العنوان: الظاهرة القرآنية
المؤلف: مالك بن نبي
الناشر: دار الفكر المعاصر، 2006 م
عدد الصفحات: 328
كتاب مثير وغير عادي في آن معاً كما يقول موقع الشبكة الإسلامية، وهَدَف المؤلف من خلاله إلى بيان انفصال الظاهرة القرآنية عن الظاهرة النبوية.
ومما يبين قيمة هذا الكتاب وأهميته، ما ذكره المحقق الكبير الأستاذ محمود شاكر في مقدمة تقديمه لهذا الكتاب، حيث قال رحمه الله: "فليس عدلاً أن أقدم كتاباً، هو يقدم نفسه إلى قارئه...وإنه لعسير أن أقدم كتاباً هو نهج مستقل. أحسبه لم يسبقه كتاب مثله من قبل. وهو منهج متكامل يفسره تطبيق أصوله. كما يفسره حرص قارئه على تأمل مناحيه". كما انه عرض بعض الاستدراك على المؤلف.
يقوم الكتاب بمحاولة بيان أن القران من عند الله وما محمد صلى الله عليه وسلم إلا واسطة لتبليغه إلى الناس. ولأن المؤلف ملم بالحضارة الغربية ويفهم اللغة التي يستخدمونها في النقد والتحليل، فقد عمد إلى استخدام ذات الأسلوب مفندا فيه كلام المستشرقين - وأكثر من ذلك - كما أن تمكن الكاتب من الثقافة الإسلامية كان خير معين له في ذلك.
يذكر المؤلف أن منهجه لدراسة الظاهرة القرآنية، يحقق من الناحية العملية هدفاً مزدوجاً: الأول: أنه يتيح للشباب المسلم فرصة التأمل الناضج للدين. الثاني: أنه يقترح إصلاحاً مناسباً للمنهج القديم في تفسير القرآن.
وقد استهل مالك دراسته للظاهرة القرآنية بمدخل فصل فيه محنة العقل الحديث في العالم الإسلامي، بين من خلاله افتتان العقل المسلم بالتقدم العلمي الذي أحرزه الغرب، ودور المستشرقين في التمهيد لهذا الانبهار، ومما قاله : "إن الأعمال الأدبية لهؤلاء المستشرقين، قد بلغت درجة خطيرة من الإشعاع، لا نكاد نتصورها".
يقع هذا الكتاب ستة فصول والفصل الأول معنون بـ (مدخل إلى دراسة الظاهرة القرآنية) وبدأه بالحديث عن الظاهرة الدينية وكان الهدف من هذا الفصل المقارنة بين المذهب الغيبي، الذي يعتبر الدين للإنسان ظاهرة أصلية في طبيعته، ومكون أساس في بناء الحضارة، والمذهب المادي الذي يعتبر الدين مجرد عارض تاريخي للثقافة الإنسانية.
أما الفصل الثاني فكان بعنوان (الحركة النبوية) و تحدث فيه المؤلف عن مبدأ النبوة، وخصائص النبوة، وبيَّن من خلال الفصل الطبيعة البشرية والنفسية لظاهرة النبوة عموماً.
بعده يأتينا أطول فصول الكتاب - وأجملها عندي - الفصل الثالث بعنوان (أصول الإسلام) و تحدث فيه المؤلف عن مصادر دين الإسلام، وقرر في هذا الفصل نقطتين رئيستين: الأولى: أن الإسلام هو الدين الوحيد بين جميع الأديان الذي ثبتت مصادره منذ البداية. والثانية: أن القرآن خلال تاريخه لم يتعرض لأدنى تحريف أو تبديل، وليست هذه حال العهدين القديم والجديد.
بعدها يتحدث بالتفصيل عن الرسول ويقرر المؤلف أنه لا يمكن الاستغناء في دراسة الظاهرة القرآنية عن معرفة الذات المحمدية، ومن هنا عكف على دراسة سيرة الرسول صلى الله عليه وسلم بدءاً بطفولته، ومروراً بزواجه بخديجة رضي الله عنها، وصولاً إلى بعثته والوحي إليه. و هو من أكثر المباحث التي شدتني وأثرت في نفسي، فهو يقدم خلاصة مؤثرة لمراحل حياة محمد صلى الله عليه وسلم.
كما افرد مبحثا عن كيفية الوحي، و سعى المؤلف إلى تميز السمات الخاصة بمحمد صلى الله عليه وسلم؛ لكي يتوصل من خلال ذلك إلى أن ظاهرة الوحي خارجة عن شخصه، وأنها ليست ظاهرة ذاتية، كما ذهب لذلك كثير من المستشرقين.
وفي مبحث بعنوان مقام الذات المحمدية في ظاهرة الوحي، ينطلق المؤلف في معالجته لظاهرة الوحي من منهج تحليلي، فيحلل خطاب جبريل عليه السلام للرسول صلى الله عليه وسلم، بقوله: { اقرأ } (العلق:1)، وجوابه صلى الله عليه وسلم: { ما أنا بقارئ }.
ويختم الفصل بمبحث عن الرسالة، و يدفع المؤلف قول الذين يريدون أن يفسروا الظاهرة القرآنية وفق نظرية (اللاشعور).
بعدها نجد الفصل الرابع بعنوان (الخصائص الظاهرية للوحي)، وقد عالجه المؤلف وفق العناوين التالية: (التنجيم، الوحدة الكمية، مثال على الوحدة التشريعية، مثال على الوحدة التاريخية، الصورة الأدبية للقرآن، مضمون الرسالة).
كما أن الفصل الخامس يأتي بعنوان (العلاقة بين القرآن والكتاب المقدس) ويتكلم عن (العلاقة بين القرآن والكتاب المقدس، ما وراء الطبيعة، أخرويات، كونيات، أخلاق، اجتماع، تاريخ الوحدانية)
و يذكر المؤلف أن القرآن على الرغم من أنه يعلن بكل وضوح التشابه والقرابة إلى الكتب السابقة، فإنه يحتفظ بصورته الخاصة في كل فصل من فصول الفكرة التوحيدية. ولتوضيح هذه الفكرة يقارن المؤلف بين قصة يوسف عليه السلام، كما وردت في القرآن، وكما وردت في العهد القديم. ويخلص من خلال هذه المقارنة إلى أن رواية القرآن تنغمر باستمرار في مناخ روحاني. وأيضاً فإن نتيجة هذه المقارنة تدفع فرضين اثنين: الأول: وجود تأثير يهودي مسيحي في الوسط الجاهلي. ثانيهما: كون النبي صلى الله عليه وسلم تلقى تعليماً مباشراً عن الكتب السابقة.
الفصل السادس (الأخير) بعنوان (موضوعات ومواقف قرآنية)، هذا الفصل خصصه المؤلف لبحث ما يميز القرآن عن عبقرية الإنسان، وتضمن العناوين التالية: (إرهاص القرآن، ما لا مجال للعقل فيه، فواتح السور، المناقضات، الموافقات، المجاز القرآني، القيمة الاجتماعية لأفكار القرآن). ومن أهم الأفكار التي قررها المؤلف في هذا الفصل، أن الدين في ضوء القرآن يبدو ظاهرة كونية، تحكم فكر الإنسان وحضارته، كما تحكم الجاذبية المادة، وتتحكم في تطورها.
في الختام أود الإشارة الى أن الكتاب صدرت طبعته الأولى بالفرنسية عام 1946م، وصدرت طبعته العربية الأولى 1958م، وقام بترجمته عبد الصبور شاهين . وصدرت طبعته العربية الثانية 1961م. كم أن النسخة التي بين يدي محققة وفيها بعض الاستدراكات على المؤلف وتخريج للأحاديث مما أعطى إضافة كبيرة للكتاب. كما أني انتهيت من قراءة هذا الكتاب القيم وجدت عرضا مميزا لموقع الشبكة الإسلامية واستفدت منه كثيرا في ملخصي هذا.
قولد كوست - استراليا
19/5/2009م
24/5/1430هـ
روابط إخترتها لك:
- من هو مالك بن نبي
- من هو محمود شاكر
حتضنه في الرف عندي.. ولكن لم أقرأه بعد..
ردحذفأشكرك على العرض الجميل..
..
عسى أن ننتهي من الغربة… قريبا و تعود إلى عالم القراءة العربية
حقيقة مثل هذا الطرح يجعل الكثير من اللادينيين وغير المسلمين ينتبهوا لحقيقة الإسلام ،لأنه من عند الله محكم وهم لا يعلمون هذه الحقيقة لذا هم يحتاجون لهذا المدخل.
ردحذفاحمد الحسين
اشكر لكم اخوتي تعليقاتكم
ردحذف