الثلاثاء، يناير 25، 2011

حصاد المجلس

image

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله,,,

في يوم الجمعة 20/10/1430 هـ الموافق 9/10/2009 م كانت بداية الرحلة حين تم إعلان إنتخابي لعضوية مجلس جامعة جريفث ممثلا لطلاب الدراسات العليا لمدة عامين. خلال الأسبوعين التاليين لذلك اليوم تلقيت مئات الرسائل والإتصالات بدأت من الزملاء والأقارب ثم امتدت لتشمل عدد كبير من أساتذتي الفضلاء.

لم يقف الأمر عند هذا الحد بل إن الكرة تضخمت بشكل أثقل كاهلي وذلك بعد تهنئة رسمية من سعادة السفير ثم سعادة الملحق الثقافي السعودي في أستراليا ثم معالي مدير جامعة جازان توجتها برقية تهنئة من معالي وزير التعليم العالي ليظهر الخبر من وكالة الانباء السعودية يوم 4/11/1430 هـ ثم تناقلته غالبية الصحف الورقية والإلكترونية في المملكة بالاضافة لعدد كبير من المواقع.

أصدقكم القول أن الأسبوع الأول كان أسبوع فرح بمن فرحوا لي بحكم المعرفة الشخصية، أما بعد أن زاد مستوى ونوعية التهنئة فقد انقلب ذلك الفرح إلى شعور بثقل المسؤولية فهذه التهنئة لم أكن مستحقا لها في نظري فالفضل لله أولاً ثم لزملائي الذين أوصلوني لهذا المقعد بأصواتهم وهم من يستحق التهنئة ولم أكن أرى في ذلك أي إنجاز شخصي - وإن كنت متطلعا لفائدته - بل هو نتيجة لعمل جماعي. في إحدى ليالي ذلك الأسبوع المُتِعب وصلت حد البكاء وأنا أتحدث مع عدد من الزملاء وما ذاك إلا لشعوري العميق بأني لم أكن مستحقا لكل هذا الإحتفاء.

عقدت العزم على أن أكون عند حُسن ظن كل أولئك بحسن التمثيل لزملائي المبتعثين ثم لديني ووطني وجامعتي فعزمت على تقليص كل التزاماتي الجانبية ولم أُبقي سوى التزاماتي الدراسية لأتمكن من تسليم بحثي في الوقت المحدد خصوصا أن مشرفي قرر أن يترك الجامعة منتصف عام 2010 م ولأجل غير مسمى حينها.

منذ الاجتماع التحضيري لعضوية المجلس سألتني رئيسة المجلس ماذا تعتقد أنك ستقدم للمجلس؟ و ماذا تريد أن تأخذ منه؟ كانت إجابتي واضحة ومختصر: أريد إيصال صوت زملائي وأتمنى أن أدخل في تفاصيل إدارة هذه المؤسسة الضخمة لأخرج بتجربة تفيدني وتفيد وطني.

منذ ذلك اليوم لم أعتذر عن أي دعوة وُجِهت إليَّ إلا ما ندر، فكعضو بمجلس الجامعة أتلقى دعوة لأي نشاط كبير في الجامعة كما أتلقى معاملة خاصة من الناحية التشريفية فالصفة الاعتبارية لأعضاء المجلس تفوق الصفة الاعتبارية لوكلاء الجامعة. ومما جعل حضوري ملفتا أن أعضاء المجلس لا يحضرون كثيرا من تلك المناسبات لارتباطهم بالتزامات أخرى فغالبيتهم من أصحاب المراكز القيادية وهم أعضاء في عدد من المجالس والهيئات مما يجعل من الصعب عليهم تلبية الدعوات الكثيرة التي يتلقونها فيقتصروا على ما يلزم حضوره، كما يبدو أن من سبقني من الطلاب في المجلس كانوا يخجلون من الحضور.

هذا التواجد المكثف عرَّفني على قيادات الجامعة فكسبت ثقة رئيسة المجلس ومدير الجامعة في وقت قصير مما ترتب عليه معاملة خاصة جدا كان فيها تجاوز لعدد من الأنظمة لما لمسوه من حرص لدي على التعلم فمن غير المسموح لأعضاء مجلس الجامعة مناقشة الأمور بشكل مباشر مع الأشخاص التنفيذيين في الجامعة بل يجب أن يكون ذلك من خلال المجلس. لقد تم استثنائي من ذلك فالتقيت لعدة مرات وبشكل ثنائي بعدد من المسؤولين في الجامعة منهم وكيل الجامعة للبحث العلمي و مساعد مدير الجامعة للشؤون الدولية ورئيسة معاهد اللغة ونتج عن تلك الاجتماعات دراستين متكاملتين الأولى عن وضع طلاب الدراسات العليا عموما والثانية عن وضع الطلاب الأجانب قام عليهما عدد كبير من الأشخاص قُدِمت فيما بعد لمجلس الجامعة وتم إقرار توصياتها لترى النور قريبا بإذن الله وهذا محاولة لرد جزء بسيط من الدَين لزملائي بايصال صوتهم.

كان آخر تلك اللقاءات مع مساعد مدير الجامعة للشؤون الدولية لتجهيز خطة عمل رسمية لإقامة حفل تخرج لجامعة جريفث في المملكة العربية السعودية في نهاية العام القادم يستطيع حضوره كل من تخرج من الجامعة إن يسر الله الحصول على موافقة الجهات الرسمية في المملكة حيث تم أخذ موافقة جامعة جريفث على ذلك.

في الاسابيع الأولى من عضويتي بالمجلس و بمبادرة وتفاعل عميد التطوير الأكاديمي المكلف د. عبدالله الحسين وبمباركة معالي مدير جامعة جازان تم عقد عدد من الاجتماعات مع مسؤول العلاقات الأكاديمية الدولية بجامعة جريفث لينتج عن ذلك التوقيع المبدئي لمذكرة تعاون مشترك بين جامعة جازان وجامعة جريفث يوم 11/2/1431هـ وذلك ضمن فعاليات المعرض الدولي للتعليم العالي الذي أقيم في الرياض.

لقد أتاحت لي عضوية المجلس لقاء العشرات من الشخصية القيادية في أستراليا خصوصا أثناء حضوري للمؤتمر السابع لحوكمة الجامعات الاسترالية والذي امتد ليومين حضر جلساته العشرات من أصحاب المعالي وقادة المجتمع الأسترالي. أما خلال اللقاءات والمناسبات التي تمت بجامعة جريفث فاتيحت لي فرصة اللقاء الشخصي والتعارف بشكل مباشر مع حاكمة أستراليا كونتن برايس "ممثلة الملكة" وأعلى شخصية اعتبارية في الدولة ورئيس وزراء استراليا الأسبق بوب هوك ورئيس الوزراء السابق وزير الخارجية الحالي كافن رود بالإضافة لعدد من الوزراء. أما وزراء الحكومة الملحلية ورؤساء الدوائر الحكومية وأعضاء البرلمان فتكررت لقائتي ببعضهم من خلال عدد من المناسبات. كما أتيحت لي مؤخرا فرصة حضور حفل اقيم على شرف معالي وزير الكهرباء والمياه السعودي حينما دُعيت كممثل للطلاب السعوديين بولاية كوينزلاند لحضور حفل العشاء الذي أقيم لمعاليه بمبنى البرلمان في مدينة برزبن.

تلك اللقاءات المتعددة أتاحت لي فرصة للتعريف ببلدي وبديني وببرنامج الابتعاث وبمدينتي وجامعتي وبثقافتنا عموما حسب ما يتاح فطبيعة لقاءات التنفيذيين لا يتجاوز عدد الحضور فيها الثلاثين في الغالب مع وجود هامش كبير للحديث عن أمور جانبية خصوصا في الجانب الثقافي كما أن راعي الحفل في عرفهم يجب عليه تعريف الحاضرين على بعضهم وقد سبق عرض أمثلة من هنا و هنا و هنا و هنا.

أما أعضاء مجلس الجامعة وقيادات الجامعة فقد عرفوني جيدا من خلال تواجدي المكثف حتى نلت لقب العضو الذهبي في المجلس كما ذكرت ذلك رئيسة المجلس في خطاب شكر توجهت به إلي بشكل رسمي في افتتاحية مجلس الجامعة لشهر أغسطس 2010م . ثم سُمِح لي كسابقة في الجامعة بحضور اجتماعات لجنة الرقابة والتدقيق ولجنة الشؤون المالية والتي لم يسبق أن حضرها أي طالب فنظام الجامعة يمنع ذلك فتم استثنائي بتوصية رئيسة المجلس وموافقة رؤساء تلك اللجان كما حضرت عدد من اللجان والاجتماعات المهمة الأخرى.

هذه التجربة الحافلة تُوِجت بفضل الله وتوفيقه بإشادة وشكر من رئيسة المجلس خلال الجلسة الختامية لعام 2010 م حيث ذكرت أن عضويتي بالمجلس كانت إضافة حقيقية للمجلس وأنني كنت العضو الأنشط في عام 2010 م كما وصلني خطاب رسمي تبارك فيه إجازة بحثي لمرحلة الدكتوراه وتشكرني باسم جامعة جريفث على ما قدمت خلال عضويتي بمجلس الجامعة.

عزيزي القارئ:

حاولت خلال الفترة الماضي إشراكك في تجربتي من خلال عدد من المقالات و المقابلات التي نشرتها هنا. و يعلم الله أن ترددت كثيرا في ذكر هذه التفاصيل وما ذكري لها إلا محاولة للوفاء بدين أثقلني خلال الفترة الماضية وأسال الله أن يكون فيما قدمت باسم زملائي ووطني ما يكون سدادا لجزء يسير من كرمهم معي، أحببت أن أعرض هذه الأمور بكل شفافية واختصار عرفانا بدور زملائي فلم أكن هناك إلا ممثلا لهم ومن حقهم علي أن أشركهم في تجربتي، ومن فضل الله علي أني أشركت عددا من زملائي في تجربتي من خلال المناقشة الدائمة وأخذ أرائهم وتوصيل تطلعاتهم لأصحاب القرار. هنا أحب أن اقول لهم أن في الوقت متسع لكثير من الأمور متى ما أحسنا إدارته وهذه دعوة لكل الزملائي للإنخراط في تجارب مشابهة فسيجنون منها الكثير من الخبرات والمعارف التي ستنعكس عليهم وعلى مجتمعاتهم بإذن الله.

أخيراً فقد تعودت أن أشارك من حولي بما أفكر به وبما يفرحني ويفرحهم، وما ذاك إلا من باب "وأما بنعمة ربك فحدث" و لا تزال نعمه عليَّ تترى سبحانه لا أحصي ثناء عليه أطعمني من جوع وآمنني من خوف وكساني من عُري فله الحمد والمنة والفضل من قبل ومن بعد هو المستعان وعليه التكلان وما توفيقي إلا بالله.


روابط اخترتها لك:

الثلاثاء، يناير 18، 2011

رحلة إغاثية في ريف ولاية كوينزلاند الأسترالية

image

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله,,,

السادسة والنصف من صباح يوم السبت 11/2/1432 هـ الموافق 15/1/2011 م إنطلقت من منزلي لأصل في الموعد المحدد إلى مسجد قولدكوست وحين وصولي وجدت المكان به قرابة الخمسين من الأخوة والأخوات بعضهم قدم من برزبن ويتضح من حجم من ترتيبهم للموقع أنهم تواجدوا منذ وقت مبكر.

كان هناك قرابة ٧ أطنان من الأغذية والمواد الصحية تم توزيعها في أكثر من الف حقيبة ثم وضِعت في الشاحنة في أقل من ساعتين نتيجة لخط الإنتاج الذي أعد بطريقة عملية جداً.

بعدها تحدثت عضوة مجلس المدينة (ممثلة المنطقة التي يتواجد بها المسجد) فوجهت الشكر للجالية المسلمة على جهودهم وطلبت في نهاية كلمتها ١٥ شخص للمشاركة في تحميل المواد التي تم إعدادها في مقر بلدية المدينة.

توجه إلى مقر بلدية المدينة ما يزيد عن خمسين من المسلمين رجالا ونساء وقد كان المقر مليء بالمواد الإغاثية والتي تم تحفيز المواطنين من خلال وسائل الاعلام للتبرع بها.

جميع ما في المقر من مواد تم تقديمه من خلال الأهالي وهي ليست كمية بسيطة بل تبلغ عشرات الأطنان و غالبية المواد هي مواد صحية لأهمية العناية بالصحة في أوقات الكوارث حتى لا تنتج أمراض وبائية.

بدلا من تحميل شاحنتين تم تحميل ثلاث شاحنات بعد أن تبرع رئيس الجمعية الإسلامية حسن قوز بها لنقل السلال والتي تم تجهيزها من نساء متطوعات خلال أربعة أيام من العمل المجهد فهناك في المقر ما لا يقل عن ٢٥٠٠ سلة وزن أكثرها يقارب العشرين كلجم، ولا يزال في المقر كميات كبيرة جداً من المواد المحتاجة للتوزيع في سلال وقد ساهم الأخوات المسلمات في التوزيع والتغليف.

تم تحميل الشاحنتين وأنصرف غالبية الشباب الذين كانوا يرغبون المشاركة في التوزيع إلا أن المسؤولة أخبرتنا بصعوبة الدخول للمناطق المنكوبة.

بعد ذلك توجهنا إلى المسجد للانطلاق من هناك و بعد عدد من الإتصالات مع المسؤلين تمت الموافقة على مرافقتنا للشاحنات والحمد لله.

في الحادي عشر والنصف انطلقت القافلة المكونة من عضوة مجلس المدينة وزوجها في سيارتهم تتبعهم الشاحنات الثلاث وفي مقدمتها الشاحنة التي يقودها حسن قوز وكنتُ برفقته مع المهندس فاضل وكان دليلا جيدا حيث أنه مهندس في إدارة الطرق وسبق له العمل في المنطقة التي قررننا توزيع المواد الإغاثية فيها وقد كان برفقتنا ما يزيد عن عشر سيارات تُقل عددا من الإخوة والأخوات.

إتجهنا إلى منطقة إب سويش احدى أكثر المناطق تضررا من الفيضانات وتوجهنا إلى مركز حي تم تحويله إلى نقطة تجميع للمواد الإغاثية ليتولوا تسليمها لمستحقيها المسجلين لديهم.

حين وصلنا قرابة الساعة الواحدة ظهرا شاهدنا عجبا من تعاون أهل المدينة وخصوصا النساء حيث يقدم كل منهن ما يستطيع فالمركز مليء بالملابس المستعملة التي تم فرزها حسب النوع والمقاس ليتم توزيعها على المحتاجين وقد قمنا بتنزيل نصف الحمولة وكانت حمولة الشاحنات قرابة الثلاثين طنا.

إنتقلنا إلى الموقع الآخر وكان دليلنا خبيرا بالمنطقة فسرنا في طريق يظهر على جانباته حجم الكارثة وفي الطريق توقفنا لصلاة الظهر والعصر في مسجد المنطقة وهو عبارة عن كنيسة قديمة حُولت إلى مسجد ومن محاسن الصدف أن فرش المسجد ومنبره هو لمسجدنا في قولدكوست حيث سبق التبرع به بعد أن تم تجديد تأثيث المسجد، لقد شعر العديد منا بشعور جميل خصوصا الإمام الذي ارتقى منبره القديم.

تعمقنا في المناطق المنكوبة وكانت السيول لا تزال متدفقة ومنسوب مياه الأنهار والجداول مرتفعة جداً وهي أشبه بسيول هائجة لمن يعرف ذلك المنظر وقد تذكرت آثار الدمار التي يتركها وادي بيش بمنطقة جازان حين فيضانه فقريتي الحبيبة “العشة” تقع على ضفاف ذلك الوادي الضخم وكثيرا ما هددها السيل وأحيانا يتجرأ فيدخل أزقتها وبعض بيوتها.

أضطررنا لايقاف السيارات الصغيرة لنجتاز أحد الأودية فركبنا مع المواد الإغاثية في صندوقي الشاحنتين التين سارتا معنا حيث أن الشاحنة الثالثة قد عادت أدراجها بعد أن فرغنا حمولتها.

بعد الثالثة عصرا بقليل وصلنا إلى المكان المستهدف للتوزيع وكانت الصالة الرياضية في تلك البلدة الصغيرة هي مركز لإيواء المنكوبين ومركزا لجمع التبرعات أيضا. كان جو المركز مشابها لما تابعناه في التلفاز حيث التفاني في الخدمة والابتسامة الطاغية هي سيدة الموقف حتى أننا لا نستطيع التميز بين المنكوب والمتطوع لخدمته، بل كنت اسأل نفسي هل نحن في مركز إيواء أم في مركز ترفيهي تقضي فيه مجموعة من الأسر وقتا جميلا !

الأمهات يدفعن أولادهن للمشاركة في المساعدة بحمل المواد التي جلبناها تدريبا لهم ولست أتحدث عن الأطفال المميزين فأولائك يعملون من تلقاء انفسهم بل أطفال تقل أعمارهم عن الرابعة !!

الرجال لا يوجد منهم إلى العاجزين أما الأصحاء منهم فقد رأيناهم على طول الطريق في كل منطقة منكوبة مررنا بها فهم يقومون بالأعمال المجهدة من إزاحة للمخلفات ومساعدة لفرق المواصلات في فتح الطرق أو الانخرط في عمليات البحث عن المفقودين.

في الطريق مررنا بعدد من فرق الطوارئ وهذه الفرق عادة مكونة من عدد من منسوبي الدفاع المدني أما البقية فمتطوعين متدربين سلفا على القيام بمهامهم وهم يحملون شهادات عملية في ذلك ويتلقون تدريبا تنشيطيا بشكل متكرر للاحتفاظ بصلاحية شهاداتهم التي تؤهلهم للتطوع في فرق الانقاذ كما أخبرني بذلك أحد المرافقين لنا.

كما أسلفت فإن ضمن القافلة بل صاحب فكرتها حسن قوز أحد أثرياء المدينة ومالك لشركة تبريد لديها عشرات الشاحنات وقد تبرع بثلاث منها لنقل المواد الإغاثية وكان بنفسه يسوق احداها ! كان معنا أيضا إمام المسجد وعدد من الاطباء و المهندسين ورجال الأعمال، كما أبلى الطلاب العرب بلاء حسنا في كل مراحل التجهيز ثم التوزيع لمحتويات القافلة.

الكل كان يعمل بكل جد لينتج عن ذلك قرابة ثلاثين طنا من المواد الإغاثية وصلت للمناطق المنكوبة دون أن تدفع فيها الحكومة سنتا واحدا بل هي من المجتمع وللمجتمع.

هذه شذرات لا تفي بما أختلج في الخاطر من أفكار و مشاعر، حاولت تصوير شيء مما يتكرر في أنحاء كوينزلاند من خلال إطلالة على الدائرة التي عملت من خلالها (المسلمين المتطوعين بولاية كوينزللاند) وكلي ثقة بأن هذا هو الحال في هذا المجتمع القوي بابناءه و عزيمتهم التي تجبر على الاحترام والتقدير بل هم مدرسة حقيقية تجعلنا ندرك معنى كلمة "مجتمع".

كنت حين أرى الرقابة التي يتعرض لها كبار الموظفين أحمد الله أني لست أحدهم لكني اليوم أشعر بأن قيادات هذا المجتمع يحق لها الفخر به وتحمل المتاعب في قيادته فمن يسمع الأخبار ويتابعها لا يجد تلاوما أو ترامي بالمسؤلية بل ارتصاص في الصف دون توظيف للمصائب لتحقيق المصالح الفردية، ومع ذلك فكلي يقين أن صوت المعارضة سيظهر وبكل قوة لتقيم الأوضاع ولكن بعد القيام بالواجب تجاه الحدث أيا كان السبب.

أخيرا ... أُذكِر أني أتحث عن مجتمع غربي ولست هنا في مكان تقييم كامل يتحدث عن الإيجابيات والسلبيات ويقيم الأخلاق والعقائد بل أنا طالب في هذه المدرسة وأحمد الله أن قدر لي خوض هذه التجربة في أيامي الاخيرة في هذا البلد الذي عشت فيه أياما جميلة توشك أن تنقضي.

من هنا تجد مقابلتي مع إذاعة SBS الأسترالية عن الفيضانات التي تجتاح الولاية وجهود المسلمين في المساعدة فيها.

ومن هنا تجد مجموعة من الصور التي أُلتقطت في الرحلة من الأخ عقيل حافظ فله كل الشكر.


إخترت لك:

مقابلتي على إذاعة SBS الأسترالية عن فيضانات كوينزلاند

image

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله,,,

تلقيت يوم الجمعة الماضي إتصالا هاتفيا من إلإذاعة الاسترالية SBS البرنامج العربي لإجراء مقابلة عن تفاعل الجالية المسلمة مع الفيضانات التي اجتاحت ولاية كوينزلاند.

اللقاء موجود على موقع الإذاعة الاسترالية وقد قدموا له بقولهم:

"الدكتور حسن الحازمي من جامعة غريفيث في كوينزلاند يكشف عن تدفق العرب الاستراليين للمشاركة في التطوع في أعمال التنظيف والإغاثة بعد فياضانات كوينزلاند، ومن ضمنها مساعدات قدمتها المساجد والمؤسسات الخيرية، وشملت أكثر من ألف وحدة غذائية قدمت للمناطق المتضررة من الفياضانات.

ويقول الدكتور الحازمي إنه يشعر بالاندهاش من كيفية استجابة المتطوعين لنداء المساعدة في هذه الكارثة التي سببتها الفياضانات"

فالحمد لله على توفيقه.

يمكنك الأستماع على الرابط أدناه:




روابط اخترتها لك:

الخميس، يناير 13، 2011

إشارات سريعة: فيضانات كوينزلاند…

image

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله,,,

أتابع أخبار الفيضانات التي تجتاح ولاية كوينزلاند كما يتابعها الكثير هنا في أستراليا وربما في أنحاء متفرق من هذا العالم المترابط.

أحاول هنا تسجيل إشارات سريعة لا يتسع المقام للتفصيل فيها، فقد جالت بخاطري أفكار عديدة في الأيام الماضية أثناء متابعتي لما يجري على أرض الواقع ومن خلال عدد من المشاهدات الشخصية والمواقف الميدانية.

لعل الشعار الرئيسي لهذه الإشارات هو:

"المجتمع المنظم والقوي هو من يصنع الدولة القوية و المتقدمة"

المجتمع الاسترالي مجتمع منظم تشرب ثقافة العمل التطوعي واستعد للكوارث رغم قلتها حتى أصبح يواجهها بكل اقتدار وكأنه يعيشها كل يوم.

هناك جيش من المختصين في الإغاثة، فالاحياء مليئة بالمواطنين العاديين المُدَرَبين على الإغاثة التخصصية ومن ليس لديه هذا التدريب العالي فهو متفهم ومستعد للعمل مع المختصين لتقديم ما لا يحتاج تدريب طويلا.

عبارات تتكرر على لسان المسؤلين: هذا اختبار لنا جميعا ويجب علينا أن ننجح فيه … قد يكون الحدث حطم قلوبنا لكنه لم ولن يحطم عزيمتنا … سيبقى الجيران هم خط الدفاع الأول فهم يعلمون من فُقِد ومن هو أحوج للمساعدة.

رئيس الوزراء السابق (وزير الخارجية الحالي) ابن الولاية البار كفن رود يشجع جيرانه فيقرع بيوتهم بيتا بيتا للخروج منها ويساعدهم في حمل أمتعتهم ثم يعلق بقوله: بعيدا عن الشعارات السياسية فإن هذه المصاعب تعطينا دفعة معنوية لمعرفة قدراتنا.

قادة الحكومة في الميدان قولا وعملا والكل يخدم وطنه وجيرانه ليتجلى معنى وحدة المصير.

المعلمومات تحدث على مدار الساعة ومن أعلى سلطة في البلد.

الجاهزية هو ما نلحظه من الجميع وخصوصا الجهات الأمنية.

الإجراءات الاحترازية تنبئ عن استعداد تام للمواجهة فلو كانت الكارثه في غير هذا البلد لربما كان الضحايا بالآلاف فأكثر من ثلث ولاية كوينزلاند مغطى بالمياه (مساحة الولاية 1.85 مليون كلم 2).

إغلاق الجامعات وتخفيض رحلات وسائل النقل العام كإجراء احترازي و تضامنا مع العاملين فيها وليتمكنوا من المساعدة في عمليات الإغاثة.

التبرعات تصل بالملاين وتتم من خلال قنوات عديدة جدا ومتاحة للجميع.

المتطوعون يملؤون أكثر من مليون كيس بالرمل في أقل من يومين.

قد يكون مجتمع غير مترابط - في نظرنا - من الناحية العائلية لكنهم يذوبون جميعا في العائلة الكبيرة ويفدونها بدمائهم.

عدد من المحلات التجارية الكبيرة تتبرع بتوزيع الأطعمة والأغطية والألعاب على النازحين في مناطق الإيواء.

مناطق الإجلاء تتحول إلى ورشة عمل للمتطوعين كل فيما يتقنه فهذا يرسم وذاك يرفه على الأطفال والآخر يطبب المرضى وتلك توزع الأطعمة و … و...

آلاف الموظفين يقطعون اجازاتهم السنوية وينزلون للميدان.

دور العبادة والملاعب والمدارس كلها مجهزة لاستقبال النازحين.

التغير المناخي أصبح حقيقة، فهم لا يملون الحديث عنه على عدد من المستويات ومنهم الباحثين عندنا في الجامعة فقد كانوا ولا يزالون يحذرون من الكوارث الموسمية بالإظافة للإرتفاع الدائم لمنسوب المياه.

الابتسامه هي الغالبة رغم الكارثة، ومع أن فيضانات 1974 م قوبلت بالبكاء والحزن أما الآن فبالابتسامة والتعامل مع الواقع بفعالية.

التفاعل الالكتروني مع الجمهور عبر كل الوسائل المتاحة.

الجيش والحكومة الفدرالية تقدم كل ما تستطيع.

الجالية المسلمة ترتقي للشعور بأنها جزء من المجتمع وترتب نفسها للمساعدة بما تستطيع.

الطلاب المبتعثين يظهِرون التضامن مع إخوانهم بشكل يدعوا للسرور.

السفارة السعودية والملحقية الثقافية تقف موقفا مشرفا جدا مع المبتعثين في الولاية وترسل مندوبَين يقيمان بشكل دائم في عاصمة الولاية (برزبن) لتقديم المساعدة للمواطنين السعوديين إلى حين زوال الخطر كما تم توجيه الطلاب بالانتقال لأماكن آمنه على حساب السفارة.

أخيرا… اسأل الله جلت قدرته أن يصرف البلاء عن عباده فهو القادر عليهم والرحيم بهم…

لمزيد من المعلومات

http://www.brisbane.qld.gov.au
http://www.brisbanetimes.com.au


مواضيع اخترتها لك:

الأحد، يناير 02، 2011

رئيس وزراء أم ولي أمر…


بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله ,,,

في يوم الخميس 10/8/1431 هـ الموافق 22/7/2010 م وفي حفل التخرج للفصل الدراسي الأول لجامعة جريفث والمقام بمركز المؤتمرات والمعارض بمدينة برزبن حضرت قبل بداية الحفل للقاعة المخصصة لأعضاء مجلس الجامعة والضيوف الرسميين وقد كان كل شيء كالمعتاد فلم أرى ما يلفت النظر.

أثناء المسيرة الأكاديمة للمنصة أخبرتني رئيسة المجلس أن رئيس الوزاراء الاسترالي السابق (وزير الخارجية الحالي) كفن رود سيكون حاضرا ضمن الجمهور حيث أن ابنته ستكون ضمن قائمة الخريجيين. كفن رود كان قبل الحفل بأقل من ثلاثة اسابيع رئيس للوزراء وقد كان حديث الإعلام المحلي والعالمي في الأيام القليلة السابقة للحفل بعد أن أزيح عن منصبه كرئيس للوزراء في حدث تاريخي بالنسبة للسياسة الاسترالية.

كان حضوره للحفل كأي شخص حضر احتفالا بقريب أو صديق، فلم تكن هناك أي حراسة فضلا عن أي اجراءات أمنية أخرى، بل إن غالبية من حضر لم يعلموا أصلا بوجوده. إعتقدت في البداية أن عدم اتخاذ تدابير أمنية أو تشريفية له كان بسبب أنه لم يعد رئيسا للوزراء ! للتأكد من ذلك قمت بسؤال رئيسة المجلس عن سبب عدم إعطاءه شيئا من التكريم ولو من خلال كلمتها في الحفل، فقالت: "أنه هنا كولي أمر لطالبة لا كقائد سياسي، و مع كل الاحترام والتقدير له فحتى لوكان لا يزال رئيسا للوزراء فهذا لن يغير في الأمر شيء فنحن نفرق بين الصفة الشخصية والصفة الإعتبارية ولا يجوز لنا تفضيل طالب على آخر بالترحيب بأهله دون البقية".

قبل الحفل قام مدير الجامعة بتوجيه ثلاث دعوات لكفن رود و زوجته وابنته كمجاملة شخصية من المدير لا كضيافة رسمية من الجامعة. في نفس الحفل كنت قد دعوت الزميلين علي الهمامي و محمد عسيري للحضور إحتفالا بأخينا تركي الحرملي الخريج في ذلك اليوم وقد اصطحبتهم معي للمكان الذي يتم فيه الاحتفاء بالضيوف الرسميين للحفل وكان من بين الحضور كفن رود وزوجته وابنته.

سلمنا عليه وتحدث معنا بكل لطف واخبرنا بسعادته برؤية طلاب سعوديين في هذا المكان فتواجدهم يعمق العلاقات الجيدة بين البلدين والشعبيين السعودي والاسترالي، أتاح لنا اللقاء فرصة للتعارف السريع وسؤاله لنا عن تخصصاتنا وما إذا كنا ننوي البقاء أم العودة إلى المملكة بعد التخرج، ثم ختم محاثته بقوله أنه كان مسرورا جدا بمقابلة الملك عبدالله والتحدث معه في قمة العشرين وهو سعيد أيضا بلقائه بنا هنا.

في ذات اليوم و في حفل تخرج آخر (أقيمت ثلاثة حفلات) كان ضمن الخريجيين حفيدة رئيسة مجلس الجامعة، ورغم ذلك لم يعلم أحد بأن حفيدة رئيسة المجلس هي من ضمن الخريجين فلم تعطها أي مزيد حفاوة بل عاملتها ككل من يمر أمامها من الخريجين. شخصيا لم أعلم بذلك إلا خلال تواجدي بعد الحفل في منطقة الإحتفاء بالضيوف حيث اِصطحبت رئيسة المجلس ابنتها وحفيدتيها لمنطقة الضيوف فمن حق كل عضو في مجلس الجامعة اصطحاب ثلاثة أشخاص لكل حفل تخرج يحضره وقد ألزمت رئيسة المجلس نفسها بهذا التنظيم ولم تخرم البرتوكول ولم تميز حفيدتها بأي شيء عن زملائها الخريجين فحققت ما تَحدَثت عنه من التفريق بين الصفة الاعتبارية والصفة الشخصية.

أعتقد أن الخلط بين الصفة الإعتبارية "المنصب" والصفة الشخصية "الإنسان" مضر بالمجتمع كما هو مضر بالفرد (صاحب المنصب). إن الضرر على المجتمع يأتي حين يُفرض عليه تفرقة طبقية بحكم المناصب والخلفيات الإجتماعية مما يزيل معنى المساواة بين أفراد المجتمع و الحديث يطول عن الأضرار المترتبة على غياب المساواة. أما الضرر على الفرد فيحصل حين يُحرم أصحاب الصفات الإعتبارية الرفيعة من ممارسة حقهم في الحياة الطبيعية بأريحية تجنبهم تطفل الآخرين وتمكن الواحد منهم من التحرك بلا كلفة ليمارس حياته الطبيعية خارج أوقات مهماته الرسمية فيعيش كإنسان عادي "يأكل الطعام ويمشي في الأسواق"، يفرح ويحزن، يمرض ويتعافى، يلاعب أطفاله ويقضي مصالحه كبقية خلق الله.

لعل مرد هذا إلى إشكالية ثقافية لدى المجتمعات الشرقية، حيث يذوب الشخص في منصبه حتى لا يمكن الفصل بينهما فيتضرر الإثنان معا ويتضرر تبعا لذلك المجتمع الذي سمحت ثقافته بل أحدثت هذا الخلط الرهيب.

مواضيع أخترتها لك: