مكثفة بمجرد انتهائه من المرحلة الثانوية ليبدأ حياته المهنية المتوائمة مع ميوله الطبيعي. لقد لفت نظري حين زيارتي لمعهد التدريب المهني "TAFE" طالبين في المرحلة الثانوية يقومان بطلاء جدران المعهد ضمن برنامجهم التدريبي ! كما توجد في معاهد التدريب المهني "TAFE" برامج للمكنيكا و النجارة و التجميل ورياض الأطفال و السكرتارية وخلافها من المهن التي يحتاجها المجتمع وجميعها تحرص على اجتذاب الطلاب المحبين لهذا المجال.

لعلك عزيزي القارئ تتساءل: ما الذي يدفع الجامعات ومعاهد التدريب المهني لبذل كل هذا الجهد في استقطاب طلاب المرحلة الثانوية؟ آمل أن تجد الإجابة في المقال القادم إن يسر الله.


* رابط المقال كما نُشر في سبق


مواضيع أخترتها لك:

الأحد، أبريل 11، 2010

وظيفة على الرصيف

image بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله,,,

ذهبت قبل فترة لأحد محلات بيع مستلزمات السيارات لشراء مشغل وسائط "مسجل" لسيارتي يتوافق مع جهاز الآي فون، وعند شرائي للجهاز سألت عن الوسيلة المناسبة لتركيبة فأعطوني كرت لشخص متخصص في هذا الشأن وقد كان هناك مجموعة من الكروت لنفس الشخص في الجناح المخصص لمسجلات السيارات.

قمت بالاتصال وبعد محادثة بسيطة عن نوع سيارتي ونوع الجهاز، عرض علي المتحدث عدة خيارات: فإما أن يأتي لمنزلي أو آتيه لمنزله أو نتقابل في أي مكان يناسبني حسب المواعيد المتوفرة لديه حيث كان لديه العديد من المواعيد المسبقة.

اتفقنا أن يأتيني في الثالثة والنصف عصرا مقابل سكني، وقد كان. قابلت شاب في نهاية العقد الثالث من عمره جاء بسيارة حديثة ملصق عليها لوحات دعائية عن النشاط الذي يزاوله. قام بتركيب الجهاز باحترافية عالية تدل على تمرس في العمل وقد استخدم العديد من الأدوات التي يظهر أنها كلفته الكثير، فالعدة التي توجد في سيارته تتجاوز قيمتها الـ 5 آلاف دولار كما اخبرني.

سألته عن عمله الرئيسي فاخبرني بأن هذا هو عمله الذي يحبه ويكسب منه دخلا مميزا، وهو عمل مرخص يحق له الدعاية له، حيث أنه يدفع الضرائب وبالتالي يحق له ممارسة العمل بشكل نظامي بل يحصل على دعم لشراء معداته (ولعلي أقف مستقبلا مع طريقة استخدام خدمة استرداد الضرائب لرفع جودة العمل).

هذا شاب هاوي طور هوايته لتصبح "وظيفة على الرصيف" تدر عليه دخلا، فما عليه سوى توزيع كرته على الجهات المهتمة بنشاطه ليصل إليه الزبون أو يصل هو للزبون. بدأ صاحبنا التدريب على هذه المهنة من خلال معاهد التدريب المهني بشكل جزئي وهو في المرحلة الثانوية حيث كان يفرغ يومين في الأسبوع للذهاب للتدريب. كما اتبعها بدورة مكثفة لمدة عام بعد انتهائه من المرحلة الثانوية ليصبح بعدها مرخصا لمزاولة هذه المهنة.

هناك العديد من المهن التي تمارس بنفس الطريقة (وظيفة على الرصيف او في كراج المنزل) ليستفيد مقدم الخدمة والمحتاج لهذه الخدمة بطريقة مريحة وعملية ورخيصة نسبيا ففي معظم المراكز الكبرى المتخصص في بيع الأدوات المنزلية و خلافها تجد العديد من معلومات الاتصال بمن يستطيع أن يقدم لك خدمة أنت في أمس الحاجة لها كالنقل أو التركيب أو الصيانة. فمحلات الأقمشة مثلا توزع أرقام الخياطين العاملين من بيوتهم. كما تجد رقم لمتخصص في تنجيد السيارات وآخر لسباك وثاني لنجار، كما يمكن أن تصل إليهم من خلال البحث في أدلة الهاتف أو مواقع الانترنت وستجد شخصا في مكان قريب منك يقدم الخدمة بطريقة احترافية واقتصادية فيفيد ويستفيد.

أتذكر هنا كثيرا من شبابنا أصحاب الهوايات التي يحتاجها المجتمع كالتعامل مع الالكترونيات وشبكات الكمبيوتر وصيانة الأجهزة والخط الجميل او الرسم وغيرها من المواهب. غير أن هذه الهوايات أهملت فاضمحلت بعد أن انشغل عنها صاحبها بالبحث عن وظيفة مكتبية أو عمل متدني الأجر لا يحتاج أي نوع من الإبداع أوالمهارة.

إن هؤلاء الهواة بحاجة لمن يهيئ لهم سبل العيش الكريم من خلال تشجيعهم على خدمت أنفسهم ومجتمعهم. نريد أن نقول لهم إبقوا حيث انتم، في قراكم أوأحيائكم وما عليكم سوى تعزيز هذه الهواية بشيء من التدريب العلمي العملي لتحصلوا على شهادة مزاولة المهنة وبعد ذلك يمكنكم الوصول إلى زبائنكم كما سنساعد زبائنكم في الوصول إليكم.

أنتظر ذلك اليوم الذي يقوم فيه أبناء البلد بخدمة بعضهم بعضا كل بما يتقنه دون أن يجد احدهم غضاضة في التعريف بنفسه وبمهنته التي يعتز بها فالمجتمع محتاج للتقني كما هو محتاج للطبيب والمهندس والمدرس وأصحاب التخصصات الأخرى. انتظر ذلك اليوم الذي نعزز فيه شرف المهنة والفخر للانتساب لها أيا كانت وهنا أتذكر قول احد عمال النظافة في ناسا حين سألوه، ما هو عملك؟ فقال: بكل فخر "أساهم في عملية إطلاق الصواريخ".


*المقال كما نُشر في سبق


مواضيع إخترتها لك:

الثلاثاء، أبريل 06، 2010

وجدت كنزاً iTunes U

image

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله,,,

يعيش العالم انفجارا معلوماتيا يفوق التصور وقد وقعت على كنز من كنوز المعرفة احسبه يفتح بوابة للعلم أمام طلاب العلم خصوصا إذا كان عارفا باللغة الانجليزية . ما عليك سوى تحميل برنامج iTunes بعدها شاهد المقطع الذي ارفقته لك في هذه التدوينة ثم استمتع بالسباحة او التحليق في عالم من المعرفة. مع ملاحظة ان هذا البرنامج يعمل على جميع أجهزة الكمبيوتر وليس اجهزة ابل فقط كما قد يظن البعض، كما ان المحاضرات يمكن تشغيلها على اي مشغل للوسائط.

كبريات الجامعات العالمية توفر تسجيلا صوتيا ومرئيا لمحاضراتها التي تلقى في قاعات الدراسة. الآن بإمكانك دراسة الموضوع الذي تشعر بالحاجة للإلمام به بطريقة منهجية عملية فلا تبخل على نفسك. يمكنك البحث عن اي موضوع تحبه او تصفح بوابات الجامعات فهي مبوبة حسب التخصص.

هنا ارفق لك بعض روابط للمكتبات الصوتية المتوفرة على iTunes U لجامعات متميزة جدا:






أخي الكريم لا تنسني من دعوة بظهر الغيب...

السبت، أبريل 03، 2010

على نار هادية


بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله,,,

في نهاية العام الماضي كنت مدعوا لحضور ورشة عمل في المركز الإسلامي بقولد كوست وكان العنوان: "المسلمون في قولد كوست – ما بعد عشر سنوات"، يهدف البرنامج إلى تشخيص التحديات ووضع الخطط العملية للتعامل معها. بدأ التنسيق قبل أكثر من شهرين من الموعد المقترح، بصراحة حضرت ولدي شعور بان اللقاء سيكون شكليا يستمر لساعتين أو ثلاث بنقاشات غير منضبطة، غير أن الوضع كان مختلفا جدا.

لقد كان المكان معدا بشكل مميز مع جدول أعمال ليوم كامل أشبه ما يكون بمؤتمر علمي، وقد كان. قدم المتحدثون مادة علمية رصينة مصحوبة بمعلومات وإحصاءات حديثة، كانت العروض الثلاثة الأولى منها عن الماضي ثم كانت الثلاثة التالية عن تطلعات واحتياجات المستقبل. بعدها كان هناك ورشة عمل مقسمة لست مجموعات، كل مجموعة تدرس وتقدم توصيات للمحور الذي اختير لها مع مراعاة تناسب اهتمامات أعضاء المجموعة مع المحور المعطى لهم. كانت المحاور شاملة لأكثر الأمور حاجة للنقاش واتخاذ التوصيات وهي (البنية التحتية – التعليم والتدريب – التمويل – المسلمون الجدد – المرأة والطفل – احتياجات الطلاب الأجانب).

كما أسلفت الاجتماع كان احترافيا بدرجة كبيرة مع جودة في التخطيط والعرض والتوصيات التي خرج بها بل حتى احتياجات الطلاب الأجانب لم يهملوها ! وقد أكملوا الدائرة باجتماع في الأسبوع الماضي لمتابعة سير الأمور التي تم الاتفاق على القيام بها وتقديم دراسة معمقة لبعض الأمور التي لم تكن واضحة حينها.

أنتقل بك الآن عزيزي القارئ لبرنامج من نوع آخر، هو مهرجان جمع التبرعات لمنكوبي الزلزال الذي حصل في إندونيسيا نهاية العام الماضي. لقد سبق إقامة البرنامج حملة دعائية مميزة وقد كان المكان في مدينة برزبن عاصمة الولاية وهو معد لحضور ستة آلاف شخص مع رسم دخول دولارين فقط. سيجد الزائر العديد من الأجنحة لمؤسسات و مراكز إسلامية أقامت محلات لبيع الأطعمة والملابس بالإضافة لمنطقة كبيرة أشبه ما تكون بمدينة العاب وضعت بطريقة احترافية. هذه الترتيبات تجعل الأسرة التي تحضر تقضي وقت جميل في مهرجان احترافي لبيع الأطعمة والملابس ومدينة ألعاب للأطفال مع برنامج ثقافي مصاحب. اشرف على تنظيم هذا المهرجان المراكز الإسلامية بالولاية بالتعاون مع مؤسسات خيرية استرالية وبلدية المدينة ووسائل الإعلام المحلي مما جعل العائد من هذه البرامج عائدا مميزا خصوصا إذا ما علما أن معظم المهام أنجزت من قبل متطوعين.

هذين الحدثين يبرزان كيف أن البيئة لها أثر باديٍ على تلك المناشط النوعية التي تقوم بها الجالية المسلمة، فبدون مبالغة هي لا تقل في احترافيتها عن أي منشط يقام هنا. لنتذكر هنا أن أبناء الجالية هم مهاجرون من مجتمعات اقل تنظيما في الغالب، اللافت للنظر هنا أن قادة هذه البرامج بل وغالبية المتحمسين لها هم من المسلمين الذين مر على وجودهم زمن طويل في هذه البيئة بل بعضهم ولد هنا أو من المسلمين الجدد، مع عزوف واضح لدى المهاجرين الجدد وخصوصا العرب عن حضور فضلا عن قيادة مثل تلك البرامج.

هذا يعطينا دلالة واضحة على أن وجود هؤلاء المسلمين في بيئة تعتمد التخطيط الاستراتيجي والعمل المؤسسي المنظم قد سهل عليهم اكتساب هذه الثقافة من خلال تجربتهم اليومية في مؤسساتهم التي يعملون بها لتصبح جزء من شخصياتهم بل و يمارسوها واقعا في تشغيل مؤسساتهم الدينية وتنظيم برامجهم الاجتماعية. إن إدارة المراكز الإسلامية مثلا تتم من خلال مجلس منتخب يقدم خدمات مجانية كما يفرض النظام الاسترالي على كل الجهات الخيرية، مع تميز في البذل والعطاء يقف الواحد احتراما لتفانيهم فيه وإتقانهم له.

إن التفكير الإستراتيجي والعمل الجماعي المنظم وما شابهها عبارة عن ثقافة مجتمعية أكثر من كونها أنظمة وطرائق إدارية يتم نقلها من مجتمع لآخر، وما هو مقرر لدي من خلال تخصصي أن النواحي الثقافية تحتاج لبيئة مواتية مع زمن كفيل باكتسابها وهذا ما تحقق بالنسبة لإخواننا المسلمين هنا فقد تشربوا الثقافة "على نار هادية" كما يقال.

سؤالي لنفسي ولكل مبتعث هو: هل سنكتسب هذه الثقافات الإيجابية وننقلها معنا؟

أختم بالتنبيه إلى أنه مع وجودنا في بيئة مواتية إلا أننا بحاجة لمضاعفة الجهد لتقليص الزمن اللازم لاكتساب الثقافة، فالجهد الواعي الموجه يسرع من عملية التغيير، "على نار هادية" ولكنها مركزة.

* رابط المقال كما نُشر في سبق

مواضيع أخترتها لك: