الخميس، ديسمبر 30، 2010

حكومة الأقليات

image

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله,,,

في يوم الأربعاء 3/11/2010 م كنت مدعوا لحضور ندوة عن مستقبل حكومة الأقليات والتي كان على هامشها حفلا لتكريم رئيس جامعة جريفث السابق (رئيس جامعة ملبورن الحالي) البرفسور جلين ديفس حيث أُعلن في ذلك اليوم عن تسمية أحد مباني الجامعة باسمه .

وهنا لا أدري أيهما الأصل: الندوة أم التكريم، حيث أن الندوة عقدت عقب إعلان نتائج الإنتخابات البرلمانية في استراليا والتي أسفرت عن عدم تمكن أي حزب من الفوز باغلبية تتيح له تشكيل الحكومة منفردا مما أنتج حكومة إئتلاف.

أما تسمة المبنى فقد سبق أن وافق عليها مجلس الجامعة في بداية العام ولعلهم كان يتحينون وقتا مناسبا لدعوة المحتفى به كمتحدث رئيسي في مثل هذه الندوة حيث أنه مختص في المجالي السياسي كما هو مبين في اللوحة التذكارية التي وضعت بهذه المناسبة.

image

كان عنوان الندوة: "حكومات الأقلية والسلطة البرلمانية: نموذج جديد أم استمرار للوضع الحالي".

كان المتحدثون الرئيسيون أربعة منهم المحتفى به و رئيس برلمان كوينزلاند السابق وين قوس وناشِطيَنِ سياسيين كما أدار الندوة رئيس مركز أبحاث السياسة والأنظمة العامة بالجامعة البرفسور باتريك ويلر.

الحضور هم من قادة العمل السياسي وبمشاركة رئيسة جامعة آر إم آي تي البرفسورة مارغريت غاردنر (زوجة المحتفى به) وعدد من البرلمانيين بالإضافة لأعضاء مجلس جامعة جريفث وكبار التنفيذيين في الجامعة.

تحولت المناسبة من تشريف لمدير الجامعة السابق إلى نقاش عن المستقبل السياسي للبلد ولم يخلو من الحديث عن الديمقراطيات المشابهة خصوصا في أمريكا الشمالية والمملكة المتحدة. و لعل من نافلة القول هنا الحديث عن الجرأة في الطرح وارتفاع سقف الحرية في النقد في مزج واضح بين الأكاديمية والواقعية سواء من خلال المتحدثين أو من خلال المداخلات التي قاربت وقت المتحدثين.

كان مما راق لي بعض العبارات التي كتبتها في حينها على صفحتي في الفيس بوك:

  • الناس فقدت الثقة في السياسيين والإعلاميين، فالناس تبحث عن نتائج لا عن وعود.
  • كتاب الأعمدة الصحفية مؤدلجين ومن الأفضل عدم القراءة لهم.
  • الديمقراطيات العتيقة تعاني من صراع الأقليات (الأحزاب) داخلها كما هو الحال في بريطانيا وكندا ونيوزلندا واستراليا.
  • إسم باراك أوباما الاكثر تكرارا في الندوة.
  • بالنسبة لوضع الحكومة بعد توزعها كحكومة أقليات بين الاحزاب، يعتقدون ان القرارات ستواجه صعوبة قبل أن ترى النور لكنها ستكون أكثر نضجا.

بعد انتهاء الندوة تم إزاحة الستار عن اللوحة التذكارية اعقبها كلمة بسيطة للمحتفى به شكر فيها الجامعة ثم انتقل الحضور لتناول وجبة خفيفة جداً وقوفا كما هي العادة في مثل هذه اللقاءات ثم جولة سريعة على المبنى.

كانت تجربة جميلة بامتزاج الوسط السياسي بالأكاديمي في استراليا أحببت أن أشاركك جزء منها عزيزي القارئ فلا تنسانا من دعائك.


مواضيع أخترتها لك:

الثلاثاء، ديسمبر 28، 2010

إلى اللقاء أستاذي د. هشام الصغير

image

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله,,,

أستاذي الفاضل وأخي الكبير د. هشام بن محمد الأمين الصغير الشنقيطي الإدريسي حفظه الله ورعاه...

أحمد إليك الله جلت قدرته الذي منَّ عليك ببلوغ هدفك واسأله بمنه وكرمه أن يديم عليك نعمه وتوفيقه وأن يجمع لك بين رِفعة الدنيا والآخرة.

أستاذي المبارك... أحسب أنك نبتة طيبة من شجرة مباركة أصلها ثابت وفرعا في السماء، تؤتي أكلها كل حين بإذن ربها… يشهد لذلك فضلك الممتد لكل من عرفك فقد كنت وما زلت خير عون لإخوانك، باذلاً لوقتك وجهدك ومعمِلاً لعقلك في مشاركتهم بما من الله به عليك من تجربةٍ ثرية وعقلٍ نَير وقلبٍ مُحب.

لئن كانت الغربة قد أتاحت لي فرصة قيمة للتعرف على العديد من النبلاء فهنا أقول وبدون تردد أنك على راس قائمة النبلاء الذين شرفت بمعرفتهم في الغربة. أخي لقد شرفت حقا بمعرفت وأنِستُ بقربك ومجورتك فتعلمت منك الكثير والكثير فلك مني خالص الوفاء وصادق الدعاء.

أستاذي وأنا ابارك لك وأهنئك بجمال الإنجاز إسمح لي أن أهمس في أذنك: أن الطريق أمامك طويل والوطن ينتظرك لتسهم في بناءه بل وصناعة مستقبله. الله الله في التوكل على الله والبذل والعطاء كما هي عادتك وأجعل الله نصب عينيك وأحسن الظن به وكن "منقادا له بلطائف الإحسان حتى لا يسوقك اليه بسلاسل الامتحان" كما كنت توصينا دوما.

أختم بعبارات أحفظها منذ سنين ولا أعرف قائلها:

"مهما طال حلو اللقاء، فلابد من مر الفراق، لتبقى الذكريات الجميلة خالدة لا يمحوها طول الزمن ولو بممحاة، قلوبنا مجتمعة وإن تفرقت الأبدان....

شمس الأصيل تمد كف مودع وغدا بأنفاس اللقاء ستشرق

تتفرق الأجساد يوم وداعنا وقلوبنا والله لا تتفرق"

أخوك

حسن بن شوقي جعبور الحازمي

قولدكوست – استراليا


مواضيع إخترتها لك:

أرجوك حافظ عليه يا بني…

image

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله,,,

كنت أمشي مع ابني المعتصم في مكان عام هنا في استراليا، وكان هناك شخص يمشي في الاتجاه المعاكس لنا. كان غريب الشكل بما وضع على جسمه.

لاحظت شيء من الاشمئزاز على وجه المعتصم لكن ذلك الاشمئزاز لم يدم طويلا بل استدرك قائلا:

"We should not judge the other people by their face

They may have soft hearts"

ومعنى هذه العبارة بالعربية:

"من المفترض أن لا نحكم على الآخرين من خلال أشكالهم، فلعل لهم قلوب طيبة"

هذه العبارة أصابتني بالدهشة لهذه القيمة الجميلة التي لا يعرفها ابني باللغة العربية لأني لم أزرعها فيه وهو لا يتحدث معي باللغة الانجليزية إلا في الأمور التي يتعلمها في المدرسة فيكون غير متأكد من مرادفاتها في اللغة العربية.

بعد تأمل لمعناها استرجعت حديث أبي هريرة رضي الله عنه حين قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : "إن الله لا ينظر إلى صوركم ولا أموالكم ولكن ينظر إلى قلوبكم وأعمالكم " رواه مسلم.

في حادثة أخرى كنت في حوار مع أحد التنفيذيين في الجامعة عن معنى مشابه فذكر لي قصة مفادها أن حفيده "جاك" كان يحدثهم كثيرا عن زميل له اسمه "وليم" فطلب منه ان يستضيفه، وحين قدم الطفلان قال له جده لم تقل لنا أن صديقك أسود !، حيث أن "وليم" من أصول إفريقية فكان رد الطفل "جاك" العفوي "وهل هو كذلك !"

إن "جاك" لم يسأل نفسه يوما ما من أي خلفية ومن أي عرق "وليم" بل لم يهمه لونه فهو يصادق من يستلطف من زملائه بغظ النظر عن أعراقهم. هذه العبارة كانت صدمة لذلك الجد حيث قال لي: "إن الأطفال يولدون دون تعصب لكننا نحن الكبار من نعقدهم من خلال تصنيفاتنا التي ننقلها لهم".

بالضبط كما قلت انا عند سماع إبني "ليت لي مثل صفائك" قال هو عند سماع حفيده "كيف أزيل ما تراكم في باطني من عنصرية".

إن الأطفال حقا يولدون بلا عنصرية فلا يكرهون البدو إن كانوا حضرا ولا العكس لا يكرهون السود إن كانوا بيضا ولا العكس إنهم لا يملكون كثيرا من مُرشِحاتنا (فلاترنا) الإثنية و الأيدلوجية والمناطقية والإقتصادية.

إنه الصفاء الذي لا يحتاج إلى مُرشِحات، فكل هذه المُرشِحات نحن من يغرسها في عقول اطفالنا فننقل لهم امراضنا مع سبق الإصرار والترصد.

بني… أرجوك اسمع مني هذه الوصية:

"ارجوك أن تحافظ على صفائك"


مواضيع أخترتها لك:

الخميس، ديسمبر 16، 2010

لن أترك قبعتي …

image

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله,,,

في يوم السبت، العاشر من شهر الله المحرم لعام 1426هـ الموافق 19 فبراير 2005 م كانت رحلتي من الرياض الى استرااليا مرورا بماليزيا....يا الله لقد إنقضت ست سنوات منذ ذلك التاريخ.

ست سنوات انقضت بحلوها وحلوها..... فالحمد لله على نِعمه وفضله فهو المحسن المتفضل أبرأ إليه من حولي وقوتي وألجأ إلى حوله وقوته فهو المستعان وعليه التكلان، وأساله بعظيم فضله وواسع مغفرته أن يتقبل ما فيها من خير وإن قل، وأن يتجاوز عما فيها من خطأ وتقصير وإن عظُم.

لو سألني سائل ما أهم ما تعلمت في هذه الرحلة الممتدة لسنوات ست، لاختصرتها بهاتين العبارتين:

لقد تعلمت كيف اتعلم، لقد أصبحت تلميذاً في مدرسة الحياة

أحد الإخوة سالني وهو يبارك لي قائلاً: بكل صراحة هل آن لك أن تستبدل قبعة الطالب بقبعة المعلم بعد الحصول على درجة الدكتوراه؟

قلت له: كيف تريد مني أن أفرط في أغلى ما تعلمت، إني عاشق لدور التلميذ بل مدمن له، لقد تعودت على قبعة المتعلم ولن أقبل التخلي عنها فهي تحقق لي النمو الحقيقي وتجعل للحياة طعما متجددا.

“لن أترك قبعتي”

بادرني قائلا: لكن ماذا عن العمل والعطاء؟ هل ستظل متلقيا إلى ما لا نهاية ؟ متى سترد الدين الذي كثيرا ما تحدثنا عنه؟ متى سترد دين الوطن الذي استثمر فيك؟

بالطبع سأحرص على رد هذا الدين بالعطاء بإذن الله ولكن سيكون مع العطاء تلقي مستمر - ما دام في العمر متسع - من خلال منهج يدعي فلاسفته الجدد أنه مبتكر وهو "التدريب أو التعليم على رأس العمل" أو كما هو متداول "On the job training - OJT" ويزعمون أنه مع عدد من المناهج الإدارية والتطويرية الحديثة تم ابتكارها وتطويرها في فترة الحرب العالمية الثانية، وأزعم هنا أنه منهج قديم ضارب في القدم، بل هو منهج التعليم الأول.

هذا المنهج قائم على التطوير المستمر للعمل بالخبرات المتراكمة والمحاولة والخطأ والمراقبة والاكتساب ويعظم الأثر ويرسخ مع وجود المدرب الماهر صاحب الخبرة الممتدة، أما حديثا فله طرائق ومناهج معدة يتزامن فيه التلقي بالتطبيق من خلال خطط وبرامج مدروسة.

منذ ثلاثة أعوام بالضبط كتبت سلسلة من ثلاثة مواضيع بعنوان عاشوراء ومعادلة التغيير وأعدت صياغتها في موضوع واحد قبل عامين هجريين في موضوع بعنوان معادلة التغيير.

أحسب أن هذه المعادلة ستسعفني اليوم لتظل قبعتي التي رسختها من خلال الزمن والوسط الجديد لأخرج بتغيير حقيقي أظل معه "تلميذاً في مدرسة الحياة".

إن قصة موسى عليه السلام - المرتبطة بصيام عاشوراء و المتكررة في القران الكريم - تعرضه لنا دائما في موقف المعلم و المتعلم على رأس العمل: نجده متعلما على راس العمل في رحلته الى مدين ثم معلما لأخيه هارون ثم لفتاه يوشع بن نون عليهم السلام.

بل إنه في اللحظة التي اعتقد فيها أنه قد بلغ في العلم مداه أعاده الله ليكون متعلما على يد الخضر عليهما السلام وكان فتاه يوشع رفيقه في الرحلة إلى مجمع البحرين، ليكون يوشع بن نون عليه السلام نبيا فيما بعد ثم يكون المخلص لبني اسرائيل من مرحلة التيه.

إن رسالتي لمرحلة الدكتوراه تكرس هذا المعنى فهي في مجملها تتحدث عن الأساليب المثلى لتبادل الخبرات ونشر المعرفة بطرق متوائمة مع ثقافتنا الملحلية، وبإذن الله ساسعى جاهد لتطبيق ما تعلمت ومشاركته مع الآخرين.

لقد تعلمت أن الحصول على الشهادة هو مجرد بداية في الحياة العلمية قبل العملية فما يزال ميدان المعرفة رحب ومتسع لكل من يريد المزيد واسأل الله أن نكون جميعا ممن لا يشبع من المعرفة.... لنستحق بحق لقب "طالب علم".

إن الحصول على أي شهادة مهما علت هو مجرد نهاية مرحلة يستوجب أن تتبعها مراحل من التطبيق لما تعلمناه ثم الاستزادة من معين المعرفة الذي لا ينضب. ولعل عاشوراء يذكرنا دوما بأهمية الحفاظ على هذه القبعة الذهبية، كما أنه ياتينا في بداية كل عام هجري يجعلنا نحاسب أنفسنا على ما فات ونخطط لما هو قادم مستعينين بالله عز وجل، أسأل الله أن ييسر لنا جميعا أن نظل دوما "تلاميذ في مدرسة الحياة" عسى الله ان ييسر لنا تعلم ما ينفعنا وينفع بنا.

أختم بعد شكر الله بشكرٍ من الأعماق لكل من شاركني فرحة الإنجاز والله أسأل أن يستعملنا جميعا فيما يرضيه عنا ويقربنا منه سبحانه وتعالى إنه جواد كريم.


مواضيع أخترتها لك: