السبت، يوليو 04، 2009

عجباً…

image
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله،،،
كنت قد حددت وقفاتي مع سورة الجن بثلاث حلقات، ولكن أجدني مضطرا لزيادة هذه الحلقة مع هذه الصورة العجيبة حقا...
فالبناء التركيبي للسورة جاء بشكل عجيب أُلاحظه هنا لأول مرة ولعلك أخي القارئ ستشاركني في ذلك، فقد بدأت السورة بمجموعة من الحقائق التي يتم تقريرها من عالم آخر "الجن"، نجد ذلك من الآية الأولى إلى الآية الخامسة عشر، ثم يأتي فاصل مكون من أربع آيات كتوطئة للانتقال إلى التلقين الذي يتلقاه النبي صلى الله عليه وسلم ليبلغه للناس منسجما مع الحقائق الذي تم إقرارها في بداية السورة.
فتعالوا بنا نتأمل هذا التشابه الكبير في المبنى والمعنى بين الآيات التي جاءت على لسان الجن مع الآيات الأخيرة من السورة:
  • (قُلْ إِنَّمَا أَدْعُو رَبِّي وَلا أُشْرِكُ بِهِ أَحَدًا 20 ) تأتي بعد شهادة الجن (يَهْدِي إِلَى الرُّشْدِ فَآمَنَّا بِهِ وَلَن نُّشْرِكَ بِرَبِّنَا أَحَدًا 2).
  • (قُلْ إِنِّي لا أَمْلِكُ لَكُمْ ضَرًّا وَلا رَشَدًا 21 ) كتوافق مع قولهم (وَأَنَّا لا نَدْرِي أَشَرٌّ أُرِيدَ بِمَن فِي الأَرْضِ أَمْ أَرَادَ بِهِمْ رَبُّهُمْ رَشَدًا 10).
  • (قُلْ إِنِّي لَن يُجِيرَنِي مِنَ اللَّهِ أَحَدٌ وَلَنْ أَجِدَ مِن دُونِهِ مُلْتَحَدًا 22) كما أقر الجن بعجزهم (وَأَنَّا ظَنَنَّا أَن لَّن نُّعْجِزَ اللَّهَ فِي الأَرْضِ وَلَن نُّعْجِزَهُ هَرَبًا 12).
  • (... وَمَن يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَإِنَّ لَهُ نَارَ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا 23) كما قال الجن عن العاصين منهم (وَأَمَّا الْقَاسِطُونَ فَكَانُوا لِجَهَنَّمَ حَطَبًا 15 ).
  • (حَتَّى إِذَا رَأَوْا مَا يُوعَدُونَ فَسَيَعْلَمُونَ مَنْ أَضْعَفُ نَاصِرًا وَأَقَلُّ عَدَدًا 24) إنه الاعتزاز بالقرب من الله (وَأَنَّا لَمَّا سَمِعْنَا الْهُدَى آمَنَّا بِهِ فَمَن يُؤْمِن بِرَبِّهِ فَلا يَخَافُ بَخْسًا وَلا رَهَقًا 13)
  • أما الآيات الأخيرة التي تتحدث عن علم الغيب (عَالِمُ الْغَيْبِ فَلا يُظْهِرُ عَلَى غَيْبِهِ أَحَدًا 26 .... إلى نهاية السورة ) فتأتي بعد تقرير حراسة السماء حفظا للوحي (وَأَنَّا لَمَسْنَا السَّمَاء فَوَجَدْنَاهَا مُلِئَتْ حَرَسًا شَدِيدًا وَشُهُبًا 8 ).
كل ها الانسجام نجده في هذه السورة القصيرة وهي تقرر هذه الأمور العقدية في وقت كان فيه الرسول صلى الله عليه وسلم في حاجة شديدة لهذه الشهادة كما قررنا في الحلقة الأولى، فهذه الأمور التي تقررها السورة هي من أشد الأمور التي يكذب بها كفار مكة، فنجد هذا العلاج العميق من خلال بيان شهادة من عالم آخر مرورا بتلقين للنبي صلى الله عليه وسلم، فيكون هذا أجمل تعزيز لموقف الرسول صلى الله عليه وسلم فيعرض رسالته بكل تجرد وبكل ثقة، فما عليه إلا البلاغ و هو يردد قول الله عز وجل (فَمَن يُؤْمِن بِرَبِّهِ فَلا يَخَافُ بَخْسًا وَلا رَهَقًا 13)
لا نملك في نهاية هذه السورة إلى أن نقول كما قالت الجن حين سمعوا هذا القران (فَقَالُوا إِنَّا سَمِعْنَا قُرْآنًا عَجَبًا).

مواضيع أخترتها لك:

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق