الثلاثاء، يونيو 29، 2010

المرأة الحديدية ... تحاول رد الدَين !

image بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله,,,

هاجرت الفتاة الكندية "لينيين" وعمرها قرابة العشرين عام متوجهة إلى استراليا عام 1953م لتعمل في المستشفى الملكي ببرزبن (ولاية كوينزلاند-أستراليا) كفنية مختبر، درست المحاماة بعد ذلك لتحصل على بكالوريوس في القانون عام 1970م وعملت كمحامية. زاد اهتمامها بعد ذلك بالعمل المدني وانخرطت في الجمعيات الحقوقية فساهمت في تأسيس عدد من الجمعيات ووصلت إلى رئاسة بعضها و منها جمعية محاميات الولاية وجمعية الضمان الاجتماعي وكانت ولا تزال مهتمة بحقوق سكان البلد الأصليين وحقوق الطفل وحقوق المرأة.

اهتمت بالتعليم فكانت عضوا بمجلس جامعة كوينزلاند للتكنولوجيا مع العديد من المناشط الأخرى في خدمة المجتمع لتكون بعد ذلك حاكما عاما لولاية كوينزلاند عام 1992 م كثاني إمرأة تصل لهذا المنصب في استراليا. بعد انتهاء ولايتها عام 1997م تضاعف عطاءها فترأست جمعية الكشافة باستراليا وجمعية حقوق الطفل، كما سبق لها رئاسة جمعية زونتا الدولية لحقوق المرأة ومقراها الرئيسي الولايات المتحدة الأمريكية وهي الآن ترأس مجلس جامعة جريفث مع عضوية العديد من المجالس الفاعلة على المستوى الملحي والدولي.

عرفت هذه المرأة من خلال ترأسها لمجلس جامعة جريفث وقد عجبت قبل أن ألقاها من هذه السيرة المليئة بالعطاء الذي يقف أمامه الشخص متعجبا عن مصدر كل هذه الطاقة. وحين رأيتها وعرفتها عن قرب كان المعاينة خيرا من الخبر، فالمرأة ذات الـ74 عاما بها طاقة غريبة مع دماثة خُلق يكسبانها احترام من يقابلها.

من الغريب أنها مشتركة في عدد من اللجان الفرعية في الجامعة كعضو عادي مع انها رئيسة لمجلس الجامعة، وهي ملتزمة بالحضور والمشاركة الفاعلة رغم كثرة التزاماتها ! وهنا سأضرب لما أعنيه بالطاقة العجيبة.

مع أن جامعة جريفث تقيم عدد من حفلات التخرج بطريقة تعطي كل خريج حقه من التكريم وإن كان ذلك على حساب الإدارة العليا للجامعة حيث تقام 14 حفلا في ثلاثة مواقع مختلفة يستغرق كل حفل 3 ساعات تقريبا بواقع ثلاث حفلات في اليوم، هذا في الفصل الدراسي الثاني كما يقام نصف هذا العدد في الفصل الدراسي الأول. جربت حضور ثلاثة منها في يوم واحد وقد كان يوما شاقا لي فكيف هو الحال بالمرأة ذات الـ74 عاما فهي تحضر أكثرها بل ربما جميعها !

الغريب أنها تعطي كل طالب من الاهتمام ما يشعره بأنه الطالب الوحيد الذي مر من أمامها او سلمته وسام التفوق. استغربت ذلك كثيرا فما كل هذه الطاقة رغم كبر سنها وقمت بسؤالها عن ذلك فقالت: إن حضوري هو بالدرجة الأولى لتكريم هؤلاء الخريجين ولتشجيعهم لمزيد من البذل والعطاء في المستقبل فهذه نقطة البداية لهم في حياتهم العملية وأريدهم ان ينطلقوا منها بكل فاعلية لصناعة مستقبل أفضل.

في مجلس الجامعة الأخير سألتها عن ما يدفعها لبذل كل هذا الجهد التطوعي الذي لا تتقاضى عليه أي مردود مادي! فماذا تتوقعون أن يكون الدافع لإمرأة في هذا السن لبذل كل هذا الجهد التطوعي؟

بكل بساطة أجابتني بأنها تحاول رد الدَين لمجتمع وأرض مكَّناها من تربية أبنائها بعد وفاة زوجها عام 1966م !

إن شخصية "لينيين" تجبر من يقابلها على احترامها لما تتمتع به من أدب جم ومراعاة للفروق الثقافية بين الأمم فتحرص على أن تكون مستمعة جيدة، بل تستحث جلسائها للحديث بطريقة توحي بخبرة طويلة في التعامل مع الناس.

حصلت "لينيين" على العديد من الأوسمة والشهادات التقديرية من ضمنها أربع شهادات دكتوراه فخرية من جامعات محلية ودولية، وهي لا تزال تقضي كثيرا من إجازتها السنوية في مرابع طفولتها بكندا.

بالمناسبة، "لينيين" لا تقود سيارة فخمة بل تحضر الاجتماعات واللقاءات الرسمية بسيارتها الشخصية "تيوتا - كامري" !


مواضيع أخترتها لك:

هناك 8 تعليقات:

  1. شكراً لك أخي أبو المعتصم فدائماً ما تفيدنا بعرض تجاربك العملية.
    المقال ككل هدفه سامي وأكثر ما شدني فيه هو الجملة الأخيرة والتي تلخص أيضاً شيء من تجربتي للحياة الأسترالية التي لا تولي للمظاهر اهتماماً كبيراً كما هو الحال في وطننا العزيز.

    شكراً لك.
    أخوك ماجد الدريهم

    ردحذف
  2. استاذي الكريم .. مواضيعك جلها فيها الفائدة والمتعة ..

    اشكر فيك نبل خلقك ونقاء سريرتك والتي استدليت عليها من واقع ما تكتب دائما ،

    علي كاملي

    ردحذف
  3. سر هؤلا ء الأشخاص ونجاحهم الأخلاص والأمانه في العمل

    الذي يؤدي بعد ذلك لنجاح العمل وتطوره حتى يصل تأثير هذا الصفه الأخلاقيه الى الدوله نفسها

    فتتمتع بقوتها وتصبح دوله متطوره وقويه ، بعكسنا للأسف .

    أكتفي بذلك لان القصه فعلا تفتح مواضيع عديده نتألم عند ذكرها ..

    تحياااتي لك ..

    كلي حلم

    ردحذف
  4. هذا مجتمع لايمارس سياسة إقصاء
    ومسح
    لشخصية المرأة

    مثلنا هنا
    فالمرأة خلال حياتها من طفولتها

    حتى الهرم يمارس عليها
    كل أساليب التحقير والإستخفاف بها وبرأيها
    فقط عندنا المرأة كالكتاب الثمين
    يوضع فوق الرف إلى أن يسخر له أحد ينفض من عليه التراب
    وينقله
    من هذا الرف لرف أخر قد يكون أهون من الرف الأول لكنه مازال رفاً


    فكيف بها تنجح

    وتتطور وتتطور وتعطي
    لذلك نجد نساءهم
    في الصفوف الأولى ونحن المرأة كلما كبرت
    ضاقت بها دنياها بماهي عليه
    وليس بعيد أن ترمى في دار للعجزة
    متناسين إننا أمه الإسلام خير أمه
    ولابد من مراعاة الإسلام في المرأة وإعطاءها
    حقوقها كامله ومنها حرية الرأي...

    طرح قيم
    جزاك الله خيراً

    ردحذف
  5. ابوالمعتصم هل تتوقع انه لايوجد لدينا العديد من النماذج من هذه المرأه !!
    لدينا العديد جدا من النماذج
    ولكن قابليه المجتمع لهذه النماذج سيئه جدا


    باسم فقط ان المراه لها خصوصيه

    ردحذف
  6. التواضع هو السر

    احنا يجيك مدير جامعة اختاروه
    35%كفائته
    15% اسم عائلته
    25% المنطقه الي ينتمي لها
    255 معارفه

    و يفكر نفسه اعظم انسان في الدنيا و يعتقد انه ثروة وطنية يجب ان نحمية من الموظفين الصغار و الطلاب

    شكر ابو المعتصم

    احمد عادل الصالح

    ردحذف
  7. شكرًا أبا المعتصم على نقل هذه الخبرات النافعة بإذن الله.

    وفقك الله

    ردحذف
  8. شكرا ابا المعتصم...
    شخصية مميزه فعلا ...وهم كثر امثالها في الغرب عموما....
    ولكن ما يؤلم ان شخصية بهذا الفكر لا تنجذب للاسلام...فعلا (ولكن الله يهدي من يشاء)

    عموما هي معذورة...فحال المسلمين عموما (من تخلف)فتنة للغير مسلم اليوم...بمعني ان وضع المسلمين طارد (غير جذاب) و في النهاية الهداية بيد الله

    ردحذف