الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله,,,
في بداية انتشار استخدام الهاتف الجوال بين طلاب الجامعة في عام 1419 هـ، كنا جلوسا في غرفة احد الزملاء بسكن جامعة الملك فهد للبترول والمعادن ودار نقاش عن هذه الخدمة الجديدة التي سهلت تواصلنا مع الأهل والأصدقاء، كان لزميلي محمد الحربي رأي استغربت منه حين إذ. فقد قال "أما الأهل فنعم، ولكن وداعا للتواصل الحقيقي بين الأصدقاء" وحين استفهمت منه عن ماذا يقصد بذلك، قال بان هذا التواصل السهل والمتيسر سيلغي طعم تواصلك الحقيقي مع أصدقائك !! فلن تذهب لغرف الكثير من زملائك بعد الآن بل ستكتفي باتصال أو رسالة وستخسر الألفة المتحققة بتبادل الزيارات !
اليوم وبعد مرور ما يزيد عن عشر سنوات على ذلك النقاش أجد ظهور أشكال جديدة مما أسميه بـ "التواصل الميت" والذي سأضرب له بعض الأمثلة لتوضيح ما أرمي إليه:
في البريد الإلكتروني : مجموعة من الأقارب والأصدقاء على قوائم بريدية نرسل لهم بدون تفريق ودون مشاعر تخص كل واحد منهم حسب قربه ومكانته، وإنما هو اسم ضمن قائمة أسماء، أما محتوى الرسالة فهي في الغالب من رسائل الـ "FW" جاءتنا فمررناها ، هذه القائمة فيها الأب والأخ والأخت والكبير والصغير ومع ذلك كلهم في نفس القائمة !! لو وقفنا قليلا لمراجعة أعضاء هذه القائمة لوجدنا عدد كبير من أولئك الذين نتبادل معهم الرسائل بشكل دائم ولكن دون أن نشعر أن بيننا تواصل حقيقي.
أما في جوالاتنا: ففي الأعياد الماضية أو رمضان الماضي مثلا، مئات من الرسائل التي أرسلناها واستقبلناها وكانت في اغلبها نماذج جاهزة لا تحمل روح الخصوصية وإنما قد تردك نفس الرسالة من أكثر من شخص بل البعض ينسى أن يغير الاسم في آخر الرسالة !!
إن شيوع هذا "التواصل الميت" جعلنا حينما نهاتف أو يهاتفنا صديق أو قريب لم نكلمه من زمن طويل، نجده يظل منتظرا طول المكالمة ما الذي تريد أن تطلبه منه أو تخبره به فلم نعتد أن نتصل أو نتلقى اتصالات لمجرد السلام والتواصل في هذه الأيام.
أعتقد أننا بحاجة لإنعاش أو إحياء التواصل الحقيقي بيننا وبين من نحب ولدي هنا بعض المقترحات التي أزعم أنها ستساعد في التخفيف من القطيعة الروحية بين الأصدقاء والأقارب:
هناك أمور أصبحنا نسمعها بشكل شبه يومي ولذا لم تعد تعني لنا شيئا كثيرا، ولكن عدم أهميتها بالنسبة لنا لا يلغي أبدا أن لها مكانة خاصة في قلوب أصحابها، فهم سيتذكرون تماما من شاركهم في مشاعر الفرح أو الحزن في تلك المواقف. و أضرب أمثلة لذلك بــ: زواج؛ مولود جديد؛ تخرج؛ ترقية؛ منزل جديد؛ عزاء؛ دخول المستشفى؛ تقاعد... والقائمة تطول.
لإحياء روح التواصل بينك وبين من تحب بادر بالمشاركة بالتهنئة أو المواساة فور سماعك للخبر وذلك من خلال الاتصال المباشر - إن استطعت - فإن كنت مشغول وقلت لنفسك سأتصل به لاحقا فليكن لديك قوالب جاهزة (لتلك المناسبات)، أحفظها في بريدك أو جوالك ولكن عند إعادة الإرسال أضف عليها لمسة خاصة تخصك "أنت" كما تخص المرسل إليه بأن تصدرها بالاسم الذي تناديه به دائما (يا بو فلان أو يا عم أو يا شيخ أو ...) كما تختمها باسمك الذي يعرفك به "هو".
تجاوب بإيجابية مع الرسائل التي تردك من أصدقائك الذين يراسلونك بشكل مستمر "أصدقاء الجمعة" مثلاً، بأن ترد عليهم لا بنماذج جاهزة وإنما برد يشعر بقراءتك لهذه الرسالة وسعادتك بالتواصل معهم. وكذلك ليكن تفاعلك مع أصدقاء الفيس بوك وتويتر وغيرها من وسائط التواصل التي انتشرت بشكل كبير.
قد تكون القائمة طويلة في بداية الأمر ولكن ما أن تعتد عليها حتى يصبح الأمر ميسرا وفعالا. فقط افعل ذلك أولا بأول و ستجد الأمر أسهل مما تتصور وستشعر بقرب حقيقي بينك وبين من تتواصل معهم باستمرار وتأكد أن من سيتذكرك في مناسباتك هم من تذكرتهم في مناسباتهم.
وأخيرا ... كلنا يجد سرورا في قلبه عندما يتواصل معنا أحد لمجرد الصلة لا يريد منا شيئا، فلندخل هذا السرور على قلوب إخواننا فأحب الأعمال إلى الله سرور تدخله على مسلم.
مواضيع وروابط أخترتها لك:
كلامك جميل أخي أبو المعتصم
ردحذفولكن عندما تأتيني رسائل بشكل شبه يومي من أصدقائي أعلم أنهم على أتم حال ولذلك أكون مطمئن
الموضوع في هذا يطول ووجهات النظر تزيد
والجميل أن يكون هناك تكامل بين الإثنتين
جميل أن ترسل رسالة وأن تذهب في زياره
نايف
اخى الكريم .
ردحذفسئلت زوجتى لماذ لم يعيد علينا فلان وفلان من العائله فكانت الاجابه لقد ارسلوا لنا رساله على الجوال ثم اردفت ماذا تريد من الناس؟ حينما تكون الرساله فى الجوال ثم تبعث فى العيد الى خالك وعمك وهى نفسها التى تذهب لزميل العمل والمبلط والمليس الذى اشتعل عندك فى العماره فقط لانه مسجل فى جوالك فتلك والله مصيبه
علي
لانستطيع بعد ما قرأنا أحد روائع قلمك ,, المقال أعلاه ..
ردحذفإلا أن نقول صدقت يامهندس الكلمات والعبارات في ما ذكرت ,, ويؤسفنا ماوصلنا إليه من قطيعة,
لن نذكر ما يجب علينا عمله ,, لأننا ندرك أن الحل لانستطيع العمل به أمام وسائل الإتصال الحالية,
للأسف وسائل الإتصال أفوى من هممنا وعزيمتنا ,, إلا ما شاء الله ,, وهم قلة ,,الآن .
بارك الله فيك مهندس حسن
في إنتظار أحدى روائعك
وليد
بالرغم من كل وسائل الاتصال الموجودة إلا أننا نفتقد التواصل الحقيقي
ردحذففي الأعياد أحرص على الاتصال بأصحابي على الأقل
وأكره الرسائل التي تصلني خالية من أي معنى
فرق كبير بين أن تصلك رسالة معايدة شخصية والرسالة الجاهزه والمرسله لأكثر من شخص
"هناك أمور أصبحنا نسمعها بشكل شبه يومي ولذا لم تعد تعني لنا شيئا كثيرا، ولكن عدم أهميتها بالنسبة لنا لا يلغي أبدا أن لها مكانة خاصة في قلوب أصحابها، فهم سيتذكرون تماما من شاركهم في مشاعر الفرح أو الحزن في تلك المواقف. و أضرب أمثلة لذلك بــ: زواج؛ مولود جديد؛ تخرج؛ ترقية؛ منزل جديد؛ عزاء؛ دخول المستشفى؛ تقاعد... والقائمة تطول."
ردحذفأحسنت في هذه المسألة قولاً، فلا يعرف قيمة التهنئة وأثرها في النفس إلا مُتلقيها ومن وفقه الله سبحانه وتعالى في تقديمها، فأثر التهنئة ليس في ثمنها أو طريقة تقديمها، ولكنه في مُشاركة السرور، وتآلف النفوس، وتقارب القلوب! وتقديم التهنئة لاينحصر في الهدايا والأمور العينية، بل تتعدد وتتنوع تنوع الأشخاص في أذواقهم واختياراتهم. والبخيل حقًا من يعجز حتى عن تقديم كلمات التهنئة والسرور لأخية المسلم (مشافهة أو من خلال وسائل الاتصال المختلفة كرسائل الجوال والبريد الإليكتروني...)، ولاعجب في ذلك؛ فهو توفيق الله وهدايته، يوفق إليه من يشاء، ويصرف عنه من يشاء!
وشكر الله لك أبا المعتصم على هذا الطرح النافع.
ابو رينا
وفقك الله
شكراً لك يا أبا المعتصم على هذا الطرح وهذا التذكير الأكثر من رائع، وخصوصاً أننا على مقربة من مناسبتين كبيرتين أولاهما شهر رمضان المبارك ومن بعده عيد الفطر ويا ليت نحاول البدء بالإتصال بدلاً من الرسائل على الأقل إن لم تكن زيارة في هاتين المناسبتين العظيمتين على قلوبنا وقلوب أحبابنا
ردحذفشكراً مرة أخرى،
أخوك/ الأمين - أبو عبدالملك
ابو المعتصم
ردحذفالجميل انك عندما طرحت المشكلة، وشخصتها بدقة، اسعفتنا بحلول ليست معقدة بل وبسيطة جداً
كل مانحتاج اليه في ظني هو قليل من الترتيب و(الذكاء) في التواصل والاتعاد عن (القوالب الجاهزة) فمثلاً استطيع ان اعايدك برسالة بسيطة اقول فيها ( اخي حسن، كل عام وانت بخير وترجع لنا من استراليا سالم غانم بالدكتوراة-اخوك انور) . اهم شيء في ظني هو البساطة والخصوصية كما ذكرت في تدوينتك، وسأحاول ان ابدأ فيما ينقصني لإتمام ذلك وهو (الترتيب)
شكراً جزيلا
أنور