بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله,,,
حين كنت طالبا في السنة الأولى بكلية الحاسب (جامعة الملك سعود) عام 1417هـ كنت أحد ضحايا قرار إيقاف السكن الجامعي، وقد دفعني ذلك للسكن في منزل أحد أعمامي حفظهم الله بحي العريجا الغربي، فانحلت مشكلة السكن وظهرت مشكلة المواصلات. لم يكن أمامي من وسيلة سوى سيارات الأجرة "ليموزين" وهي تكلفني 40 ريالا في اليوم الواحد، مما يعني أن المكافئة لن تكفي للمواصلات فضلا عن المصاريف الأخرى. ولأن منزل عمي يقع قريبا من طريق الحافلات "خط البلده" قلت لماذا لا أخوض التجربة، فلعلها توفر علي بعض المال.
خرجت مبكرا جدا في ذلك اليوم وركبت الباص باتجاه البطحا، ومن يعرف الرياض يدرك أني لست في اتجاه الجامعة ولا قريبا منه ولكن ليس هناك خيار آخر، على منهج "وين إذنك يا جحا". من البطحا ركبت باص آخر أوصلني إلى طريق الأمير عبد الله (في ذلك الحين) فاضطررت الى ركوب سيارة اجرة تدخلني الى الحرم الجامعي، وصلت إلى كلية الحاسب بعد ما يزيد عن ساعتين من الركوب والانتظار والمشي، ولا تسل عن الجهد و التعب والعرق مع تكلفة اجمالية بلغت 9 ريال بدلا من 25 دقيقة و 20 ريال مع ثوب مكوي و راحة بال!!
بطبيعة الحال كانت التجربة الأولى والأخيرة، فالباص رديء بكل ما تحمله الكلمة من معنى - اعتقد انه صنع في أوائل الثمانينات - أما من ناحية النظافة والروائح المنبعثة فحدث ولا حرج. كما أن أسلوب السائق في القيادة مشابه إلى حد كبير لطريقته الفجة في التعامل مع الركاب، يقف الباص في أي مكان بمجرد مشاهدة من يؤشر له، أو عند سماع خبط على الأرض أو في السقف كإشارة لرغبة احد الركاب في النزول. لم يكن هناك أي مواطن يركب في الباص غير السائق، بل إن نظرات الاستغراب كانت بادية على الركاب وهم ينظرون لشخص يلبس ثوبا مكويا و شماغاً ويركب باص "خط بلده" !! كان هذا الوضع في الرياض، أما في جازان - حيث نشأت - فلم اسمع بهذه الخدمة أصلا.
مرت الأيام ... وحين قدومي إلى استراليا في عام 1426هـ استعجلت كغيري من الطلبة السعوديين في شراء سيارة خلال الأيام الأولى من وصولي، والسبب في اعتقادي هو افتقارنا لثقافة النقل العام. مرت الأيام وعلاقتي بوسائل النقل العام ليست قوية، وفي الأسبوع الماضي أردت الذهاب للجامعة لحضور محاضرة لبروفسور زائر للقسم، ولأن هناك مشروع توسعة في مواقف الجامعة، فقد وجدت أن الباص هو الوسيلة الأمثل للذهاب للجامعة لأتجنب عملية البحث الطويلة عن موقف مناسب لسيارتي.
كنت ألبس بدلة رسمية - على غير العادة - فاليوم هو الجمعة وسأذهب إلى المسجد بعد المحاضرة مباشرة. دخلت على الموقع الخاص بحركة الباصات على الإنترنت، وحددت نقطة انطلاقي ونقطة وصولي فخرجت لي قائمة بالخيارات المتاحة. نزلت لمحطة الباص التي تبعد اقل من 50 مترا من منزلي، و قابلت في محطة الانتظار بروفسورا سبق أن درسني في مرحلة الماجستير وأعرف انه من أبرز أعضاء هيئة التدريس على مستوى الجامعة بل ومن أعلاهم راتبا. بعد اقل من دقيقتي انتظار جاء الباص في موعده تماما، ركبت بعد البروفسور الذي كان يحمل تذكرة أسبوعية، أما أنا فدفعت قيمة التذكرة - المخفضة للطلاب - مع أن قيمتها زهيدة أصلا حتى دون تخفيض.
الباص مكيف ونظيف جدا، كما أن مقاعده مرتبة بطريقة تعطي للراكب ارتياحا، فضلا عن وجود أماكن لكراسي المعاقين ومن يصطحبون عربات الأطفال وهم يستطيعون الركوب إلى الباص دون أي عناء، فالباص مصمم بعناية لتقديم الخدمة لهم. كما أن الباص مزود بزجاج جانبي واسع جدا يتيح لك منظرا بانوراميا لكل ما حولك، كما يوجد عدة ازرار - موزعة في الباص بطريقة عملية - تتيح لك طلب التوقف من السائق دون إزعاج أو خبط على الأرض أو الكرسي المجاور.
قبل يومين كنت أحدث أحد الزملاء عن فكرة النقل العام وأسباب إحجام المواطنين عن استخدامه، حيث اعتقد أن رداءة الخدمة وعدم توفرها من أهم أسباب ذلك الإحجام. فقال لي بالحرف الواحد: "تريد الضباط ودكاترة الجامعات يركبوا في النقل العام، والله لو كان بوينج 747 تمشي على الأرض ما ركبوه ما دام سيجمعهم بالعمالة وصغار الموظفين".
قلت له هدئ من روعك، ودعنا من الضباط ودكاترة الجامعات، فابني ينتقل من والى المدرسة مستخدما الباص المخصص لنقل طلاب المدارس وبسعر مخفض مما يريحني ويسعده في نفس الوقت. فلنبدأ بطلاب المدارس والجامعات فوجهاتهم محددة ومنضبطة إلى حد بعيد، كما أن تعويدهم على وسائل النقل العام ستهيئهم لاستخدامها في المستقبل إذا ما ارتاحوا لها. كما إن توفير تلك الوسيلة سيقلل من هدر الأرواح الناتج عن تهور كثير من صغار السن في قيادتهم للسيارات الخاصة.
أضف إلى ذلك أن توفير وسيلة نقل عمومية (مريحة ونظيفة ومنضبطة في مواعيدها مع انخفاض تكلفتها) له جوانب ايجابية كثيرة. ومن تلك الجوانب على سبيل المثال لا الحصر: تخفيف الزحام والاقتصاد في المصاريف وتقليل آثار التلوث البيئي، كما أنها تعود الشخص على الانضباط, فالباص أو القطار لن ينتظر أحد، وسيضطر للانتظار في حالة تأخرك عن الموعد المحدد مما سيجعله أكثر التزاما بالوقت في المرات القادمة.
روابط ذات علاقة:
باصات سابتكو الجديده تصميمها جيد ومقاربة لباصات استراليا.
ردحذفولكن وحيث سبق لي العمل في هذه الشركه. اقول ان دراسات الجدوى اظهرت عدم الجدوى من تشغيل النقل الداخلي بشكل فعلي.
السلام عليكم
ردحذفاخي الكريمبداية لا اجد نفسي الا أني احسب أن الله قد بارك في وقتك فأسأل الله أن ينفع بك وبما كتبت وما ستكتب. فهاأنت تنتقل من الريف الاسترالي الى باصات خط البلدة وكيف لو انك يوما من الايام ابصرت حافلةالبلد- طريق مكة-كيلو سبعة-كيلو2-كيلو14 والعودة في نفس الاتجاه,لتجدن ان خط البلدة مقارنة بما سبق بمثابة باصات برزبن والقولد كوست.ولكن ربما نستطيع تغيير ماسبق باستخدام المادة ولكن ياترى هل نستطيع أن ننزل الناس من مواكبهم ونقول لهم الافضل ان تشتروا تذكرة يومية تنتهي صلاحيتها بنهاية الخدمة لهذا اليوم؟؟؟دعني اذكر هذه القصة التي حصلت في جامعة الملك عبدالعزيز حينما كنت طالبا انذاك.كان احد اعضاء هيئة التدريس اعتاد ان ياتي الى الكلية بسيارته الشخصية وهو الذي يقودها.ومع مرور الايام صدرت ترقيته ليكون وكيلا للكلية.في اليوم التالي وحينما كنت ذاهبا للكلية رأيت سيارة د/....... ولكن ليس هو الذي يقودها أظنه كان سائقا بالفعل كان سائقه الشخصي ولكن مازلت ابحث عن الدكتور واخيرا ترجل السائق من السيارة ويفتح الباب الخلفي للمرسيدس بينز فإذا بوكيل الكلية ومعه حقيبته الشخصية.هل هذا مدرج في بنود الترقية ؟؟الله اعلم. "تريد الضباط ودكاترة الجامعات يركبوا في النقل العام، والله لو كان بوينج 747 تمشي على الأرض ما ركبوه ما دام سيجمعهم بالعمالة وصغار الموظفين".
ختاما اود ان اشكرك اخي ابا المعتصم واقول مازلت متفائلا بأن يأتي الله بقوم يركبون حافلة النقل العام اذا عدل من وضعها وقننت بنظام كما هو هنا وهم امثالك فأنت ربما لا تكون وكيلا لكلية فحسب بل عميدا ينفع الله بك .
عصام
ردحذفمتابعتك جميلة بارك الله فيك
عدم الجدوى ناتج من عدم الرغبة في استخدام تلك الوسائل
اسماعيل
ردحذفحياك الله
المظاهر هي ما نسعى اليه كثيرا
فمن خلالها يشعر الكثير بتحقيق ذاته
دمت في رعاية الله
نعم اخي اننا نفتقر لهذا النوع من الخدمة المنظمة ولكن نحن كمواطنين نفتقر لثقافة الانتظار اولا فيصعب علينا ان ننتظر الباص في وقته المحدد او ننتظره ليتوقف بعدة محطات ولذلك فنحن نحب سياراتنا الخاصة لأنها تنقلنا متى اردنا ومتى لا نريد البقاء وبالسرعة العالية فنحن من يسابق الزمن فكيف نسمح له ان يكون مجدولا في اولوياتنا
ردحذفشكر الله لك لفتتك لهذه القضية
مشرف
سلمت أناملك يا اخي حسن على هذا الموضوع الشيق
ردحذفونأمل أن يتحسن النقل العام عن قريب
ابو جيداء
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
ردحذفلم يخطيء زميلك , اعتقد انه يلزمنا الكثير لتتغير مفاهيمنا وقناعاتنا
وربما لرداءة الخدمات المُقدمة اصلاً دور في ترسيخ هذه القناعات
حيث باتت وسائل النقل العامة خاصة بمحدودي الدخل
اشكرك م حسن فمواضيعك جديرة بالمتابعه
هدى العتيبي
بسم الله الرحمن الرحيم
ردحذفزمن اول تحــــــــــــول
بارك الله فيك , موضوع ماتع
غزلان الغامدي
مشرف
ردحذفثقافة الانتظار والانضباط
شكرا على هذه الإضافة
ابو جيداء
حياك الله
هدى العتيبي
مفاهيم وقناعات ام ردائة خدمة كونتها
جميلة هي اضافتك
غزلان
هل تحول الى الأفضل ؟
اتمنى ذلك
شاكرا متابعتكم وتعليقاتكم
عندما أتيت لهذه البلاد لم أذكر أني فكرت في شراء سياره وذلك لوجود الباصات والاترام الكهربائية والميتروات ، ولو تلاحظ أنك مشيت بسيارتك لدوامك الجامعه ولا لأي مكان تريده تصل متأخر لكن لو أخذت الوسائل هذه تصل في وقت قصير وبصراحة أني فكرت لو عملت السعودية في عمل مشروع كهذا في المدن الكبيره لكي نفتك من الزحمة بس هل أنه سيجدي نفعا؟ هل سيأخذه المجتمع وبسهوله وخاصه في الاختلاط ؟
ردحذفسعدت بهذا الموضوع الرائع وسلمت يداك
أخوك
شوقي
شوقي
ردحذفافتقدتك كثيرا
حياك الله ومشكور على اللإضافة
مرحبًا حسن الحازمي ..
ردحذفمهندسون كثر يطالبون البلديات بالتفكير في النقل العام " كحل " مثالي لزحام
السير , و مشكلة عبث الأطفال في الطرقات .
سمعنا عن خطة ربط المشاعر المقدسة بمشروع نقل عام , وغيره من أتراب
المشروعات المرورية , وتتنظر موافقات جهات عليا و تخصيص دعم كاف لها .
لك جزيل الشكر
نوار
مقال جميل ..
ردحذفوطلب واقعي ..
لكن لا يكن على غرار خط البلدة !!
وفقك الله استاذنا ..
مرحباً بالمهندس حسن الحازمي
ردحذفدول سبقتنا بمئات السنين في هذا الجانب ولم نفكر الإستفادة من تجاربها
فالنقل العام لا يعني الباص فقط فالترام والقطار هما أيضاً من وسائل
النقل العام داخل المدن .
وكأن المسؤولون عن القرار يتناسون تأثير التلوث الناجم عن المركبات
ويغمضون أعينهم عن إحصائية الوفيات الكارثية , ويهملون التفكير في حقوق الماشي
على رجليه من متعة الحركة والفائدة الرياضية ومنها نتج الكسل وضعف الإنتاج .
لدينا بترول ومال بغزارة وثقافتنا الإجرائية على ظهر سلحفاة !!
عني في رحلاتي لدول أوروبا أستمتع بالنقل العام كثيراً وأعشقه وأبكي الأطلال جواره .
تحية إعجاب لخلاصتك الجميلة ,,
لامع
اخي نوار
ردحذفالمشاريع المطروحة كثيرة من حيث الأفكار
ولكن نفتقر التنفيذ
وقبلها زراعة ثقافة تساند هذه المشاريع
اشكر لك اخي متابعتك الدائمة
اشكرك اخي
ردحذفخط البلدة ما ينركب :)
اخي لامع
ردحذفإضافة جميلة اخي لامع
في بعض المدن الرئيسية التي زرتها يوجد اكثر من 5 وسائل مواصلات مختلفة
اعتقد ان الحديث عن الباصات مرحلة متقدمة جداً في السعودية، اذا توفر قطار نظيف ومريح ينقلك داخل المملكة من مدينة الى مدينة اعتقد تاتي بعدها مرحلة الحديث عن الباصات
ردحذفاتعبتنا يابو المعتصم من المقارنات بين السعودية واستراليا ما ودك تغير عاد.
من سبق
شكراً لك أخي الحازمي. مقالك صائب تماماً. أنا أرجوا توفر خدمة نقل عام مناسبة قريباً.
ردحذفرداً على الرد رقم 1:
أخي الكريم، ربماً ما يجب فعله هو الخروج من حالة الإحباط هذه و البدء بالتحدث عن المشكلة و اقتراح الحلول الآن، كما في المقال.
انا اؤيد ذلك وبقوة ....ولكن المشكلة تكمن في البنية التحتية للسعودية والتخطيط من الاساس ..ولكن لماذا لا نبداء من الان ونتدارك اخطاء الماضي ...لعلنا ننج بعد 10 او 20 سنه المهم نبداء
ردحذفبالنسبة للاخ صاحب التعليق (1 )اسمحلي اخالفك الرأي فالانتقال داخل المدينة يخدمة شريحة اكبر(طلاب وطالبات وموظفين ) ويخفف الزحام وقد يكون معك الحق في لو كان هناك قطار الى مكة والمدينة المنوره لكونها المشاعر المقدسة .
اتمنى استمرارك في نقل ما تعلمته في استراليا الى وطننا وكلا من خلال موقعه يقدم ما يخدم دينة وبلدة
بالتوفيق
من سبق
سلمت أناملك يا أبا المعتصم على هذا الموضوع الشيق
ردحذفونأمل أن يتحسن النقل العام عن قريب
من سبق
استمر في هذه المواضيع .........
ردحذفكثر الله من أمثالك ..
أحس أن الدنيا لا تزال بخير
من سبق
صقر العروبة حفظه الله ، لم يقم بهذه الخطوة الجبارة المتمثلة بإبتعاث الشباب السعودي إلى جميع الدول على مستوى العالم إلا وهو يعلم بأنه سيجني نتيجة هائلة في تطوير فكر الشباب الطموح أمثالك يامهندس حسن لينعكس ذلك مستقبلا على الرقي ببلدهم إلى مصاف الدول المتقدمه كحضارة مدنية ، اسأل الله لك التوفيق والسداد ولكل مبتعث من ابناء بلدي ، رعاك الله ووفقك
ردحذفمن سبق
بارك الله في وقتك و قلمك أبا المعتصم,
ردحذفواحدة من عشرات الأمنيات التى نتمنى أن نراها في بلادنا ... مثل
النظام الصحي
نظام النقل
نظام المرور و السير (و لقد سمعت مؤخرا أنه تم التعاقد مع شركة أسترالية بخصوص نظام المرور و السير)
هذا و هناك ميزانيات ضخمة تضخ ... و لكن ... قلة الخبرة و التخطيط العشوائي و ضعف الرقابة(ذاتيا و إداريا) هي أسباب تقف أمام الرقي و التنمية في بلادنا.
ينقصنا الكثير .. والكثير ..
ردحذفاهتماماً .. وإدراكاً .. ووعياً ..
* تحياتي م / حسن ..
كتاباتك تحيي الكثير من الآمال .
خالد شريفي
الاخ حسن الحازمي
ردحذفموضوع جميل جداً وفعلاً وسائل النقل العام سيئه جداً ويمكن ان تقارن حتى باسوء الدول حولنا 00احنا متفقين على النقطه هذي اوكيه 00 بس المشكله ماهي هنا المشكله ياحبيبنا تكمن في اننا مانحتاج وسائل النقل العام والحمدلله
اغلب الشعب السعودي يملك عند بيته سياره او سيارتين وعلشان كذا وزارة المواصلات ماهي معطيه جانب مهم
لموضوع الباصات في الدولل الاخرى الجميع يركب هذي الوسائل الوزير واي فرد من عامة الشعب 00 فاذا وجد اي اهمال
في النظافه او الصيانه يحاسب المسئول
زهير العطاس
ياخي انا قريب منك ليش ماتقول نوصلك حتى
ردحذفالقاعه.......
ع العموم انت جربت يوم واحد غيرك تعب اكثر من كذا
كان يروح ع دباب بطه حتى الجامعه وكان يوزيه واذا احد قاله ودني معك قال انا اروح لموزين
تقبل مروري..........
سلطان مطربي