الأحد، مايو 31، 2009

من خاف سلم ...

image

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله,,,

يقول الله عز وجل (وَالَّذِينَ هُم مِّنْ عَذَابِ رَبِّهِم مُّشْفِقُونَ 27 المعارج)

من هم المشفقون من عذاب الله؟ هل هم المذنبون؟ولكن الآية وردت ضمن صفات المؤمنين الصادقين !!

فهل يخاف المؤمن من عذاب ربه وهو يصلي ويصوم ويتصدق !

لنستمع لعائشة رضي الله عنها وهي تُحدث عن نفسها: قلت يا رسول الله ( والذين يؤتون ما آتوا وقلوبهم وجلة) أهو الذي يزني ويشرب الخمر ويسرق؟ قال : " لا يا بنت الصديق ، ولكنه الرجل يصوم ويصلي ويتصدق ويخاف أن لا يقبل منه " .


إنها القلوب المرهفة المتعلق بالله عز وجل ترجو رحمته وتخشى عذابه، قلوب من قال الله فيهم (أَمَّنْ هُوَ قَانِتٌ آنَاءَ اللَّيْلِ سَاجِدًا وَقَائِمًا يَحْذَرُ الآخِرَةَ وَيَرْجُو رَحْمَةَ رَبِّهِ قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُوْلُوا الأَلْبَابِ 9 الزمر)

هذا هو السر الذي نالوا به تلك الدرجات العالية الرفيعة في الدنيا والآخرة، إنه العلم بالله عز وجل، وقد اقرهم سبحانه على خوفهم بل ومدحهم به، فهو طريقهم للنجاة (إِنَّ عَذَابَ رَبِّهِمْ غَيْرُ مَأْمُونٍ 28 المعارج).


فَهِم ذلك محمد صلى الله عليه وسلم وعلمه لأصحابه رضوان الله عليهم فقال: " لن يدخل الجنة أحدا عمله" قالوا: ولا أنت يا رسول الله ؟ قال: "ولا أنا إلا أن يتغمدني الله برحمته".

هكذا يعيش المؤمن بين الخوف والرجاء، دائم التعلق بالله. فقد روى ابن حبان في صحيحه والبيهقي في شعب الإيمان عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم فيما يرويه عن ربه جل وعلا قال (وعزتي لا أجمع على عبدي خوفين وأمنين إذا خافني في الدنيا أمنته يوم القيامة وإذا أمنني في الدنيا أخفته يوم القيامة).


إذن فالنجاة لمن خاف مقام ربه ونهى النفس عن الهوى


أما من أمِنُوا في هذه الدنيا وأعرضوا عن رسالات ربهم فماذا سيكون حالهم يوم القيامة، سيأتون: (خَاشِعَةً أَبْصَارُهُمْ تَرْهَقُهُمْ ذِلَّةٌ ذَلِكَ الْيَوْمُ الَّذِي كَانُوا يُوعَدُونَ 44 المعارج)

كان الخشوع والتذلل لله عز وجل مطلوبا منهم في الدنيا... فلم يفعلوه، بل جمعوا ومنعوا !! كانت التضحيات المطلوبة اقل بكثير مما سيعرضون تقديمه يوم القيامة (يَوَدُّ الْمُجْرِمُ لَوْ يَفْتَدِي مِنْ عَذَابِ يَوْمِئِذٍ بِبَنِيهِ 11 وَصَاحِبَتِهِ وَأَخِيهِ 12 وَفَصِيلَتِهِ الَّتِي تُؤْويهِ 13 وَمَن فِي الأَرْضِ جَمِيعًا ثُمَّ يُنجِيهِ 14 المعارج).

سيتمنون ذلك ولكنَّ الوقت قد فات، والفرصة قد انتهت، فسيكون جوابهم "كلا" فيا لها من حسرة وندامة...


إنها سنة الله:

من خافه في الدنيا … أمنَه في الآخرة


اللهم ارزقنا خشيتك ومراقبتك في السر والعلانية، اللهم ارزقنا لذة الأنس بك والشوق إلى لقائك، اللهم آمنا يوم الفزع الأكبر ونجنا مما نخاف يا ارحم الراحمين...


مواضيع أخترتها لك:

السبت، مايو 30، 2009

بين طلاب مدرسة ابتدائية و طالب جامعي ...

image

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله,,,

موقفين لهما مؤشرات عميقة فيما أعتقد، اترككم معهما:

الموقف الأول : في مدرسة الساوث بورت الابتدائية (قولد كوست) طالبين في الصف الثالث ابتدائي (ريان ويوسف) وطالب في الصف الثاني (المعتصم) اجتمعوا وتواصوا على إقامة صلاة الظهر جماعة في المدرسة. حددوا المكان واجتهدوا في تحديد القبلة وأقاموا الصلاة وهم مستمرون على ذلك منذ أسبوعين، بل إن احدهم قال للمدرسة التي جاءتهم وشجعتهم على فعلهم "هل تريدين كتاب يتحدث عن الإسلام؟ ". كأب لأحدهم اعلم انه لا يحرص على إقامتها في البيت إلا بعد إلحاح ومحاولات، وربما أقامها في المدرسة بدون وضوء، فما الذي دفعهم للصلاة في مكان عام وهم يعرفون أن الغالبية من رواده لا يعرفون الصلاة أصلا بل هي تخالف معتقدهم !! سبق ان كتبت مقالا قبل ما يقارب السنتين وكان بعنوان المعتصم يعايد زملاءه في المدرسة.

لعل مما دفعهم لفعل ذلك: الثقافة التي تسمح للآخر أن يعيش ضمنها، تلك الثقافة التي جعلت كثيرا من اتباع الأديان يعيشون في البلدان الأسلامية لأكثر من 14 قرنا دون ان يُكرِههم احد على تغير معتقداتهم.


أما الموقف الثاني: في جامعة جريفث و حصل قبل أسبوعين أيضا (أي في نفس الأسبوع الذي بدأ أصحابنا بإقامة صلاتهم) حيث قام احد الأشخاص برمي أشياء تخص اتباع طائفة أخرى كانت موجودة في مصلى الجامعة. المصلى الذي قدمته الجامعة للطلاب المسلمين في استثناء لنظامهم المعمول به وهو عدم التميز بين أتباع الأديان، ومع ذلك فقد تم توفير غرفة واسعة للصلاة وتم تركيب الستائر فيها لمصلى النساء، بل وتم بناء مكان مخصص للوضوء بقسمين للرجال والنساء والذي كلف الجامعة أكثر من 15 ألف دولار. بطبيعة الحال فإن إدارة الجامعة عندما خصصت هذه الغرفة للصلاة فعلت ذلك لجميع المسلمين دون تفريق طائفي بينهم.

لعل دافعه في ذلك غِيرة على معتقده ونهياً عن منكر يراه... ولكن:

هل فكر هذا الشخص فيما يمكن أن يسببه مثل هذا التصرف من اثر على الطلاب المسلمين عموما؟ وهل انطلق من تعاليم دينه الذي يغار عليه عندما تصرف بهذه الطريقة؟

هذه المرة سأترك مساحة واسعة لك أخي القارئ لتساهم في تشخيص الدوافع وراء هذه التصرفات التي حصلت من طلاب المرحلة الابتدائية وتلك التي حصلت من طالب التعليم العالي، وما هي الطرق المقترحة لتهذيب هذه الدوافع او تعزيزها.

و أختم بتذكير نفسي وأخوتي بمحاولة التركيز على مناقشة الدوافع المتوقعة بهدوء وتعقل حتى لا نقع فيما قد نعيبه على الآخرين...


أنتظر مشاركتك وتفاعلك


مواضيع إخترتها لك:

الجمعة، مايو 29، 2009

مهاتير محمد ... النمر الآسيوي

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله ...

خلال زيارة عابرة لمكتبة جرير لفت نظري كمٌ من السير الذاتية لأشخاص أعرف أسمائهم - فهم ممن أحدث تغيرات جوهرية في زمانهم - وإن كنت أجهل تفاصيل حياتهم .

ما شجعني على شراء بعض تلك الكتب هو حجمها الصغير نسبيا مما يعني أن قراءتها لن تأخذ الكثير من الوقت وستعطي معرفة لطرفا من تاريخهم بل وتاريخ شعوبهم.

سأشاركك أخي الكريم بتلخيص بسيط لأهم ما وجدت في تلك الكتب...

من تلك الكتب :

Mahater

العنوان: مهاتير محمد ... النمر الآسيوي من شاب متمرد إلى بطل إسلامي.

المؤلف: عادل الجوجرى.

الناشر: دار الكتاب العربي للنشر والتوزيع, 2008 م .

عدد الصفحات: 311

في مقدمة الكتاب نجد عرضا تشويقيا ولقطات من حياة ماليزيا وبطلها مهاتير، كما نجد إشارة إلى تركيز مهاتير على تغير العقلية الماليزية من الزراعة إلى الصناعة والتحديات الجسام التي واجهها في طريقه لبناء امة متقدمة. أول تلك التحديات هي خلق روح المصير الواحد لدى أفراد الشعب ، وبعد ذلك بناء مجتمع لديه ثقة بنفسه ناضجا ديمقراطيا تسوده الأخلاق والقيم الرفيعة متسامح مع كافة أطيافه. كما كان من التحديات بناء نظام تعليمي ناجح والحرص على العدالة مع الجميع للوصول لمجتمع تسوده الرفاهية الاقتصادية والاجتماعية. وقد استفاد الماليزيون من الخبرة اليابانية القريبة لهم جغرافيا وثقافيا في تحقيق قفزه هائلة من حياة ريفية إلى دولة مدنية متحضرة. ومن مدن الطين "معنى كلمة كوالالمبور" إلى مدينة ناطحات السحاب.

يحلل الكتاب بطريقة علمية المعجزة الماليزية بقراءة هادئة من خلال رصد القواعد التي بنى عليها مهاتير محمد مشروعه التنموي في الماضي والمستقبل ويعقد مقارنات بين ما تم في ماليزيا وما فشل العرب في تحقيقه فالكتاب موجه للقارئ العربي ليستفيد من التجربة المهاتيرية الماليزية. و يتكون الكتاب من 16 فصلا.

1."من شاب متمرد إلى زعيم أمة" : بمثابة سيرة ذاتية لمهاتير الذي ولد في عام 1925 م وعاصر الاحتلال الياباني لبلده، كما ركز الكاتب على تسخير مهاتير لمهنته كطبيب لمعرفة أحوال الناس ومساعدة الفقراء، وكيف أن تجربته هذه جعلته يكتب في عام 1970م كتابا بعنوان "معضلة المالايو" ونقد فيه بشده شعبه واتهمهم بالكسل. كما كان مستقلا من الناحية الفكرية ناقدا للماركسية واللبرالية في نفس الوقت لا يؤمن بالأفكار المعلبة. ويختم الفصل بذكر كاريزما القيادة عند مهاتير.

2."ماليزيا بالأمس" : عبارة عن لمحة تاريخية وجغرافية لماليزيا.

3. " قراءة في كف الاقتصاد الأسيوي" : ركز على الجوانب الاقتصادية وكيف تحولت الهزيمة عند اليابان - مثلا - إلى سبب للتقدم كنموذج للعقلية الآسيوية المنتجة والمتسامحة، كما يعرض االفصل يجابيات وعيوب النظام الذي اتبعته النمور الأسيوية.

4. " فيروس الطائفية والترياق الماليزي": يلخص كيف رسم مهاتير منهج حياة لكل الطوائف التي تعيش في ماليزيا.

5. " نموذج الحاكم المسلم" : يركز على اعتزاز مهاتير بإسلامه.

6. " التعليم": التحدي الأكبر الذي خاضه مهاتير فغير به بلده.

7. "البديل الماليزي": يتحدث عن النقلة التي حققتها ماليزيا لتنتقل إلى الريادة وابتكار وسائلها بل وطرح رؤية مستقبلية لماليزيا ودول المنطقة وطرح مرجعية إسلامية حقيقية للحضارة ومثاله على ذلك بالاقتصاد الإسلامي وحل مشكلة النقد الأجنبي.

8. "مهاتير للمقاومة العراقية": أعيدوهم بالأكفان" طالب مهاتير من منابر دولية بمحاكمة بوش و بلير كمجرمي حرب وأقام معرض خاص بسجن أبو غريب.

9. "خريطة المعارضة الماليزية": يعطي نظرة داخلية للواقع السياسي الماليزي.

10. "المعارضة الإسلامية": يعرض موقف مهاتير من التيارات الإسلامية المعارضة له.

11. "نفاق الغرب": يتحدث عن وجهة نظر مهاتير تجاه الثقافة الغربية.

12. "اليهود" : يتحدث عن مواجهة مهاتير للصهاينة في مجالات عدة.

13. "ماليزيا غدا ... رجل يعيش في عام 2020": يلخص رؤية مهاتير الإستراتيجية.

14. " المهاتيرية .. نظرية التغيير": يلخص نظرية مهاتير في التغيير.

15."العرب ودروس مهاتير" :يدعو العرب للاستفادة من تجربة مهاتير.

16. "مهاتير وجائزة نوبل" :يتحدث فيه احمد زويل عن مهاتير محمد.

الوثائق: يحتوي على نصوص مترجمة لخطابين ألقاهما مهاتير أمام القمة الإسلامية وخطاب يدعو فيه لمحاكمة بوش و بلير وملحق للصور. كما أن هناك عدة ملاحق في داخل الكتاب.


يقول الناشر:

النضال بالعلم والتكنولوجيا هو الإنجاز الأكبر في تجربة الزعيم الماليزي المسلم مهاتير محمد الذي استطاع أن يبني بلاده على أسس إسلامية وحضارية بعيدا عن الشعارات والدعاية السياسية.

ولا يختلف اثنان على أن مهاتير محمد دخل التاريخ من أوسع وأروع أبوابه، ليس فقط لأنه نقل ماليزيا من الفقر المدقع والمرض والألم إلى مصادف الدول العظمي اقتصاديا وتكنولوجيا، وحولها من بيوت الطين إلى نمر آسيوي له مكانته في السوق العالمية، وإنما أيضا لأنه زعيم شجاع تحدى الغرب، ورفض هيمنه اليهود على الاقتصاد العالمي وأدان احتلال العراق وأفغانستان، وأشاد بالمقاومة العراقية وحث أبطال الرافدين على إرسال مزيد من نعوش الجنود الأميركيين إلى واشنطن حتى يتحرك الشارع الأميركي ويرفض الحرب التي وقودها الناس والحجارة.

والأجمل من هذا كله أننا وجدنا بين حكام المسلمين من يتنازل طواعية عن الحكم، ويستقيل غير مكترث بإغراءات السلطة، ولا وهج الحكم، وقد أرسى قاعدة بأن الحاكم بشر له طاقة وهو يقدم ما لديه لوطنه ثم يترك الساحة لغيره لكي يواصل المسيرة.

و مهاتير محمد نموذج يفتخر به كل عربي وكل مسلم، له إنجازات لا تخطئها العين، وعنده ملاحظات يستفيد منها من يريد أن يقرأ التجربة وهو منزه عن الغرض، والباحث سيجد أمامه شابا متمردا على السياسة والطائفية سيتحول إلى بطل قومي ليس على طريقة أفلام (روكي) الأمريكية وإنما من خلال رحلة كفاح قوامها الصبر واستيعاب تراث الأمة والتحليق في آفاق العلم والانحياز الدائم إلى الفقراء وهم ملح الأرض وعطرها.

هذا الكتاب يحلل المعجزة الماليزية بقراءة هادئة ويرصد القواعد التي بنى عليها مهاتير محمد مشروعه التنموي في الماضي والمستقبل الذي سوف يستمر حتى عام 2020 ولكن على يد جيل آخر وزعيم آخر.

وأقول بأن الكتاب يستحق القراءة.

العشة – جازان

15/1/1430هـ

12/1/2009 م

روابط و كُتب إخترتها لك:

الخميس، مايو 28، 2009

هلعٌ .... كيف ُنزِيلُه!

image

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على رسوله الأمين,,,


يقول الله عز وجل في سورة المعارج (إِنَّ الإِنسَانَ خُلِقَ هَلُوعًا 19).

هذا الوصف لجنس الإنسان فيه بيان شافي وافي لطبيعة النفس البشرية. ولن نجد شرحا أوفى مما بعدها (إِذَا مَسَّهُ الشَّرُّ جَزُوعًا 20 وَإِذَا مَسَّهُ الْخَيْرُ مَنُوعًا 21).فهو مستغرق في اللحظة الحاضرة وكأنها ستكون سرمدا أبدا...

فإن أصابته ضراء جزع وتسخط، كأنها لا تنقضي، وكأنه لم تمر عليه نعمة قط.

أما إن جاءت السراء فهو ممسك معتز بنفسه متجبر ومتكبر على خلق الله، كما قال فرعون (أَلَيْسَ لِي مُلْكُ مِصْرَ 51 الزخرف) وكما قال قارون (إِنَّمَا أُوتِيتُهُ عَلَى عِلْمٍ عِندِي 78 القصص ) وكما يقول المكذبون في كل زمان (وَقَالُوا نَحْنُ أَكْثَرُ أَمْوَالا وَأَوْلادًا 35 سبأ) بل كما قال أستاذهم الأول إبليس (أنا خير منه 12 البقرة).


هذه الصورة لطبيعة الإنسان متكررة في القرآن فتارة يوصف بالعجلة وأخرى بالكفر وثالثة بالجحود. ولعل سائل يقول: لماذا خلقنا ربنا بهذه الصفات ثم يعاقبنا؟


إن الله عز وجل بحكمته وعلمه ركب في الإنسان هذه الصفات ولم يتركه، بل أرسل له الرسل مبشرين ومنذرين، مهذبين ومربين، يصلحون اعوجاج هذه النفس البشرية ويوجهون طاقاتها ورغباتها لعمارة هذه الأرض وعبادة الله وحده لا شريك له، فهذا هو الإبتلاء.

و لذا نجد الاستثناء للمؤمنين الصادقين من التخلق بهذه الأخلاق، فالمؤمن إن أصابته ضراء صبر لعلمه انه مثاب على صبره، وان كل شدة ستزول عاجلا أم آجلا، ثم تجده تائبا مستغفرا يقينا منه أن ما أصابه إنما هو ببعض ما كسب.

أما إن جاءت السراء والنعم فنجده شاكرا باذلا، لعلمه أنها من نعم الله عليه التي تستحق الشكر، وأنها عارية عنده، هو مكلف بالانتفاع بها ونفع الناس ليحقق رضا الله عز وجل.


و طريق التخلص من هذه الصفات السلبية هو بتهذيب النفس بالعبادة والقرب من الله، و أخص صفة لهؤلاء المؤمنين هي الصلاة فهي أول صفة ذكرها الله لهم وآخر صفة ختم بها هنا:

(إِلاَّ الْمُصَلِّينَ 22 الَّذِينَ هُمْ عَلَى صَلاتِهِمْ دَائِمُونَ 23 وَالَّذِينَ فِي أَمْوَالِهِمْ حَقٌّ مَّعْلُومٌ 24 لِّلسَّائِلِ وَالْمَحْرُومِ 25 وَالَّذِينَ يُصَدِّقُونَ بِيَوْمِ الدِّينِ 26 وَالَّذِينَ هُم مِّنْ عَذَابِ رَبِّهِم مُّشْفِقُونَ 27 إِنَّ عَذَابَ رَبِّهِمْ غَيْرُ مَأْمُونٍ 28 وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ 29 إِلاَّ عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ 30 فَمَنِ ابْتَغَى وَرَاء ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْعَادُونَ 31 وَالَّذِينَ هُمْ لِأَمَانَاتِهِمْ وَعَهْدِهِمْ رَاعُونَ 32 وَالَّذِينَ هُم بِشَهَادَاتِهِمْ قَائِمُونَ 33 وَالَّذِينَ هُمْ عَلَى صَلاتِهِمْ يُحَافِظُونَ 34 أُوْلَئِكَ فِي جَنَّاتٍ مُّكْرَمُونَ 35 المعارج)


وفي سورة المؤمنون أيضا:

(قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ 3 الَّذِينَ هُمْ فِي صَلاتِهِمْ خَاشِعُونَ 2 وَالَّذِينَ هُمْ عَنِ اللَّغْوِ مُعْرِضُونَ 3 وَالَّذِينَ هُمْ لِلزَّكَاةِ فَاعِلُونَ 4 وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ 5 إِلاَّ عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ 6 فَمَنِ ابْتَغَى وَرَاء ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْعَادُونَ 7 وَالَّذِينَ هُمْ لِأَمَانَاتِهِمْ وَعَهْدِهِمْ رَاعُونَ 8 وَالَّذِينَ هُمْ عَلَى صَلَوَاتِهِمْ يُحَافِظُونَ 9 أُوْلَئِكَ هُمُ الْوَارِثُونَ 10 المؤمنون)


اللهم اصلح فساد قلوبنا، ونجنا مما نخاف يا رب العالمين…



روابط أخترتها لك:

الثلاثاء، مايو 26، 2009

الابتعاث … شبهات أم شهوات ؟

image

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله,,,

مع إعلان قرب المرحلة الخامسة لبرنامج خادم الحرمين الشريفين للابتعاث الخارجي، عاد الحديث ساخنا عن الأثر الفكري والعقائدي على المبتعثين، و قد اعتدنا هذا مع كل دفعة في اجترار تاريخي لأثر البعثات على الأجيال الأولى من المبتعثين. هذا إن سلَّمنا جدلا بأن تلك البعثات قد أثرت فعلا على الناحية العقائدية والفكرية لدى غالبية المبتعثين.

قد يكون متوقعا حصول صدمة ثقافية لكثير من المبتعثين من الجيل الأول كنتيجة طبيعية للانتقال من بيئة متخلفة نسبيا في الجانب المادي إلى دول قطعت شوطا طويلا في هذا الميدان، أضف إلى ذلك أن المجتمع الغربي كان مجهول لدى أولئك الشباب مما يحدث انبهارا بهذه الثقافة الجديدة بكل ما فيها. كما أن الفترة التي كان يقضيها المبتعث في الخارج تعتبر فترة قطيعة مع الثقافة الأم بحكم صعوبة التواصل أو ضعفه إن وجد.

العامل الأهم للحراك الفكري الذي حدث عند كثير من أبناء ذلك الجيل نتج عن اهتمامهم بالأمور الفكرية والصراعات الأيدلوجية السائدة في ذلك الوقت، وهذا دفع الكثير منهم للإنكباب على قراءة النتاج الفكري والأدبي للحضارة الغربية، هذا الإطلاع الذي يتطلب الكثير من الجلد المفقود لدى غالبية شباب الجيل الحالي. كما أن الكتب العربية التي كانت تناقش أمورا غير مرغوب فيها داخليا لم تكن متوفرة في المملكة مما يجعل الحصول عليها أمرا يُشعِر بالتميز والرغبة في الاطلاع على الممنوع فكل ممنوع مرغوب كما يقال.

أما إذا ما انتقلنا للتجربة الحالية للمبتعثين فنستطيع أن نلخصها بأن "المبتعث أصبح جزأ من مشهد تشبع به منذ الطفولة" من خلال شاشات التلفزيون، مما يعني أن انبهاره لن يكون كبيرا مقارنة بالجيل الأول خصوصا أن الفرق في الحضارة المادية قد تقلص بشكل كبير، أما الجانب الفكري والفلسفي فلن يدخله إلى قلة قليلة من المبتعثين وذلك لقلة الجلد الذي يتطلبه هذا النوع من القراءة، أضف إلى ذلك أن كل الأطروحات الفكرية الآن متاحة داخل المملكة فليس هناك مزية تدفع المبتعث للجري خلفها.

لعل ثورة الاتصالات هي السبب الرئيسي الذي جعل المبتعث يعيش وكأنه بين أهله، بل مهتم بالشأن الداخلي بشكل اكبر من لو كان في داخل البلد. فعلى سبيل المثال تجد المبتعث الذي تعود على تصفح جريدة أو جريدتين قبل البعثة، يتابع الآن كل الجرائد، إما بالقراءة المباشرة من خلال مواقعها أو من خلال خدمة الملخصات الصحفية، وبنظرة سريعة على التعليقات في معظم الجرائد سنجد غالب تلك التعليقات من خارج ارض الوطن، ولعل ذلك ناتج كردة فعل لما يسمى بالغربة التي سمع عنها المبتعث أكثر من كونها عاشها أو أحس بها.

سيصاب القادم الجديد بالدهشة عند حضوره لأول تجمع بزملائه المبتعثين، فالنقاش الدائر يشبه إلى حد كبير أي نقاش دائر في استراحات الثمامة مثلاً، فأخبار الدوري السعودي و الدوري الأسباني ستكون الحاضر الأقوى مع آخر قصائد شاعر المليون وشيء من أخر أخبار الجرائد السعودية، أما سوق الأسهم فقد غاب ذكره وضعف صوته بعد انهيارات 2008 م.

وبتصفح يسير لمنتديات المبتعثين ستجدها نسخا كربونية لما يعرض في المنتديات المحلية ما عدا صفحات يسيرة عن أمور تخص البلد المُضيف من الناحية الخدمية لا أكثر. أما النقاش الفكري الجاد فلا مكان له، وإن كتب فيه البعض فسيعاقبون بقلة الردود والمشاهدات لموضوعاتهم، ولعلي افرد مقالا في المستقبل عن حال منتديات المغتربين. كما أن المجموعات البريدية لن تختلف كثيرا في محتواها عن ما تعود عليه في المملكة. أما مجالس الأخوات ففيها ملخصات لآخر المسلسلات العربية ونشرات دورية بجديد الأسواق والمطاعم، ومن فاتها مسلسل فاليو تيوب يقوم بالواجب.

لعل العالم الافتراضي الذي يعيش فيه شاب يعيش في إحدى القرى النائية لن يختلف كثيرا لو انتقل هذا الشاب للعيش في أقصى الشرق (نيوزلندا) أو أقصى الغرب (هاواي)، فزملاء الفيس بوك و المسنجر ومنتدياته ومجموعاته البريدية ستنتقل معه حيثما حل. اعتقد أن الجانب الفكري لم يعد يتأثر كثيرا بالمكان فالنقاشات الفكرية إن وجدت إنما هي ترديد لما يطرح في وسائل إعلامنا المحلية من صراعات لا تخفى على أي متابع.

إن المشكلة الحقيقية التي يعاني منها المبتعث و المبتعثة تكمن في الجانب الأخلاقي أو الشهواني بعبارة أدق. إن أكثر ما يُخشى على المبتعثين هو السقوط الأخلاقي الناتج عن "شهوة وليس شبهة"، فالمغريات هنا كثيرة ومتنوعة مع سهولة الانجراف خلفها. كما أن التعود على مناظر العري والتفسخ والخمور له اثر كبير على المبتعث وعلى أسرته على حد سواء.

لعل من أفضل الحلول التي تقلل من أثر هذه الإشكالية الرئيسية هو تشجيع المبتعثين و المبتعثات على الزواج قبل الدخول في تجربة الابتعاث، فسيكون ذلك درعا حصينا لهم من السقوط الشهواني. كما أن التربية الدينية والأخلاقية مع الحرص على مصاحبة أهل الخير والصلاح ستكون عونا - بعد الله عز وجل - على النجاة من براثن الشهوات التي تكشر عن أنيابها أمام شبابنا وشاباتنا.


ملاحظة: تم إختيار المقال لقائمة روائع المقالات في موقع المختصر


روابط إخترتها لك:

السبت، مايو 23، 2009

مفتاح تركوه لنا…

image

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله,,,


(فَاصْبِرْ صَبْرًا جَمِيلا 5) المعارج

هذه الدعوة لمحمد صلى الله عليه وسلم تأتيه (مِّنَ اللَّهِ ذِي الْمَعَارِجِ 3)، وهي سر النجاح له و لكل من سلك دربه إلى قيام الساعة.

والناظر إلى حياة محمد صلى الله عليه وسلم يجد الاستجابة الكاملة لهذه الدعوة والتي جاءته في هذه السورة المكية (المعارج)، فكيف كان صبره الجميل ؟

إن صفحات الصبر في حياة الرسول صلى الله عليه وسلم كثيرة ومتنوعة...


صبر على طاعة الله ... وصبر عن معصية الله.

صبر بلا تسخط ... بلا من ولا أذى ... و بلا استعجال ... صبر الواثق بوعد الله ... صبر عند الصدمة الأولى.

صبر على التكذيب ... وعلى الإساءة من المشركين ... و صبر على موت أولاده الذكور ... وعلى الفقر ...

صبر على قتل أصحابه ... وعلى سوء خلق بعض الأعراب ... وصبر على المنافقين وصبر و صبر...

بل إن حياته كانت كلها صبر على البلاء وشكر عند النعماء.


وتلقف ذلك منه أصحابه الأبرار ...

فهذا عمر رضي الله عنه يقول ( وجدنا خير عيشنا بالصبر )، وهذا علي رضي الله عنه يقول ( ألا إن الصبر من الإيمان بمنزلة الرأس من الجسد، فإذا قطع الرأس بار الجسد)، ثم رفع صوته فقال (ألا إنه لا إيمان لمن لا صبر له).


لقد كان الدافع الرئيسي والمعين لهم على الصبر هو الإيمان بقرب الرحيل عن هذه الدنيا، الإيمان بقرب الجزاء والحساب، الإيمان بقرب عودة الحقوق إلى أصحابها,,,

(إِنَّهُمْ يَرَوْنَهُ بَعِيدًا 6 وَنَرَاهُ قَرِيبًا 7) المعارج

لقد توارث الصالحون والمصلحون هذا المفتاح، ونقلوه من جيل الى جيل، وقد تركوه لنا...

فهل نرث هذا المفتاح منهم ونورثه لمن بعدنا ؟



سأصبر حتى يعجز الصبر عن صبري

و أصبر حتى يحكم الله فـــي أمــــــري

و أصبر حتى يعلـــم الصــــــبر أنـــــي

صبرت علـــى شيء أمــــر من الصِـبر



روابط أخترتها لك:

* ملاحظة : تم إختيار المقال كمقال الأسبوع في منتديات الإسلام اليوم (المنتدى العام)

الجمعة، مايو 22، 2009

مناقشة خطة البحث Confirmation Seminar


بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله,,,


في حلقة نقاش علمية أقامتها رابطة طلاب الدكتوراه بالنادي السعودي في القولد كوست وكانت عن الطرق الناجحة لاجتياز مرحلة الـ (Confirmation Seminar). كانت المادة الرئيسية من إعداد الأخ الفاضل هشام الصغير (أبو سارة) وسأقوم هنا بتلخيص ما تم في هذا اللقاء مضيفا عليه تجربتي الشخصية.

تعتبر مرحلة الـ (Confirmation Seminar) عملية ضبط جودة للتأكد من وصول الخطة النهائية للبحث لمستوى مقبول أكاديميا للحصول على درجة الدكتوراه. يطلب عادة من الباحث تقديمه بعد انقضاء سنة كاملة من بداية مشواره البحثي، وتكون النتيجة المترتبة على ذلك إحدى الأمور التالية:

  • موافقة غير مشروطة على الخطة (أتمنى لكم ذلك)
  • موافقة مشروطة
  • تخفيض مستوى البحث ليكون ماجستير فقط
  • رفض نهائي


ويكون ذلك بعد تقديم الباحث لتقرير مكتوب ثم يحدد موعد للعرض والمناقشة، يتوزع وقت النقاش على 30 دقيقة تقريبا يتحدث فيها الباحث عن خطته البحثية، بعدها يجيب على استفسارات الممتحنين والحضور.



كيف نصل إلى تلك المرحلة بنجاح:

بعد الاستعانة بالله عز وجل و التوكل عليه، يُنصح بالاطلاع على أمثلة سابقة تمت الموافقة عليها، كما أن الإطلاع على رسائل دكتوراه في مجال البحث يعد مساعدا رئيسيا لتخطي هذه المرحلة، و ينبغي في هذه المرحلة التركيز على معرفة طرق البحث المختلفة في تلك الرسائل، واختر انسبها لبحثك مع الحرص على معرفة مزاياها وعيوبها وتبرير أسباب اختيارك لها.

عند قراءتك في الأبحاث السابقة تذكر أنك تبحث عن الجزئية المفقودة ( GAP) التي تحتاج إلى مزيد بحث، ومن أجمل المصادر لذلك: الجزء الأخير من أبحاث الدكتوراه والأوراق العلمية الحديثة في مجالك، غالبا ما يكون معنون بـأبحاث مستقبلية (Future Research).



عند قيامك بعملية الاستقصاء البحثي (literature review) فإليك النصائح التالية:

  • تعرف على الدوريات العلمية المتميزة في تخصصك
  • تعرف على الباحثين البارزين في تخصصك
  • تعرف على المدارس الرئيسية في مجال بحثك
  • ابحث عن أوراق حديثة تناقش موضوعك وتتبع مصادرها
  • ابحث عن بحث جيد مقارب لهدف بحثك واجعله معيارا تحاكيه



التوزيع المنطقي للتقرير المقدم للممتحنين (confirmation report) :

  • هدف البحث (aims of the research)
  • خلفية علمية عن الموضوع (literature review)
  • دوافع البحث ومبرراته (rationale for the work)
  • فرضيات البحث أو سؤال البحث (A hypothesis or a questions)
  • شرح لخطة البحث المستخدمة (An outline of the methodology)
  • نبذه عن ما تم عمله والمهارات التي تعلمها الباحث
  • نبذه عن الخطة المستقبلية مع بيان المواعيد المتوقعة لإنجاز كل جزء
  • بيان المهارات التي تنوي تعلمها لإكمال مشروعك
  • خطتك للحصول على الموافقة الأخلاقية على البحث (Ethical approval)
  • ولا تنسى الإطلاع على دليل إعداد التقرير المعمول به في قسمك الأكاديمي فهناك بعض الاختلافات الجزئية



العرض والمناقشة (Confirmation Seminar) و تحتاج أن تركز في عرضك على الأمور التالية :

  • ما هو السؤال الرئيسي الذي يحاول الباحث الإجابة عليه
  • خلفية تتعلق بمجال البحث
  • الخلفية النظرية للبحث
  • ماذا ستقوم به ومع من وكيف؟
  • ما هي طريقتك للوصول إلى هدفك؟
  • الإسهام العلمي المتوقع
  • خاتمة تُشجِع فيها الحضور على المناقشة لأن ذك سيعطي إضافة حقيقية لبحثك
  • لا تقحم نفسك فيما لا تعرف وحول السؤال لمشرفك بطريقة ذكية
  • اشكر السائل قبل أن تجيب عليه
  • تأكد من فهمك للسؤال
  • حافظ على هدوء أعصابك



نصائح عامة:

  • احرص على علاقة جيدة بالمشرف وأحرص على الوصول إلى اتفاق دائما
  • بين لمشرفك حرصك على التعلم والعمل الجاد بالفعل لا بالقول
  • تبادل الخبرات مع زملائك سيختصر عليك الزمن فأجتهد في ذلك
  • تعرف على اهتماماتهم البحثية وقدم لهم ما تستطيع من مساعدة، فبذلك ستُكوِن شبكة جمع معلومات لا يستهان بها.

  • أحضر أكثر من مناقشة واستفد منها بطريقة إيجابية
  • استعن بالله ولا تعجز


كما أتمنى منك أخي الكريم المساهمة في إثراء هذا الموضوع من خلال تعليقاتك وتفاعلك,,,


ولا تنسانا من صالح دعائك.




روابط ذات علاقة: