بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله,,,
استمرارا مع القاعدة المطردة هنا "لا عطاء بدون تقييم للأداء"، ففي نهاية العام الدراسي تزدحم الجامعة بنماذج تقيم الأداء على كل مستوى، تكون في هذه المرحلة من الأدنى للأعلى فكل شخص يقيم من يرأسه أو يقدم له خدمة، فيقيم الطلاب أساتذتهم والأساتذة رؤساؤهم إلى أن يصل التقييم لأعلى الهرم. هذه البيانات تخضع للتحليل والتمحيص من مركز متخصص في هذا النوع من الدراسات ليقدم نتائجه على شكل تقرير قبل بداية العام الدراسي. يتغير الاتجاه في هذه المرحلة فكل مسئول يراجع هذه التقارير مع مرؤوسيه من خلال التقرير الذي نتج عن إجابات المستفيدين و ليس بشكل شخصي.
تبدأ سلسلة التقييم بلقاء يعقد قبل أسبوع من بداية العام الدراسي لمجلس الجامعة فمراجعة أداء المؤسسة و تقيم أداء إدارتها العليا هي من المهام الرئيسية لمجالس الأمناء بنص نظام المؤسسات الحكومية الاسترالية. كان هذا اللقاء غريبا عجيبا بالنسبة لي فرئيس الجامعة هو المستهدف بالتقييم و المحاسبة في هذا اللقاء الذي يمتد من الـ 12 ظهرا إلى التاسعة مساء (رئيس الجامعة هو المدير الفعلي للجامعة من الناحية التنفيذية وهو معين من قبل مجلس الجامعة ويعتبر عضوا بالمجلس وليس رئيسا له، بل رئيس مجلس الجامعة هو شخص من خارج الجامعة كما سبق الإشارة إلى ذلك).
"أين نحن وإلى أين نمضي" هو شعار اللقاء الذي تدار حلقاته المجدولة بعناية من خلال استشاري متخصص في تقيم أداء المؤسسات وبحضور أعضاء مجلس الجامعة. يهدف اللقاء إلى محاسبة رئيس الجامعة على أدائه في العام المنصرم وبحث الخطط العملية للعام القادم والأخطاء التي يجب عدم تكرارها، وقرارات اللقاء مُلزِمة وليست مُعلِمة بل نتائج اللقاء تحدد ما إذا كان رئيس الجامعة سيمنح الثقة للاستمرار أم عليه أن يتنحى ليمسك بالدفة شخص أقدر على قيادة الجامعة لتحقيق أهدافها.
تُعرض الخطة الإستراتيجية للجامعة مع تقييم للوضع الراهن والمستجدات على الساحة ثم يقوم رئيس الجامعة بالحديث عن الانجازات والعوائق في العام الماضي والتوقعات والتحديات في العام المقبل. كما يُقدِم تقرير عن أداء خريجي الجامعة وتقيم مستواهم من جهات محايدة تكون في الغالب من القطاع الخاص الذي يقوم بتوظيفهم ويعتبر هذا المعيار من أهم ما يُشير إلى مدى نجاح رئيس الجامعة من عدمه.
هناك حلقة نقاش رئيسية يتم فيها تقييم أداء رئيس الجامعة ووجهات النظر الشخصية لأعضاء المجلس عن نقاط القوة والضعف لديه ويتم ذلك بعدم حضور أي شخص سوى أعضاء المجلس حتى مدير الجلسات ورئيس الجامعة يغادران القاعة و يحرص رئيس مجلس الجامعة على أخذ جميع الآراء المتعلقة بإدارة الجامعة ورئيسها تحديدا، بعدها يتم استدعائه وتوجيه الملاحظات والتوصيات إليه مباشرة من قبل رئيس المجلس كما يتم إرساله له بشكل مكتوب. اللقاء ليس شكليا فلا زلت اذكر تعبيرات وجه رئيس الجامعة وكأنه متقدم للحصول على وظيفة يستمع للتوجيهات بكل اهتمام.
الجميل في تلك النقاشات المطولة هو تعدد وجهات النظر فالخلفيات التخصصية والخبرات العملية متنوعة مما يعطي وجهات نظر مكملة لبعضها دون أن يؤثر الخلاف الفكري في العلاقة الشخصية فاللغة الوطنية هي سيدة الموقف وحمل هم المجتمع هو الأصل في كل ما يقال فلا ننسى أن أعضاء المجلس متطوعين لأداء هذه المهمة.
آخر حلقات اللقاء كان عبارة عن استضافة لمتحدث متخصص في شؤون التعليم العالي وتحدث عن الأزمة المالية وانعكاساتها على التعليم العالي على مستوى العالم ولعلي أشارككم بأبرز ما في حديثه فقد ذكرني بكلمة لبرفسور أمريكي "فكر بعالمية وتصرف محليا"، فحديثه كان بلغة عالمية ونصائحه محلية. أحسست طوال حديثه أننا في الولايات المتحدة الأمريكية لكثرة ما يرد ذكرها فهل أمريكا هي العالم ! أو كما قال المتنبي :
أنام ملئ جفوني عن شواردها ويسهر الناس جراها ويختصم
كان مما ذكر أن الصين مارد كبير إلا انه يتغذى بالقليل فهو يستهلك 5% فقط من إنتاج العالم في الوقت تستهلك أمريكا 25% من الناتج العالمي وبعبارة أخرى لو توقف الاستهلاك الأمريكي لبضاعة الصين لانهار الصين كما يقول.
كان لقاء جميلا ومثمرا ومثيرا خصوصا أني رأيت بنفسي كثيرا من التوصيات التي اتخذت في ذلك اليوم تتحول إلى واقع ملموس أعيشه حاليا والأعجب من ذلك أن يكون طالب أجنبي يؤخذ كلامه بهذه الجديدة وتشكل اللجان وترفع التقارير ردا على استفساره أو تنفيذا لاقتراحه.
يتبع هذا اللقاء لقاءات عدة على مستوى وكالات الجامعة و الكليات والأقسام ليتولى كل رئيس تقيم أداء مرؤوسيه من خلال التقارير التي بُنيت على تقيم مرؤوسيهم لهم، بل أن أحد ابرز الأساتذة في الجامعة اعتاد أن يعرض لطلابه في أول محاضرة له نقاط القوة والضعف لديه بناء على تقييم من سبقهم من طلاب !
سؤالي هنا: هل من مؤسساتنا الصغير أو الكبيرة، الحكومية أو الخاصة، من تعقد لقاء تقيميا لأدائها على هذه المستويات أو بعضها، وهل تتم بهذه الشفافية و الاحترافية؟
أتمنى ذلك!
مواضيع أخترتها لك:
مقال في الصميم...
ردحذفو اجابة لسؤالك...اقول نعم...ولكن هناك خطوط حمراء دائما نلف و ندور حولها..ولا نوجه ابسط انواع العتب لها فضلا عن محاسبتها ...بل نشكرها ...للمعوميه...اولى خطوات تحسين "الجودة" هي الاعتراف بالخطأ...اما ان لفيت و درت قبل ان تمسك الشارع المؤدي من بدايته...فلن تصل لنتيجه مرجوة...هل مدراء بنوكنا كمثال "بسيييط و كله استحياءو خجل" في حل عن المساءلة بعد كارثة الاسهم مثلا...وهكذا...
جزاك الله خير على هذا المقال
هشام الادريسي
Dear Abu Almoutasem,
ردحذفAsalam Alikom
I agree with you completely. As a lecturer in one of the Australian Universities, I can say with certainty that the assessment process (students – lecturers or lecturers – senior management) is a vital ingredient in the development process (personal as well as professional). Abu Monther.
مقال جميل ابو المعتصم
ردحذفأعتقد ان هذه المجالس تدار ولكن بطرق أخرى لعلها تتواءم مع ثقافة عدم التفرقة بين تقييم الأداء والنقد الشخصي
فالجامعة عندما تقيم أداء مديرها هنا لا تكترث بخلفيته الأيديولوجية والاعتبارات والفروقات الشخصية بل تقيم الأداء فقط هل نفذ ما وعده وبالشكل الاحترافي المطلوب
سياسة الشفافية اعتقد انها تبنى حاليا في المؤسسات العامة وهذا واضح من لقاء الحصين الأخير مع الدخيل الذي اوضح فيه الخطط ولابدامج التي لا يعلمها عامة الشعب ولا حتى الموظفين في المؤسسة
ربط الموظف ومرؤوسه لأعلى الهرم بسلسلة متشابكة من الأهداف الواضحة للجميع عام من عوامل زرع الولاء في الفرد والذي يؤثر على الأداء والانتاجية بلا شك
لعلك ابو المعتصم تعطينا مقارنة بين هذه التجرية وتجرية الصندوق الطلابي في البترول
شكرا ابو المعتصم
مشكور يا ابو المعتصم على هذا المقال الجميل
ردحذفاعتقد ان ما ذكرته من الية التقيم من قاعدة الهرم الى الاعلى هو ما يفعل الاداء وهو ما ينتج عنه نظام متين لا مجال للمحسوبية فيه، كما انها ترسخ مفهوم الشفافية التي تطرق لها ابو راما
لا حرمك الله اجر ما تشركنا فيه من تجربة رائدة
دمت بود اخي العزيز
ردحذفدمت بود اخي العزيز
ردحذف