السبت، مايو 22، 2010

معالي الوزير ... هل نراها قريبا؟

image

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله و الصلاة والسلام على رسول الله,,,

بالأمس القريب استبشرنا بخبر تمديد برنامج خادم الحرمين الشريفين للابتعاث الخارجي لخمس سنوات، وقبلها بُشرنا بزيادة مكافئات المبتعثين (التي لم يعكر صفوها سوى إلغاء زيادة المرافقين)، وها نحن نُبشر بضم إخواننا الدارسين على حسابهم الخاص في عدد من الدول للبعثة وهذه كلها من بشائر الخير فهي تؤكد عزم الدولة على المضي قدما في الاستثمار في أبناء وبنات البلد.

إن الدراسات العليا والبحث العلمي هي بمثابة البوصلة التي تحدد اتجاه الدول المتقدمة نحو المستقبل ولذا تسعى تلك الدول لدعم البحث العلمي على مختلف الأصعدة لتوفير البيئة المناسبة بل والجاذبة له. من هذا المنطلق يمكننا القول بأن المملكة محظوظة بآلاف المبتعثين السعوديين الذين يقومون بإعداد رسائل الماجستير والدكتوراه حول العالم فهم يشكلون مركزا ضخما ومتنوعا للبحث العلمي في مواضيع تهم وطنهم الحبيب.

لعل من أجمل ما في نظام التدريب و الابتعاث تشجيع الباحثين على إجراء أبحاثهم داخل المملكة من خلال وجود بند للرحلة العلمية للمملكة يهدف إلى تشجيع الباحثين لعلى القيام برحلة لجمع البيانات اللازمة من المملكة وتقوم الملحقيات الثقافية بإصدار تذاكر للمبتعث ومرافقيه علاوة على تعويض مالي جيد والأمر إلى هنا ممتاز بل ومميز، إلا أن الفقرة الخامسة من المادة الخامس عشرة في لائحة الابتعاث والتدريب لمنسوبي الجامعات تستوجب أن يباشر المبتعث أبحاثه تحت إشراف القسم التابع له في المملكة، كما يحتاج المبتعث خطابا بإتمام الرحلة العلمية من نفس الجهة ليتم صرف مستحقات الرحلة العلمية وهذا يسري على جميع المبتعثين.

قد يكون الأمر متيسرا لمبتعثي الجامعات الكبيرة أما مبتعثي الجامعات الناشئة والجهات الحكومية الأخرى وبرنامج خادم الحرمين الشريفين فسيكون الخطاب شكليا في حال الجامعات الناشئة والجهات الحكومية ففي الغالب ليس لدى تلك الجامعات والجهات كادر كافي وقادر على القيام بهذه المهمة، أما مبتعثي برنامج خادم الحرمين الشريفين فالأمر أصعب بالنسبة لهم فحتى الخطاب الشكلي يصعب الحصول عليه.

أمر آخر يعكر صفو هذه الرحلة وهو من اكبر المشاكل التي تواجه الباحثين على مستوى العالم ألا وهو كيفية الحصول على جهة متعاونة يتم إجراء الدراسة عليها والحصول على البيانات المطلوبة. وهنا أيضا قد يكون الأمر متيسرا بالنسبة للمبتعث الموظف الذي سيجري الدراسة على جهة عمله ولكن ماذا يفعل مبتعثوا برنامج خادم الحرمين الشريفين خصوصا من حديثي التخرج الذين لا يملكون علاقات تسهل مهمتهم.

وبما أن "اقتراحات اليوم قرارات المستقبل" وتفاعلا مع زيارة معالي وزير التعليم العالي برفقة وفد رفيع المستوى لاستراليا، لعلي أستغل هذه النافذة لطرح فكرة قابلة للتطبيق والتطوير بحيث تحل المشكلتين معا.

الفكرة ببساطة هي إنشاء جهة مختصة تابعة لوزارة التعليم العالي يكون من مهامها على سبيل المثال لا الحصر توعية الجهات الحكومية والخاصة والمجتمع عموما بأهمية التعاون مع الباحثين (فهناك معاناة يجدها كل من يحاول جمع البيانات في المملكة ما لم تكن له علاقاته الخاصة)، كذلك تقديم الإشراف الفعلي للباحث من خلال الاطلاع على الاستبانات في وقت مبكر وإبداء الملحوظات من أصحاب الاختصاص، كما يمكن توجيه الأبحاث والدراسات بشكل يخدم الجهات الحكومية بالدرجة الأولى والقطاع الخاص أيضا بل وإعلان قائمة من المواضيع والإشكاليات التي تحتاج للبحث. أيضا يمكن لهذه الجهة تكوين قاعدة بيانات بالجهات المتعاونة والإفصاح عنها وتكريمها لتشجيع الجهات الأخرى. هذه الجهة يمكن أن توفر أو تؤهل جهات معينة لترجمة الاستبيانات، كما قد تساعد في إقامة علاقة تعارف وتعاون بين الباحثين ذوي الاهتمام المشترك بالإضافة لإقامة علاقة بين الباحثين (طلاب) وأعضاء هيئة التدريس في الجامعات والذين لهم نفس التوجه البحثي. أخيرا يمكن أن تقوم هذه الجهة على إيجاد مؤسسة متخصصة في المساعدة على جمع البيانات كما هو موجود هنا في استراليا.

أعتقد أن وجود جهة كهذه سيوفر الجهد ويوجهه لخدمة المجتمع ويضاعف الاستفادة من هذه الطاقة الضخمة التي يبذلها الباحثون كما أني على ثقة بوجود العديد من المقترحات لدى الإخوة الباحثين ولن يترددوا في تقديمها متى ما وجدت الفكرة طريقها إلى النور، وهم مدعون هنا لإثراء الفكرة من جوانب مختلفة.


* رابط المقال كما نُشر في سبق


مواضيع أخترتها لك:

السبت، مايو 15، 2010

سنة واحدة لغة.. هل تكفي؟

image

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله,,,

على إثر تقيم أداء معاهد اللغة التابعة لجامعة جريفث للعام المنصرم 2009 كنت في اجتماع مع مديرة معاهد اللغة بالجامعة لمناقشة الخطة الإستراتيجية الجديدة لديهم، كان لديهم كثير من المقترحات لحل مشكلة دخول بعض الطلاب للجامعة دون إتقان اللغة بشكل مرضي أو انتهاء فترة دراستهم بالمعاهد دون وصولهم للمستوى المطلوب، فهناك لوم شديد موجه لإدارة المعاهد وهم يسعون جاهدين لتحديد مكمن الخلل.

من أهم المعوقات في وجهة نظرهم أن الطالب يأتي للمعهد و لم يسبق له دراسة اللغة في بلده بشكل متوائم مع الفترة التي يخطط لأن يقضيها في المعهد، مما يعني انه لو اختبر IELTS مثلا فسيحصل على اقل من 4 في حين أن المعروف لدى المهتمين بتعليم اللغة الانجليزية أن معدل استفادة الطالب العادي الباذل للجهد المطلوب هو نصف نقطة في IELTS عن كل 10 أسابيع يقضيها في دراسة اللغة. لذا كان من الأمور المقترحة أن يتم تقيم الطالب قبل قدومه للدراسة في المعهد وهو لا يزال في بلده وبناء عليه يُعطى الوقت المتوقع لاجتياز مرحلة اللغة ولا يقبل إلا إذا التزم بكامل المدة علما أن هناك جهات محايدة و معتمدة تقوم بعمل هذا الاختبار الذي يكلف قرابة الـ 20 دولارا فقط.

من وجهة نظرهم أن الطالب إذا كان سيدرس اللغة لمدة عام فيجب أن يكون حاصلا على 4.5 في اختبار IELTS على الأقل إذا كان شرط دخول الجامعة هو 6.5 مثلا حيث سيدرس 40 أسبوعا تقريبا.

في حال مبتعثي برنامج خادم الحرمين الشريفين للابتعاث الخارجي وكثيرا من الجهات الحكومية الأصل أن يحصلوا على سنة واحدة فقط لدراسة اللغة ضمن قرارات ابتعاثاتهم دون النظر إلى مستواهم في اللغة وقد يحصلون على تمديد لستة أشهر بعد أن يَتعبوا ويُتعبوا، وبما أن نسبة ليست بالقليلة من الطلاب مستواه في اللغة الانجليزية لا يؤهلهم للحصول على 4.5 في اللغة حين قدومهم فمن الخطأ أن يُطلب منهم أن ينهوا مرحلة اللغة في عام واحد فقط، فهم لن يستطيع ذلك في الغالب الأعم.

وبما أن الفقرة الأولى من المادة السابعة من لائحة التدريب الابتعاث تتيح لمجالس الجامعات السعودية منح المبتعث سنتين للغة إذا تطلب الأمر ذلك، كأن يكون خريج تخصص أدبي يُدَرس باللغة العربية، وهذا معمول به في الجامعات. لذا لعله من المفيد والموفر للجهد والوقت أن يتم إصدار قرارات الابتعاث بما يوائم مستوى الطالب في اللغة الإنجليزية فخريجي التخصصات الطبية والعلمية قد تكون سنة كافية لهم لمرحلة اللغة في الوقت الذي يمنح فيه خريجي التخصصات النظرية سنة ونصف قابلة للتمديد لسنتين. و حتى لا يكون حصول الطالب على هذا القرار من البداية سببا في عدم جديته قد يتم تقيمه كل ستة أشهر للتأكد من مستواه الدراسي.

اعتقد أن هذا سيخفف كثيرا من الجهد على الطالب والملحقيات فمعاملات التمديد من الأمور المرهقة والمتكررة فضلا عن الضغط النفسي الذي يؤثر على مسيرة الطالب ويشغل تفكيره، كذالك سيقلل هذا الإجراء من تكرار دفع تكاليف رسوم الفيزا والكشوف الطبية كما يحد من كثرة المخاطبات والتلاوم بين المعاهد والملحقيات. إن تمديد مرحلة اللغة للطلاب الجادين هو استثمار حقيقي في هؤلاء الطلاب الذين بذلوا الجهود المطلوبة منهم غير أن ضعفهم في اللغة قبل قدومهم هو ما أعاقهم عن الحصول على الدرجة المطلوبة.

من الفوائد المرجوة أيضا تقليل البرامج الرديفة التي تتَّبعها كثير من الجامعات بدافع مادي حتى لا تخسر دخول الطلاب إليها، فتُمكن الطالب من دخول الجامعة حتى لو لم يصل للمستوى المطلوب مما يجعله يواجه صعوبات جمة حين دخول الجامعة بالذات في التخصصات التي تحتاج إلى مهارات لغوية عالية. إن انخراط المبتعث في برنامج جامعي بلغة لم يتمكن منها سيقلل من مقدار الفائدة التي سيحصل عليها، هذا إذا لم يكن عائقا حقيقيا في حصوله على الدرجة العلمية.

بقي أن أشير إلى أن دراسة اللغة لسنة أو حتى سنتين لا تعني إتقان الطالب لها ما لم يضاعف الجهد ويحرص على تعلم لغة التخصص من خلال برنامج متكامل يعمل فيه الطالب على تعلم اللغة بمختلف الوسائل المتاحة له فالأيام ستمر سريعة جدا.


* رابط المقال كما نُشر في سبق


مواضيع أخترتها لك:

السبت، مايو 08، 2010

سنحاسبك ... حتى لو كنت الرئيس

image

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله,,,

استمرارا مع القاعدة المطردة هنا "لا عطاء بدون تقييم للأداء"، ففي نهاية العام الدراسي تزدحم الجامعة بنماذج تقيم الأداء على كل مستوى، تكون في هذه المرحلة من الأدنى للأعلى فكل شخص يقيم من يرأسه أو يقدم له خدمة، فيقيم الطلاب أساتذتهم والأساتذة رؤساؤهم إلى أن يصل التقييم لأعلى الهرم. هذه البيانات تخضع للتحليل والتمحيص من مركز متخصص في هذا النوع من الدراسات ليقدم نتائجه على شكل تقرير قبل بداية العام الدراسي. يتغير الاتجاه في هذه المرحلة فكل مسئول يراجع هذه التقارير مع مرؤوسيه من خلال التقرير الذي نتج عن إجابات المستفيدين و ليس بشكل شخصي.

تبدأ سلسلة التقييم بلقاء يعقد قبل أسبوع من بداية العام الدراسي لمجلس الجامعة فمراجعة أداء المؤسسة و تقيم أداء إدارتها العليا هي من المهام الرئيسية لمجالس الأمناء بنص نظام المؤسسات الحكومية الاسترالية. كان هذا اللقاء غريبا عجيبا بالنسبة لي فرئيس الجامعة هو المستهدف بالتقييم و المحاسبة في هذا اللقاء الذي يمتد من الـ 12 ظهرا إلى التاسعة مساء (رئيس الجامعة هو المدير الفعلي للجامعة من الناحية التنفيذية وهو معين من قبل مجلس الجامعة ويعتبر عضوا بالمجلس وليس رئيسا له، بل رئيس مجلس الجامعة هو شخص من خارج الجامعة كما سبق الإشارة إلى ذلك).

"أين نحن وإلى أين نمضي" هو شعار اللقاء الذي تدار حلقاته المجدولة بعناية من خلال استشاري متخصص في تقيم أداء المؤسسات وبحضور أعضاء مجلس الجامعة. يهدف اللقاء إلى محاسبة رئيس الجامعة على أدائه في العام المنصرم وبحث الخطط العملية للعام القادم والأخطاء التي يجب عدم تكرارها، وقرارات اللقاء مُلزِمة وليست مُعلِمة بل نتائج اللقاء تحدد ما إذا كان رئيس الجامعة سيمنح الثقة للاستمرار أم عليه أن يتنحى ليمسك بالدفة شخص أقدر على قيادة الجامعة لتحقيق أهدافها.

تُعرض الخطة الإستراتيجية للجامعة مع تقييم للوضع الراهن والمستجدات على الساحة ثم يقوم رئيس الجامعة بالحديث عن الانجازات والعوائق في العام الماضي والتوقعات والتحديات في العام المقبل. كما يُقدِم تقرير عن أداء خريجي الجامعة وتقيم مستواهم من جهات محايدة تكون في الغالب من القطاع الخاص الذي يقوم بتوظيفهم ويعتبر هذا المعيار من أهم ما يُشير إلى مدى نجاح رئيس الجامعة من عدمه.

هناك حلقة نقاش رئيسية يتم فيها تقييم أداء رئيس الجامعة ووجهات النظر الشخصية لأعضاء المجلس عن نقاط القوة والضعف لديه ويتم ذلك بعدم حضور أي شخص سوى أعضاء المجلس حتى مدير الجلسات ورئيس الجامعة يغادران القاعة و يحرص رئيس مجلس الجامعة على أخذ جميع الآراء المتعلقة بإدارة الجامعة ورئيسها تحديدا، بعدها يتم استدعائه وتوجيه الملاحظات والتوصيات إليه مباشرة من قبل رئيس المجلس كما يتم إرساله له بشكل مكتوب. اللقاء ليس شكليا فلا زلت اذكر تعبيرات وجه رئيس الجامعة وكأنه متقدم للحصول على وظيفة يستمع للتوجيهات بكل اهتمام.

الجميل في تلك النقاشات المطولة هو تعدد وجهات النظر فالخلفيات التخصصية والخبرات العملية متنوعة مما يعطي وجهات نظر مكملة لبعضها دون أن يؤثر الخلاف الفكري في العلاقة الشخصية فاللغة الوطنية هي سيدة الموقف وحمل هم المجتمع هو الأصل في كل ما يقال فلا ننسى أن أعضاء المجلس متطوعين لأداء هذه المهمة.

آخر حلقات اللقاء كان عبارة عن استضافة لمتحدث متخصص في شؤون التعليم العالي وتحدث عن الأزمة المالية وانعكاساتها على التعليم العالي على مستوى العالم ولعلي أشارككم بأبرز ما في حديثه فقد ذكرني بكلمة لبرفسور أمريكي "فكر بعالمية وتصرف محليا"، فحديثه كان بلغة عالمية ونصائحه محلية. أحسست طوال حديثه أننا في الولايات المتحدة الأمريكية لكثرة ما يرد ذكرها فهل أمريكا هي العالم ! أو كما قال المتنبي :

أنام ملئ جفوني عن شواردها ويسهر الناس جراها ويختصم

كان مما ذكر أن الصين مارد كبير إلا انه يتغذى بالقليل فهو يستهلك 5% فقط من إنتاج العالم في الوقت تستهلك أمريكا 25% من الناتج العالمي وبعبارة أخرى لو توقف الاستهلاك الأمريكي لبضاعة الصين لانهار الصين كما يقول.

كان لقاء جميلا ومثمرا ومثيرا خصوصا أني رأيت بنفسي كثيرا من التوصيات التي اتخذت في ذلك اليوم تتحول إلى واقع ملموس أعيشه حاليا والأعجب من ذلك أن يكون طالب أجنبي يؤخذ كلامه بهذه الجديدة وتشكل اللجان وترفع التقارير ردا على استفساره أو تنفيذا لاقتراحه.

يتبع هذا اللقاء لقاءات عدة على مستوى وكالات الجامعة و الكليات والأقسام ليتولى كل رئيس تقيم أداء مرؤوسيه من خلال التقارير التي بُنيت على تقيم مرؤوسيهم لهم، بل أن أحد ابرز الأساتذة في الجامعة اعتاد أن يعرض لطلابه في أول محاضرة له نقاط القوة والضعف لديه بناء على تقييم من سبقهم من طلاب !

سؤالي هنا: هل من مؤسساتنا الصغير أو الكبيرة، الحكومية أو الخاصة، من تعقد لقاء تقيميا لأدائها على هذه المستويات أو بعضها، وهل تتم بهذه الشفافية و الاحترافية؟

أتمنى ذلك!


* رابط المقال كما نُشر في سبق


مواضيع أخترتها لك:

الأربعاء، مايو 05، 2010

جُرأة الأمل..

image

العنوان: جُرأة الأمل.. أفكارٌ عن استعادة الحُلْم الأمريكي

المؤلف: باراك أوباما وترجمة معين الإمام بالاشتراك مع مؤسسة محمد بن راشد آل مكتوم

الناشر: مكتبة العبيكان 2009 م

عدد الصفحات: 368

من أكثر الكتاب مبيعا وإن كان كُتب بعد وصول اوباما إلى الكونجرس عام 2006 غير أن مبيعاته قفزت بالتزامن مع الانتخابات الأمريكية الأخيرة التي أوصلته إلى البيت الأبيض.

تحدث الكاتب من خلال 9 فصول عن أمور عدة هي شرح لأفكاره التي طرحها في خطابه الشهير أمام الحزب الديمقراطي وقد اختار لكتابه عنوان جرأة الأمل كاقتباس من قس. ويقول أوباما: "لقد وُلد هذا الكتاب وَنَمَا عبر محادثاتي مع الناس، ويضم أفكاري ومعتقداتي" كما أشار إلى أنَّ مقابلاتِه ولقاءاتِه مع الناخبين لم تؤكد له ما يتمتَّعُ به الشعبُ الأمريكي من لِيَاقَة وذوْق وحشمة فقط، بل ذكَّرته أيضًا بأنَّ مجموعة من المُثُل العليا التي ما زالت تحرِّك الضمير الجمعي تقع في صميم التجربة الأمريكية، مؤكدًا في الوقت نفسه على مجموعة مشتركة من القيم العليا التي تجمع الأمريكيين معًا، على الرغم من الاختلافات التي تفرِّق بينهم.

لن اعرض هنا تفصيلا لما في الكتاب فهناك عرض جميل على موقع الإسلام اليوم يمكن الرجوع له من هنا لكني سأعرض ملاحظات قد تكون مفيدة لمن يريد اقتناء الكتاب.

الكتاب يبدأ بفصل ثقيل بعض الشيء على القارئ فهو يتكلم عن الحراك السياسي الأمريكي الداخلي وهو ملئ بأسماء لا تحمل للقارئ غير الأمريكي أي قيمة في مجملها فهي عارية من الألقاب والمناصب ! وهذا من عيوب الكتاب الظاهرة فهو بحاجة لفهرس للأعلام والأماكن لتتضح الصورة للقارئ الأجنبي.

من خلال هذا الكتاب يتضح الفرق بين المؤلَف الشرقي والمؤلَف الغربي فالكتاب نتاج لعمل مؤسسي ضخم كل فيما يخصه وهذا واضح من كلمة الشكر الموجودة في خاتمته. بعكس غالبية المؤلفات العربية التي تعتمد على جهد المؤلف بالدرجة الأولى.

العبارات المتناثرة في الكتاب قوية ومؤثرة ومداخل الفصول متميزة جدا تبدأ بذكر حادثة أو ذكريات شخصية ينطلق بعدها للحديث عن أفكاره وعرض الأفكار المؤيدة والمعارضة لها.

تعصب اوباما للديمقراطيين واضح فهو يمدحهم في اغلب المواضع في الوقت الذي لا يفوت فرصة للنيل من الجمهوريين. كما أن الكتاب باعتقادي بلغته الوطنية ونضرته المستشرفة للمستقبل قد يكون من أسباب وصوله للبيت الأبيض. وبالجملة اعتقد أن الكتاب يعد ممتعا و به العديد من الأفكار الرائدة والحس الوطني العالي.

أخيرا فإن الكتاب كُتب للأمريكيين فستجد الحديث عن عبقرية وتضحية ونبل الآباء المؤسسين كما يسميهم. كما يتحدث عن الدستور وكأنه كتاب مقدس فلا يرى له عيبا سوى ما يخص الرق (الذي انتقده في كل فصل تقريبا) وقد تخلص الدستور من هذا العيب.

28/2/1430هـ

8/2/2010 م


مواضيع أخترتها لك:

السبت، مايو 01، 2010

أيها المبتعث … أوقف الفساد

image

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله,,,

تحدثت في مقالات سابقة عن ارتباط شديد بين العطاء و الأداء واعتقد أن هذه القاعدة مطردة في كثير من الأحيان، و نحن كمبتعثين نعيش في جو تبرز هذه القاعدة في كل ما حولنا فلا أخذ بدون مقابل في ثقافة المجتمعات المتقدمة، لا يخرم هذه القاعدة عندي سوى برامج الابتعاث في دول الخليج العربي فحتى الطالب الاسترالي يدرس بقرض تمنحه إياه الحكومة على أن يتم استرداده بعد التخرج بواقع 1% من دخله.

بما أن المبتعثين يعيشون جواً من الانضباط ووضوح للأنظمة يجعلهم في كثير من المواقف يقارنون بين ما هناك في الوطن وما هنا في المهجر لينتقدوا بصوت عالٍ ويشخصوا الأدواء ويقترحوا الدواء، أريد كمبتعث أن أكون صريحا مع نفسي أولا ومع إخوتي ثانيا.

هل أكون صادقا إن قلت إن الدلال الزائد الذي نتلقاه أفسدنا أو سيفسدنا ؟ فبنظرة بسيطة لزملاء الدراسة سنلاحظ فرقا كبيرا بين اهتماماتنا واهتماماتهم وخصوصا طلاب الدراسات العليا، فمعظم برامج الدراسات العليا حتى وإن قيل أنها بنظام الانتظام الكلي فهي مصممة بحيث لا تستوجب كل الوقت، فمعظم الطلاب يقومون بأعمال أخرى إلى جانب دراستهم سواء بالعمل داخل الجامعة في التدريس والمعامل والبحث العلمي أو في المطاعم والأماكن التي تقدم فرصة للطلاب للعمل الجزئي، فحتى نظام الإقامة والهجرة يتيح للطلاب العمل بما لا يزيد عن 20 ساعة أسبوعيا.

و في الوقت الذي تتمحور الحوارات بين الطلاب عموما على مستجدات البحث العلمي أو البحث عن فرص عمل جزئي يكون عائده مشجعا، تجد جل أحاديثنا الجانبية تتمحور حول فرص التمشية والترفيه والمطاعم الجديدة التي فتحت حديثا.

إن مكافأة المبتعث تتجاوز في أحيان كثيرة صافي رواتب أساتذتهم في الجامعة بعد خصم الضرائب. أعرف أن من لديه أطفالاً في الحضانة قد يعاني بعض الشيء لتغطية الرسوم، لكن بالعموم وضع المبتعثين المادي أصبح مدعاة للتفنن في نوعية السكن في أرقي الأحياء وقضاء الإجازات بطريقة مستنزفة للموارد المالية بل حتى رحلات الذهاب والإياب للوطن في الإجازة السنوية كثيرا ما تكون ضمن رحلة ترفيهية لإحدى الدول الواقعة في الطريق بل لا بأس من دفع مزيد من المال لتغير خط السير للمرور على بلد جديد.

لست هنا مستكثرا ما يبذل على المبتعثين فأنا احد المستفيدين من هذا النظام، لكن الدلال الزائد قد يكون مفسدا. إن وجود جهة تتولى دفع الرسوم الدراسية وتحويل راتب مجزٍ في نهاية كل شهر فضلا عن تغطية رسوم دراسة الأبناء ومصاريف العلاج لهو أمر كافٍ لا يحلم به أكثر الطلاب تفاؤلا من أبناء الجنسيات الأخرى بل ولا أبناء البلد أنفسهم. ومع ذلك كله ففي أي مجلس ستجد انتقادات لأداء وزارة التعليم العالي و الملحقيات بل وحتى الأندية الطلابية ولست هنا منزها لهم من النقص والتقصير، لكني أريد أن نوجه النقد الصادق لأنفسنا التي نستطيع معالجة نقصها وتجاوزه.

الطالب المبتعث أصبح يفترض أن يُستقبلَ في المطار عند قدومه ويُودَع إلى المطار بعد تخرجه ويعيش ما بينهما محفوفا برعاية الأندية الطلابية و الملحقيات الثقافية فمتى وكيف سيكتسب تجربة الغربة. أحدهم ينتقد قائلا "يا أخي النادي عندا غريبين، تصدق مسوين طلعة ما فيها شاي و لا قهوة". الله اكبر... حتى الشاي والقهوة استكثرنا أن نحضرها من بيوتنا. تقيم الأندية مناشط ينفق عليها عشرات الآلاف من الدولارات لا يكلف المبتعث نفسه في كثير من الأحيان بتنظيف مكانه الذي أكل فيه بعد وجبة عشاء دسمة فضلا عن المساهمة بدفع رسوم للحضور تشعره بالمشاركة وتعطيه حق المطالبة بما يكون ولا يكون، ثم تسمع من يقول "الرز بارد".

يا من تنقد الفساد ليل نهار، اعلم أن غيابك عن حضور محاضراتك قمة في الفساد، واعلم أن اعتمادك على مواقع عمل الأبحاث من الفساد، و أن عدم تخرجك في الوقت المحدد دون سبب حقيقي من الفساد. احدهم يقول لا أريد أن أتخرج، فراتبي هنا لن احصل عليه هناك، فهل هذا من الفساد؟. قضاء الزمن بين النوم وشاشات التلفزيون و السينما هو من الفساد، دراسة المرافقين لمجرد التسلية من الفساد، عودتك دون إتقانك للغة البلد الذي عشت فيه من الفساد، إنفاق أكثر من نصف ميزانيات الأندية على وجبات الطعام من الفساد. مقاربة الفواتير الطبية للفواتير الدراسية بسبب إرسالها مباشرة إلى الملحقيات دون مخاطبة شركات التأمين هو من الفساد وغيرها وغيرها.

سلوكيتنا في كثير من الأحيان أشبه بسلوك الولد المدلل الذي كلما أُعطي أكثر بكى واشتكى أكثر. نشأت في مجتمع قروي يعتمد كثيرٌ من الآباء فيه على أبنائهم في الزراعة والرعي وأتذكر جيدا أن الأبناء المدللين في ذلك المجتمع تنقصهم الكثير من المهارات التي اكتسبها أقرانهم الذين عركتهم الحياة وصقلتهم التجربة.

في الجامعة التي أدرس فيها وهي مصنفة ضمن الجامعات التي بها تكدس للطلاب السعوديين فاجأني أننا نحل في المرتبة الثالثة عشر بين الجنسيات من حيث عدد الطلاب ومع ذلك فإن أكثر من 14 ألف طالب أجنبي في الجامعة مسئولون عن دفع رسومهم الدراسية في غالبيتهم فضلا عن أن يجدوا متابعة واهتماما. إن من المضحك المبكي أن غالبية الطلاب المبتعثين لا يعلم مقدار الرسوم الدراسية فضلا عن أن يعلم بمواعيد دفعها ويجدول نفسه وجهده للقيام بذلك من جيبه الخاص لا من حوالة تأتيه من أسرته أو من حكومته !

لعلك عزيزي القارئ بدأت تقول "معليش أتعبتنا، فماذا تريد؟ هل نرفض المنحة وننتقل للعمل في المطاعم ومعامل الجامعة لنتميز؟"

لا يا عزيزي ليس هذا المطلوب ولكن المطلوب أولا أن نشكر الله على النعمة التي نعيشها ونحمده سبحانه على عطائه ومنه، المطلوب أن لا يسبقنا أحد في التميز الدراسي، المطلوب أن نستثمر فضول أوقاتنا في تطوير مهاراتنا لنرد الدين لوطننا ومجتمعنا الذي دفع تكلفة بعثتنا فمئات الآلاف من أقراننا يعانون من البطالة، المطلوب هو بذل الجهد في تحقيق الهدف الذي ابتعثنا من أجله من تحصيل العلم والمعرفة، المطلوب هو أن نفتش عن أسباب التقدم والرقي في المجتمعات التي نعيش فيها لنتشربها و ننقلها معنا إلى أوطاننا، المطلوب هو البعد عن الصراع الفكري واستبداله بتطوير الفكر والبعد عن التعصب والتصنيف والإقصاء.

مئات المبتعثين الجادين وصلوا إلى مقر البعثة وغادروا حاملين لشهاداتهم متسلحين بالعلم والمعرفة والخبرة دون أن يُتعِبوا أو يَتعبوا فهم قدموا لهدف معين حققوه كما يجب أن يكون ثم عادوا والمطلوب أن نكون منهم.


* رابط المقال كما نُشر في سبق


مواضيع أخترتها لك: