الثلاثاء، مارس 31، 2009

قواعد اللعبة

OLYMPUS DIGITAL CAMERA

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله,,,

لو أن شخصاً فتح النافذة المطلة على الشارع الذي يقع أمام منزله, وأخذ ينظر إلى المارة فوجد كل شيء على ما يرام, فربما وقف قليلا ثم أغلق تلك النافذة وعاد لإشغال نفسه بشيء آخر.

أما إذا كان هناك بعض التحركات الغير مألوفة كوجود سيارة غريبة أو مشاجرة بين الجيران أو موكب فرحٍ أو حُزن, أو أي شيء غير مألوف فسيستمر يتابع لفترة أطول, بل ربما تابع المشهد إلى آخره. وسيكون الأمر أكثر تشويقا لو تمكن من المشاركة المباشرة فيما يحدث هناك.

لقد أدرك القائمون على الإعلام حقيقة تطلع الإنسان لمتابعة الأمور الغير مألوفة, فاستغلوا تلك الرغبة أيما استغلال. فنجد الإعلام قائماً على تتبع تلك الأمور الغير مألوفة ثم التركيز عليها وتضخيمها وكأنها هي الأصل.

أحاول هنا فلسفة ما أسميه قواعد اللعبة حتى نتمكن من الخروج منتصرين أو على الأقل بأقل الخسائر من هذه اللعبة.

يعمل القائمون على أي وسيلة إعلامية لجذب أكبر شريحة ممكنة من المتلقين لوسيلتهم بهدف تحقيق الربح, فنجدهم يعتمدون على الإثارة بمختلف صورها.

وأبدأ بالإثارة الفكرية المتمثلة في مخالفة المألوف من نسف للثوابت و تلاعب بالمسميات , كما نجد التركيز على إبراز الخطاب المتطرف للجانبين - إفراطا أو تفريطا - متناسين السواد الأعظم من أهل التوسط والاعتدال.

كما لا يخفى على الجميع التركيز الشديد على الإثارة الجنسية كوسيلة جذب لشريحة عريضة من المتابعين, وذلك من خلال المشاهد المثير واللبس العاري واللعب بالعواطف لدى المراهقين بل ربما لدى كبار السن. ونجد شيءً من ذلك في الوسائل المقروءة من خلال الكتابة بأسلوب يصور أدق التفاصيل ويجعل القارئ يسبح في بحر من الخيال الماجن.

الإثارة الاجتماعية لها نصب الأسد في الخطاب الإعلامي, ويظهر ذلك جليا من خلال المسلسلات والبرامج التي هي أبعد ما تكون عن تصوير واقع المجتمع, بل تعرض ألأمور النادرة على أنها هي الأصل. كما نجد كثيرا من تلك الوسائل متطرفة جدا في عرضها للعلاقات الاجتماعية من زواج وطلاق ومشكلات زوجية. أما صفحات الحوادث فهي تزخر بحوادث الانتحار والاغتصاب ومثيلاتها , مما يصور لك مجتمعا يعيش في اضطرابات لا حدود لها.

إن المتابع لوسائل الإعلام بدون وعي لهذه الحقيقة التي يستند عليها الإعلام لرواجه (وهي الإثارة), سيتحول إلى شخص مضطرب من نواحي عدة, كما سيكون عنده استعداد نفسي - لا شعوري - للتعامل بشكل سلبي مع كثير من مجريات حياته اليومية.

فسنجده يفقد توازنه الفكري من خلال متابعته للكلام المنمق لأصحاب التوجهات المختلفة وسيخرج بقاعدة ذهبية تحرره من كل قيد ... "القضية خلافية" ... بل إنه ربما خرج بعد كل لقاء حواري بقناعة جديدة تكونت عنده كنتيجة لإبراز زاوية معينة من القضية المطروحة للنقاش مع إغفال - متعمد في أغلب الأحيان - للجوانب الأخرى.

ومن الناحية الاجتماعية سنجد المتابع يعيش إما في خيالات رومنسية لا تمت للواقع بصلة , فيعيش الشاب منتظرا لفتاة أحلامه التي لا تلبس إلا أحسن الثياب وتستخدم أجمل العطور في كل وقت وحين ولا تقول إلا أعذب الكلام. وأما الفتاة فتنتظر فارس أحلامها الذي يحقق لها كل ما تريد, فهو وسيم وغني وشاعري. أما علاقته أو علاقتها بأهلها أو بأهله فهي مبنية على الصورة السائدة في الإعلام من المكر والدسائس والكره المتبادل.

أضف إلى ذلك أن بعض المتابعين يتحول إلى موسوس يشك في كل من حوله, فقد سمع أن هناك زوجات يخن أزواجهن, و أطفال يعتدون على إخوانهم, وخادمات يسحرن من يعملن عندهم. كما سيخاف من كل منتج فهناك مواد غذائية مسرطنة وهناك ثقب الأوزون وهناك الاحتباس الحراري وهناك وهناك.

هم كإعلاميين يبحثون عن رواج سلعتهم القائمة على الإثارة وينسون أو يتناسون ما لهذه الطريقة في العرض من آثار مدمرة على الفرد والمجتمع.

أما أنا كمتلقي فأبحث عن الاستقرار النفسي القائم على الصفاء وسلامة الصدر. فإذا كان ولابد من متابعة لوسائل الإعلام فلننتقي أشرفها مهنية, ولنستخدم مرشحات عقلية تحمينا من تصديق كل ما ينشر ويقال.

ولنعي قواعد اللعبة الإعلامية حفاظا على أنفسنا ومجتمعاتنا...


روابط إخترتها لك:

  • المقال منشور في سبق

العرب وجهة نظر يابانية

8

العنوان: العرب وجهة نظر يابانية

المؤلف: نوبوأكي نوتوهارا

الناشر: منشورات الجمل , 2003

عدد الصفحات:141

يقول المؤلف : "عندما انتهت الحرب العالمية الثانية، كنت في عامي الخامس، ولقد رأيت اليابان مهزومة وعشت مع أسرتي نواجه مصيرنا بلا أي عون. كنا لا نملك شيئاً أمام الجوع والحرمان وظروف الطقس وغيرها. ولقد رافقت عملية إعادة البناء، كنت أعيش مع عائلتي في طوكيو وطوكيو هدمت بالكامل حياً حياً و شارعاً شارعاً. في الأيام الأخيرة من الحرب. عرفت هذا كله وعرفت أيضاً نتائج مسيرة تصحيح الأخطاء وأنا نفسي استمتعت بثمار النهوض الاقتصادي الياباني. بعدئذ سافرت إلى البلدان العربية وكانت قد تجاوزت الثلاثين من عمري ورأيت وقرأت وتحدثت إلى الناس في كل مكان نزلت فيه. لقد عانيت بنفسي غياب العدالة الاجتماعية وتهميش المواطن وإذلاله وانتشار القمع بشكل لا يليق بالإنسان وغياب أنواع الحرية كحرية الرأي والمعتقد والسلوك وغيرها. كما عرفت عن قرب كيف تضحي المجتمع بالأفراد الموهوبين والأفراد المخلصين، ورأيت كيف يغلب على سلوك الناس عدم الشعور بالمسؤولية تجاه المجتمع وتجاه الوطن ولذلك كانت ترافقني أسئلة بسيطة وصعبة: لماذا لا يستفيد العرب من تجاربهم؟ لماذا لا ينتقد العرب أخطاءهم؟ لماذا يكرر العرب الأخطاء نفسها؟ نحن نعرف أن تصحيح الأخطاء يحتاج إلى وقت قصير أو طويل. فلكل شيء وقت ولكن السؤال هو: كم يحتاج العرب من الوقت لكي يستفيدوا من تجاربهم ويصححوا أخطاءهم، ويضعوا أنفسهم على الطريق السليم؟!

باختصار أريد أن أقول للقارئ العربي رأياً في بعض مسائله كما أراها من الخارج كأي أجنبي عاش في البلدان العربية وقرأ الأدب العربي وأهتم بالحياة اليومية في المدينة والريف والبادية."

يقدم لنا الباحث الياباني نوبوأكي من خلال كتابه هذا خلاصة تجربته في المجتمعات العربية ورحلته مع الأدب العربي المعاصر.

يتحدث الكاتب عن غياب العدالة الاجتماعية في المجتمعات العربية كما يتحدث عن ثقافة الأنا وثقافة الآخر. كما يرى أن كارثة القمع وبلوى عدم الشعور بالمسؤولية من أعظم المشاكل التي تواجه العالم العربي. كما يعقد الكاتب مقارنات كثيرة بين الثقافة اليابانية والثقافة العربية السائدة.

يشيد الكاتب بثقافة البدو واستفادته الشخصية منهم ويركز على الصبر كقيمة أخلاقية والمحك الذي يجدد حياة البدوي بشكل يومي.

ثم يفرد الكاتب مبحثا خاصا للحديث عن الروائي الليبي ابراهيم الكوني كنموذج لكاتب الصحراء ويعرج على تجربته معه. كما يفعل الشيء ذاته مع الكاتب المغربي عبد اللطيف اللعبي كنموذج للكاتبة والقمع والحرية.

ويضرب مثلا لما يسميه بكاتب الموقف الذي لا يتراجع ولا يستسلم ولا يصالح بالكاتب المصري يوسف إدريس كطريق لفهم المجتمع المصري.

يوجد ملحق بالكتاب يحتوي على حوارين صحفيين مع الكاتب.

الكتاب بحجمه الصغير يستحق القراءة خصوصا انه الكتاب الأول - بالنسبة لي على الأقل – الذي ينقل لنا وجهة النظر اليابانية للمجتمع العربي كما يعرفني في الوقت نفسه بجزء من ثقافة المجتمع الياباني.


هناك عرضين أكثر إسهابا:

الخميس، مارس 26، 2009

تقرير حقوق الإنسان : بين الحقوق والواجبات

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد ,,

يُعد صدور التقرير الثاني للجمعية الوطنية لحقوق الإنسان في السعودية من أبرز الأحداث على الساحة المحلية في هذا الأسبوع، فقد قدم التقرير ملخصاً لحقوق الإنسان في المملكة. وينقسم التقرير إلى 3 أقسام رئيسية تتوزع على 81 صفحة:

يبحث القسم الأول في ما صدر من أنظمة وتشريعات في المملكة, ذات علاقة بحقوق الإنسان خلال الفترة التي يغطيها التقرير، كما يشير إلى الحقوق التي لا تزال تعاني فراغا تشريعيا لحمايتها.

أما القسم الثاني فيتطرق لعدد من الأجهزة و المؤسسات الحكومية ذات العلاقة بحقوق الإنسان للنظر في سجلها خلال العام المنصرم ( 1429هـ) للتعرف على مدى مساهمتها في تعزيز حقوق الإنسان وحمايتها.

كما جاء القسم الثالث تحت عنوان "الواقع والممارسات" و يتناول عددا من الحقوق والقضايا الحقوقية ومنها المرأة والطفل والحق في المشاركة والحق في التعبير عن الرأي ومكافحة الفساد, والأوضاع المعيشية والرعاية الصحية والتعليم, والسجون والسجناء.

وقد نشر موقع الجمعية الوطنية لحقوق الإنسان التقرير كاملاً بصفة رسمية وبإمكانكم تحميله من هنا .

في الحقيقة سعدت كثيرا بقراءتي لهذا التقرير الذي أعتبر نشره بهذا الشكل مؤشرا قويا لوجود نية صادقة للإصلاح على أعلى المستويات. فإن كان التقرير الأول للجمعية والذي صدر عام 1427 هـ يركز على الجانب التنظيري والتأصيل لمبدأ حقوق الإنسان كخطوة أولى, حيث أن معرفة الحقوق هي الخطوة الأولى للحصول عليها. نجد أن هذا التقرير قد تحدث بشفافية ومهنية عالية تبرز من خلال الطرح الموضوعي للمشكلات مع إيراد للحقائق دون تضخيم أو تغافل مع عرض للحلول المقترحة للخروج منها.

كما نجد صراحة في النقد البناء للعديد من الجهات الحكومية التي تعودت عدم المسائلة عما تفعل, في الوقت الذي نجد التماس العذر - إن وجد - للجهات المتسببة ظاهريا في الخطأ إذا كان هناك شيء خارج عن إرادتها مع الإشارة إلى الجهة المسئولة عن الخطأ بشكل مباشر. كما أن الطرح الموضوعي يتبن أيضا من خلال الإشادة بالجهود الإيجابية في الاتجاه الصحيح مع ذكر التقصير الحاصل.

أعتقد أن اشد المتفائلين بدور الجمعية الوطنية لحقوق الإنسان لم يكن يتوقع أن يكون التقرير بهذا المستوى من القوة و الصراحة, خصوصا إذا أخذنا بعين الاعتبار حداثة التجربة لدى الجمعية وقلة أعداد العاملين معها مع عدم تعاون بعض الجهات مع الجمعية.

ومن أجمل ما قرأت في هذا التقرير ما ورد عند حديثه عن نظام الجمعيات والمؤسسات الأهلية:

" وليس من المبالغة القول إن مشروع نظام الجمعيات والمؤسسات الأهلية يعد أهم مشروع ناقشه مجلس الشورى منذ إعادة تشكيله باعتباره من أبرز الأنظمة الحديثة في تاريخ المملكة ويؤسس لمرحلة جديدة للعمل الأهلي" ..... " وحتى كتابة هذا التقرير لم يصدر هذا النظام، والجمعية تطالب بالإسراع في إقراره وتؤكد على الحاجة إلى مراجعته لتنقيته من النصوص التي قد تقيد عمل جمعيات المجتمع المدني."

فنحن بأمس الحاجة لجهات أهلية تأخذ على عاتقها توعية المجتمع بمفهوم الحقوق والواجبات فوراء كل حق ضائع هناك واجب مُقصرٌ فيه. بل إن جمعية حقوق الإنسان هي نتيجة لقيام شريحة مهتمة بهذا الشأن بواجبها تجاه مجتمعها.

إن الشعور بالانتماء للمجتمع بشكل جدي بحيث يكون الفرد مؤثرا ومتأثرا بما حوله , ينتج من خلال المشاركة الجادة في النقابات المهنية والجمعيات التخصصية وأندية الأحياء والجمعيات الخيرية والأندية الثقافية والاجتماعية والرياضية ومثيلاتها من مؤسسات المجتمع المدني. وأركز هنا على أهمية أن يكون هناك نظام واضح ومساحة من الحرية لهذه الجمعيات لممارسة نشاطاتها بشكل يساعدها في المساهمة إيجابيا في بناء المجتمع المدني الذي يتصرف أفراده بوعي ومسئولية. وبطبيعة الحال فالعمل المؤسسي الحر يرسخ مبدأ ربط الحقوق بالواجبات ليعطينا جزأ من المسؤولية نحن أفراد المجتمع, فإن كان هناك أفراد منتقصةً حقوقهم في مجتمع ما, فهذا يعني وجود أشخاص لا يقومون بواجباتهم بالشكل المطلوب.

لعل قائلا يقول وماذا ينتظر أن يقدم مثل هذا التقرير الغير ملزم لأحد, فأقول إن توعية الناس بحقوقهم وواجباتهم هي الخطوة الأولى لتحميلهم المسؤولية عما يحدث حولهم من تقصير. فالمتسببين في انتقاص حقوق بعض أفراد المجتمع هم أفراد من المجتمع نفسه , قصروا في أداء واجباتهم. وكثرة الحديث عن هذا التقصير سيكون وسيلة ضغط على المقصرين للقيام بما يجب عليهم من خلال تحميلهم تبعة اجتماعية تدفعهم للقيام بواجباتهم تجاه إخوانهم.

أعتقد أننا كأفراد معنيون بالدرجة الأولى بهذا التقرير فمؤسساتنا هي انعكاس لنا نحن الأفراد. صلاحها من صلاحنا وتقصيرها من تقصيرنا.

فلنعد لقراءة التقرير بعقلية تبحث عن الواجب الذي قصرنا فيه مما أدى إلى ضياع حق.


ملاحظات :


الخميس، مارس 19، 2009

نحو إعلام محلي ضيق

Kitaoka-OutOfFocus333

بسم الله الرحمن الرحيم


الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله ...

اعتدت على الجرائد اليومية منذ الطفولة, لمحافظة والدي - حفظه الله - على متابعتها بشكل يومي...

منذ ذلك الحين كرهت الإعلانات التجارية التي تملئ صفحاتها ولم أكن أدري لما هذا الكره ...

وحين قدومي إلى استراليا - قولد كوست - لاحظت اهتمام زوجتي وابني ذو السبع سنوات بالجريدة الأسبوعية التي توزع بالمجان على كل بيت ... وقد كان هذا الاهتمام بالطبع حرصا على الإعلانات التجارية...

تساءلت لماذا هم يحبون ما كنت أبغضه ؟

لعل السبب الرئيس هو أن تلك الجريدة تخاطبهم مباشرة من خلال الإعلان عن تخفيضات أو حفل للأطفال أو نشاط يقع في منطقة يمكن مشاهدتها بالعين المجردة من شرفة الشقة التي نسكنها... في الوقت الذي كانت الإعلانات التي اكرهها تتحدث عن ما سيحدث في مدينة تبعد عني 1200كلم...

كما شد انتباهي بعد فترة من قدومي إلى هنا أن المدينة التي لا يتعدى سكانها 200.000 نسمة لها جريدتها الخاصة التي تخاطب أهلها بكل ما يهمهم من أنشطة , ثقافية كانت أو رياضية أو اجتماعية , ولا تفرد لأخبار الدولة إلا النزر اليسير من صفحاتها , أما أخبار العالم فستتعب لتجد بعض زوايا تذكرها على استحياء...

ستجد أخبار النقابات المحلية وأخبار دوري المدارس للرياضات المختلفة , كما قد تجد تحقيقا صحفيا عن منتزه مجاور سيتم افتتاحه قريبا أو أستاذ جامعي سيزور المدينة لإلقاء محاضرة وما شابه ذلك من الأمور التي يكون فيها قارئ الجريدة متأثرا بها بل و مؤثرا فيها في كثير من الأحيان...

بالطبع هناك جرائد متخصصة في الشؤون السياسية أو المال والأعمال ولكنها توزع على نطاق أضيق بكثير من النوع الأول...

الدور الذي تمارسه تلك الجرائد لا يختلف كثيرا عن ما تقدمه النشرات الإخبارية والتقارير المصور في القنوات المحلية...

فهنا يوجد قناة رسمية تخاطب الناس على مستوى الدولة أما القنوات الأخرى فلها صبغة محلية خاصة... تبرز من خلال برامجها الإخبارية والثقافية فتجدها تركز على الشأن المحلي (على مستوى المدينة) وربما أفردت خبرا أو خبرين على مستوى الولاية وآخر مهم جدا على مستوى الدولة أما الشأن الدولي فلا يعنيهم من قريب أو بعيد...

عادت بي الذاكرة إلى قريتي الوادعة - على ضفاف وادي بيش - أقلب صفحات الجرائد السيارة فلا أجد إلى القليل عن منطقتي ذات المليوني نسمة وأما محافظتي فلن أجد شيئا إلا إذا كان هناك حادث مروع أو جريمة اختطاف , كما لم يحالفني الحظ برؤية خبر يمس قريتي على صفحات الجرائد إلا حين حاصرتنا السيول ...

أما التلفزيون والإذاعة فمن يظهر فيها خبر يخصه - من قريب أو بعيد - فقد حقق أغلى الأمنيات ومن حالفه الحظ فظهرت صورته في التلفزيون أو صوته في المذياع فقد فاز فوزا عظيما...

إن الإعلام الموجه لعامة الناس في منطقة بعينها يكون جاذبا لهم بمختلف شرائحهم ليتابعوا ما يؤثر في حياتهم اليومية بعيدا عن الموسوعية التي لا تصلح إلا لخواص الخواص ...

فهل سنرى شيئا من ذلك قريبا ... أتمنى ذلك ...


روابط ذات علاقة:


الأربعاء، مارس 18، 2009

مشكلة الأفكار في العالم الإسلامي

83700

العنوان: مشكلة الأفكار في العالم الإسلامي

المؤلف: مالك بن نبي

الناشر: دار الفكر المعاصر، 2006

عدد الصفحات: 184

يعد هذا الكتاب خلاصة فكر مالك بن نبي فهو من آخر ما كتب ويركز في هذا الكتاب على ثلاثة مفاهيم رئيسية (الأفكار - الأشخاص - الأشياء) وكيف يتدرج فيها الطفل من عالم الأشياء إلى عالم الأشخاص ثم عالم الأفكار وكذلك الأمم والحضارات ...

كما يرسم خطا بيانيا لمسيرة الأمم في تدرجها الحضاري يقسمها إلى مراحل : ما قبل الحضارة ثم مرحلة الحضارة ثم ما بعد الحضارة ويقرر أن ما بعد الحضارة هو كما قبلها بل ربما أسوأ ...

وهو حال الأمة الإسلامية في هذه الفترة... ومن سمات هذه المرحلة تركزها حول الأشياء والأشخاص وهي مبتعدة تماما عن الأفكار...

يرى الكاتب أن الحضارة الغربية وإن كانت قائمة على أفكار لكنها بطبيعتها تحولها إلى أشياء وهذا عكس الحضارة الإسلامية التي تنطلق من الأفكار وتحاول البقاء فيها ورفع المجتمع باتجاهها ...

ولذلك يرى الكاتب أن " العالم الإسلامي يعاني من مشكلة أفكار لا مشكلة وسائل"


يقول موقع النيل والفرات عن هذا الكتاب :
إن هذا الكتاب قد جمع ما أنتج بن نبي، إذ طالما كانت الإرادة الحضارية طوع الفكرة كما يقول في تضاعيف مؤلفاته، فإننا إزاء عصر التلقين المستبد بتصوراتنا ومفاهيمنا نواجه أنهار هذه الإرادة حتى لا تقوى على احتضان المصير. والصراع الفكري يجد إطاره الأوسع في البلاد المحكومة بشبكة من الإيماءات، تدلي بها مراصد الاستعمار، لتصنع تقلب الأحداث وسوء منقلبها خيال كل نهضة فاعلة في عالمنا الإسلامي. فالمشكلة مشكلة أفكار في النهاية، بها ننظم خطانا في ثبات الأديم، وتدفع طاقتنا في مضاء العزيمة، ونحشد وسائلنا في وثيق الإنجاز.

ويرى مالك بن نبي بأن على المجتمع الإسلامي في مواجهة العصر أن يعطي لأصالة فكرته فعالية تضمن لها النجاح، إنه مدعو لأن يستعيد تقاليده العليا ومعها حسن الفعالية، وبدلاً من أن يغرق في تمجيد أصالة فكرته، لا بد له أن يبحث عن وسائل فعاليتها في عصرنا الحديث. هذا وإن مشكلة العالم الإسلامي هي مشكلة أفكار، وهذا العالم ومنذ انحطاطه ما بعد عصر الموحدين يواجه مشكلة أفكار لا مشكلة وسائل... فتراثه الذي ورثه من عصور الحضارة الإسلامية غدا أفكاراً مميتة، أما نماذجه الروحية التي تعود إلى العهد الأول فقد خانتها أفكاره الموضوعة التي خالفت عن نسق النموذج المطبوع الذي أرساه العصر الأول.

وحينما افتقد الإحاطة بمشاكله وولّى وجهه شطر العالم الغربي، فإن أفكاره المقتولة بفعل الانحطاط قد استقدمت من الحضارة الغربية أفكاراً انبتّت عن جذورها وامتصتها مع سمومها القاتلة، فلا هي أدركت نمط الحضارة الغربية في اندفاعه التطوري الفعّال المستمد في أصالته المقيمة في حدودها الجغرافية، ولا هي أحيت نماذجها الأصلية في انبثاقها الروحي... هذه الفكرة المحورية هي ما يدور حوله موضوع هذا الكتاب، فمالك بن نبي وقف فكره على مشكلة النهضة: النهضة التي تقيل عثرة عالم أضحى رهين إنتاج آلة، قد طغت وفرة الإنتاج على طفرة الروح، فاستعبدت الإنسان وأحكمت القيد.


روابط ذات علاقة:

  • يوجد نقاش مطول من هنا

السبت، مارس 14، 2009

إقتلاع الجذور

10321676

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله...

في وقت مضى وقفت متأملا لسورة النور , فشدني الترابط القوي بين آيات السورة … فهي كل لا يتجزأ يهدف إلى تربية الأمة المسلمة أخلاقيا ...

قلت حينها سأعود لاحقا لأعطي السورة جزأً من حقها من التأمل ومراجعة بعض كتب التفسير بغية الخروج بنموذج لتخليص المجتمع المسلم من السلوكيات السلبية...

ولعلي اليوم أحاول ذلك سائلاً الله التوفيق والسداد ...


حتى يتخلص المجتمع من آفة خُلقية أو اجتماعية ينبغي أن تتضافر الجهود لاقتلاع تلك الآفة من المجتمع على مستويات متعددة ...

لعل أولها هو سن القوانين المُجرِمة لذلك السلوك مما يوفر رادعاً خارجياً يمنع من ارتكابه...

فنجد السورة تبدأ بوقفة صارمة تجاه من يتجاوز حدود الله وتدعوا المجتمع المسلم للتصدي لكل من يقوم بهذا الانتهاك ...

(الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِّنْهُمَا مِائَةَ جَلْدَةٍ وَلا تَأْخُذْكُم بِهِمَا رَأْفَةٌ فِي دِينِ اللَّهِ إِن كُنتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَلْيَشْهَدْ عَذَابَهُمَا طَائِفَةٌ مِّنَ الْمُؤْمِنِينَ 2)


كما يحتاج المجتمع لحملة توعوية لبيان المخاطر والأضرار المترتبة على ذلك السلوك , ويكون من أهداف هذه الحملة إسقاط هذا العمل من قلوب الناس حتى يصبح مستهجنا لديهم ...

فبعد أن بين سبحانه وتعالى حد مرتكب الزنا نجد الآية التالية تركز على شناعة هذا الجرم بإخراج فاعله من دائرة المجتمع المسلم وتقريبه من دائرة المشركين ...

(الزَّانِي لا يَنكِحُ إِلاَّ زَانِيَةً أَوْ مُشْرِكَةً وَالزَّانِيَةُ لا يَنكِحُهَا إِلاَّ زَانٍ أَوْ مُشْرِكٌ وَحُرِّمَ ذَلِكَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ 3)


ولحماية المجتمع من التساهل في الإكثار من الحديث عن هذه السلوكيات - فيُطَّبع نفسيا - نجد حد القذف يقف حاميا لأعراض الشرفاء...

(وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاء فَاجْلِدُوهُمْ ثَمَانِينَ جَلْدَةً وَلا تَقْبَلُوا لَهُمْ شَهَادَةً أَبَدًا وَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ 4)

ويضرب المثل بعدها بأفظع جريمة قذف عاشتها الأمة المسلمة من خلال قذف زوجة النبي صلى الله عليه وسلم وابنة الصديق رضي الله عنهما !!!

(إِنَّ الَّذِينَ جَاؤُوا بِالإِفْكِ عُصْبَةٌ مِّنكُمْ لا تَحْسَبُوهُ شَرًّا لَّكُم بَلْ هُوَ خَيْرٌ لَّكُمْ لِكُلِّ امْرِئٍ مِّنْهُم مَّا اكْتَسَبَ مِنَ الإِثْمِ وَالَّذِي تَوَلَّى كِبْرَهُ مِنْهُمْ لَهُ عَذَابٌ عَظِيمٌ 11)


ثم نجد بياناً للطرق المؤدية إلى ذلك السلوك والتحذير منها لأن النهاية ستكون معروفة... فيحذرنا الله من اتباع خطوات عدونا الذي يسره ما يسوؤنا ...

(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ وَمَن يَتَّبِعْ خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ فَإِنَّهُ يَأْمُرُ بِالْفَحْشَاء وَالْمُنكَرِ وَلَوْلا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ مَا زَكَا مِنكُم مِّنْ أَحَدٍ أَبَدًا وَلَكِنَّ اللَّهَ يُزَكِّي مَن يَشَاء وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ 21)


ومما يميز التشريع الإسلامي المعالجة الجذرية للمشكلة بإغلاق الأبواب المؤدية إليها ...

و لأن النظرة المحرمة هي من اكبر أبواب الزنا , نجد تشريع الاستئذان...

(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَدْخُلُوا بُيُوتًا غَيْرَ بُيُوتِكُمْ حَتَّى تَسْتَأْنِسُوا وَتُسَلِّمُوا عَلَى أَهْلِهَا ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ 27)


ثم يأتي التعقيب العجيب الذي يتعامل مع القضية بواقعية , خصوصا أن النظرة العابرة لا مفر منها , فتكون العبرة بغض البصر ...

( قُل لِّلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ذَلِكَ أَزْكَى لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ 30 وَقُل لِّلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ 31 )


وبما أن الميل الفطري موجود عند الناس نجد أن فتح باب للبدائل المباحة من أهم الوسائل الكفيلة بتقليل فرصة الوقوع في ذلك العمل و لذا شرع الله لنا منفذا عمليا مباحا وهو الزواج فحضنا عليه ورغبنا فيه ...

(وَأَنكِحُوا الأَيَامَى مِنكُمْ وَالصَّالِحِينَ مِنْ عِبَادِكُمْ وَإِمَائِكُمْ إِن يَكُونُوا فُقَرَاء يُغْنِهِمُ اللَّهُ مِن فَضْلِهِ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ 32)


فإن لم يستطع المسلم فليعتصم بالله ...

(وَلْيَسْتَعْفِفِ الَّذِينَ لا يَجِدُونَ نِكَاحًا حَتَّى يُغْنِيَهُمْ اللَّهُ مِن فَضْلِهِ 33)


ويرتبط ذلك كله بنور الله عز وجل ... (اللَّهُ نُورُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ 35)


أعتقد أننا من خلال هذا العرض نخرج بنموذج عملي لمعالجة أي آفة متأصلة في المجتمع وذلك من خلال :

سن القوانين الرادعة مع الحملات التوعوية التي تسقط الآفة اجتماعيا و تحذر من الوسائل المساعدة على انتشارها لحماية المجتمع من التساهل بها , ومن ثم بيان الطرق المؤدية اليها وإغلاق تلك الطرق مع التعامل بواقعية مع احتمالية الوقوع في الخطاء , و بيان الحلول البديلة , ويسبق كل ذلك ويتبعه الاستعانة بالله عز وجل...



روابط ذات علاقة:

الجمعة، مارس 13، 2009

ثقافة العبث؛ سلوكيات عبثية في زمن الفاقة

OB576_L

العنوان: ثقافة العبث؛ سلوكيات عبثية في زمن الفاقة

المؤلف: علي بن إبراهيم النملة

الناشر: مكتبة العبيكان ، 2007

عدد الصفحات: 245


الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله…

يحدثنا معالي الدكتور علي النملة (وزير الشؤون الاجتماعية – سابقا) في كتابه هذا عن نظرته لسلوكيات عبثية تمس جوانب مختلفة من الحياة في زمن تعيش تلك الجوانب فاقة حقيقية …


يقول هو عن كتابه : “هذه خواطر تتمحور حول النظرة إلى الأشياء بمنظار يسعى إلى معالجة ما يبدو أنه استهتار في التعامل , مما يمكن أن يدخل فيما يسمى بالعبث بما له صلة بالمثل و القيم و السلوكيات المتعارف عليها ثقافيا , أو دوليا أو إقليميا أو محليا , دون إعطاء اعتبار لمشاعر من تعنيهم هذه المثل و القيم , أو المتلقين لها , أو الداعين إليها بل أنه ربما ينظر إلى أنواع من العبث على أنها مقصودة , لجرح مشاعر المعنيين بها وينظر إلى بعضها على أنها ترجمة للتمرد أو الاستهتار من أوضاع قائمة على موروث شعبي محلى , لا يتفق بالضرورة مع معطيات حضارية يريد المجتمع أن يلحق بها .

جاءت هذه الوقفات على قسمين , تركز القسم الأول , فى عشرين وقفة , على العبث فى العلوم والآداب والفنون , وتركز القسم الثانى , فى عشرين وقفة أخرى , على العبث فى السلوك الاجتماعى العام .”


خبرة الكاتب العلمية والعملية شكلت إضافة حقيقية للكتاب من خلال ضرب الأمثلة المتنوعة وكثرت الاستشهادات وبالرغم من استخدم الكثير من المراجع - كأنه يقدم أطروحة علمية – نجده في ذات الوقت لم يثقل النص بل هو شيق وممتع من الناحية الفنية…

شخصيا استمتعت كثيرا بالتنوع الذي وجدته في هذا الكتاب الماتع …

كما اتمنى لكم قراءة ماتعة أيضا …

لدي رغبة كبيرة للإطلاع على بعض كتب الدكتور النملة والتي جاوزت الثلاثين كتابا...

وأسأل الله أن ييسر لي ذلك...



ملاحظة: الموضوع منشور في نادي إقرأ


الثلاثاء، مارس 10، 2009

نفسُ عصامٍ سودت عِصاما…

Working_Together_Teamwork_Puzzle_Concept2

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله

جريت هوفستيد Geert Hofstede عالم الاجتماع المشهور بل هو صاحب ابرز نموذج مستخدم للمقارنة بين ثقافات العمل لدى شعوب العالم

لقد جاوز الثمانين عاما من عمره ولا يزال يبحث ويطور في نظريته, وقد أضاف بُعديين جديدين لنموذجه في بداية العام الماضي.

يرتكز بحثي لمرحلة الدكتوره على نموذجه للمقارنة بين الثقافات والذي ابتكره عام 1978 م أي قبل مولدي.

كنت محتاجا للحصول على ترجمة جاهزة لهذا النموذج العالمي الذي سبق استخدامه في أكثر من بلد عربي ومنها السعودية … فقمت بالبحث في الانترنت ولم اجد ترجمة للنسخة الجديدة منه (VSM 08) وبعد العودة لصفحة البرفسور هوفستيد والتي تتميز بسهولة الحصول على المعلومة من خلالها, بل هي عبارة عن موقع شخصي أشبه بالمدونات حيث تجد في نهاية كل صفحة إيميله الشخصي للإجابة على أي استفسار من الزوار كما أن جميع محتويات هذه الصفحة مجانية للاستخدام في الأغراض البحثية.

لقد ظننت أن الإيمل مجرد إظهار لحسن النية والرغبة في المساعدة فكيف لرجل جاوز الثمانين أن يتجاوب مع زوار موقعه والذين سيكونون بأعداد كبيرة لتميز المادة المقدمة

حين عجزت عن الحصول على النسخة العربية الجديدة قلت لنفسي لن أخسر شيء فلأنظر هل فعلا سيرد علي؟ هل يحسن التعامل مع الكمبيوتر اصلاً؟ ربما! سوف نرى

0806134Geert

ارسلت رسالة بسيطة ومختصرة مفادها أني باحث في مجال الثقافة الوطنية وارغب في الحصول على النسخة العربية من نموذجكم المطور

بعد 13 دقيقة بالضبط كان الرد قد وصلني حاملا النسخة العربية للنموذج القديم مع شكر لأهتمامي بنموذجه في بحثي , وختم رسالته بطلب مؤدب بأن أزوده بترجمتي لنموذجه حتى يضعها في ملف خاص لتقديمها لمن يطلبها في المستقبل

أصدقكم القول بأني دُهشت كثيرا من الرد أصلاً … فضلا عن سرعته ومحتواه

وقد راسلته لأكثر من أربع مرات وفي كل مرة لا تمر ال 24 ساعة حتى يرسل ردا ملئه التقدير والامتنان وكأنه هو المحتاج إليَّ

تذكرت إيميلات كثيرة ارسلتها لباحثين في وطننا العربي والاسلامي - تيمنا بأسمائهم القريبة الى نفسي - للاستفسار عن بعض القضايا المتعلقة باهتماماتهم البحثية فتكون النتيجة التجاهل التام أو رد لا يسمن ولا يغني من جوع أو إيميل لا يقبل الرسائل أصلا فتعود رسالتك أدراجها بسرعة البرق

وللإنصاف فقد وجدت بعض التجاوب وخصوصا من أساتذة جامعة الملك فهد للبترول والمعادن ولا أدري أهم كذلك مع كل باحث أم هو تحيز منهم لأبناء جامعتهم, فعادة أقدم رسائلي لهم بذكر أني من خريجي الجامعة إحياء لروح النقابة في نفوسهم

ولئن كان الغربيين لم يسمعوا قول رسول الله صلى الله عليه وسـلم :

" من سُئل عن علم فكتمه اُلجِم يوم القيامة بلجام من نار "

لكنَّ حضارتهم الحالية قامت نتاجاً لتراكم طويل لتجربة إنسانية آمنت بالحاجة الى التعاون ورسَّخت مبادئ العطاء قبل الأخذ وطبقتها حتى أصبحت ثقافتا سائدة بينهم

قد يقول قائل أنهم يفعلون ذلك بدافع مصلحي كرغبتهم في زيادة عدد من يستخدمون نتاجهم كمراجع مما يزيد من قيمة أبحاثهم

فليكن ذلك … ليتعاون الناجحون فينجحوا جميعا … فالمجتمع الناجح هو مجتمع يكثر فيه أولئك الناجحون

ومع ذلك فإني متيقن ان مما يدفعهم لعمل ذلك هو نشوة العطاء والشعور بلأهمية من خلال مساعدة الآخرين

أعرف أن هذه الأسطر سيكون لها تبعة علي شخصيا – ولذلك أدونها - فبعد العودة إلى وطني بتوفيق الله سأتلقى بعض الاستفسارات من أناس لا يجمعني بهم سوى الاهتمام البحثي فهل سأتجاوب معهم أم سأتناسى أن هناك من ساعدني في يوم من الايام واتضاهر بأني قد وصلت درجة الكمال بنفسي فلم ولن أحتاج الى مساعدة أحد وأردد:

نفس عصام سودت عصاما

وعلمــــته الكــر والإقدامـا

نعم أحتاج نفس عصام

ولكنَّ النفس التي تُسوِد صاحبها هي تلك النفس المتيقنة لضعفها وتقصيرها … فلا تقف عند ذلك

بل تتخلص من هذا الضعف بالتكامل مع الآخرين والإفادة والإستفاده منهم


* مزيد من دروس الغربة من هنا