الخميس، يونيو 25، 2009
الجن 3 – 3 ( بين الحقيقة والخيال )
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله ,,,
إن المتتبع لموضوع الجن في القران يصل إلى قناعة معتدلة بين الحقيقة والخيال، فعالم الجن من الأمور التي علِق بها الكثير من الأساطير والخرافات على مدى التاريخ، فمن الناس من بالغ فيهم حتى عبدهم من دون الله عز وجل (... بَلْ كَانُوا يَعْبُدُونَ الْجِنَّ أَكْثَرُهُم بِهِم مُّؤْمِنُونَ41 سبأ)، كما نجد في الطرف الآخر من ينكر وجودهم جملة وتفصيلا بحجة أنه عالم غير محسوس، وهذا من العجب العجاب ! فهل عرف هؤلاء كل مخلوقات الله في هذا الكون حتى يصلوا لهذا الجزم ! إذا كان الإنسان لا يزال يجهل كثيرا مما يوجد بداخل جسده، فكيف يصل لإدراك كل ما في الكون، وهنا يحسُن التأكيد على القاعدة التي تقول: "عدم العلم لا يقتضي عدم الوجود".
أما إذا نظرنا لمعالجة القرآن لهذا العالم فنجده يقرر لهم أمورا وينفي عنهم أخرى، فهم خلق من خلق الله عز وجل، خلقهم لعبادته وأصل خِلقتهم من نار، يؤكد القرآن أنهم يروننا من حيث لا نراهم، وأن لهم قدرات أعطاهم الله لتمكنهم من الحياة في هذه الأرض والقيام بما خُلقوا من أجله، كما يعلمنا القران أن منهم الصالحين المؤمنين ومنهم الشياطين المتمردين، ولكن لا سلطان لهم على الذاكرين كما أنهم لا ينفعون الإنس حين يلوذون بهم بل يرهقونهم و لا يستطيعون شيئا إلى بإذن الله، ولا يعلمون الغيب كما لا يوجد نسب بينهم وبين الله، تعالى الله عن ذلك.
ما لفت نظري حين تتبع ذكر الجن في القران هو الاقتران الدائم بين ذكرهم وذكر الإنس وهذا متكرر في مواطن كثيرة ومنها قول الله عز وجل (وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالإِنسَ إِلاَّ لِيَعْبُدُونِ 56 الذاريات) كما كان عجبي كبيرا حين قراءة سورة الرحمن التي هي موجهة من أولها إلى آخرها إلى الأنس والجن (خَلَقَ الإِنسَانَ مِن صَلْصَالٍ كَالْفَخَّارِ 14 وَخَلَقَ الْجَانَّ مِن مَّارِجٍ مِّن نَّارٍ 15 الرحمن) ويتجلى ذلك غي الآية التي تكررت كثيرا (فَبِأَيِّ آلاَءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ) فالخطاب بصيغة المثنى لمعشر الجن والإنس مستمر إلى آخر السورة!
(سَنَفْرُغُ لَكُمْ أَيُّهَ الثَّقَلانِ 31 فَبِأَيِّ آلاَءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ 32 يَا مَعْشَرَ الْجِنِّ وَالإِنسِ إِنِ اسْتَطَعْتُمْ أَن تَنفُذُوا مِنْ أَقْطَارِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ فَانفُذُوا لا تَنفُذُونَ إِلاَّ بِسُلْطَانٍ 33 فَبِأَيِّ آلاَءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ 34 يُرْسَلُ عَلَيْكُمَا شُوَاظٌ مِّن نَّارٍ وَنُحَاسٌ فَلا تَنتَصِرَانِ 35 الرحمن ) .... (فَيَوْمَئِذٍ لّا يُسْأَلُ عَن ذَنبِهِ إِنسٌ وَلا جَانٌّ 39 )... هكذا كل السورة موجه للجن والإنس فهم خلق من خلق الله، خلقهم لهدف واحد، وهو العبادة والابتلاء ثم الحساب فإما إلى جنة وإما إلى نار أعاذنا الله جميعا منها.
فواجبنا إذا عدم الإسراف في الحديث عن هذا العالم الذي لا نعرف عنه الكثير- كأمور كثيرة جدا في حياتنا لا زلنا نجهلها - ولنرجع إلى الخطاب القرآني الذي بين لنا شيئا عنهم ويركز على قضية أننا وهم في هذه الدنيا لنفس الهدف، وأن منهم شياطين كما من الإنس شياطين (وَكَذَلِكَ جَعَلْنَا لِكُلِّ نَبِيٍّ عَدُوًّا شَيَاطِينَ الإِنسِ وَالْجِنِّ يُوحِي بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ زُخْرُفَ الْقَوْلِ غُرُورًا وَلَوْ شَاء رَبُّكَ مَا فَعَلُوهُ فَذَرْهُمْ وَمَا يَفْتَرُونَ 112 الأنعام ) وسبيلنا إلى الخلاص من شرهم هو بالاستعاذة بالله الذي خلقنا وخلقهم، فهو بحكمته وعلمه قد مكنهم من أمور فيه ابتلاء لنا ولهم، ولكن لا مكان للمبالغات و التعلق بالخزعبلات والخرافات وكأن الله قد سلطهم علينا فلا نملك لهم ردا ولا دفعا، بل يتلاعبون بنا كما يريدون !!
إن الله عز وجل برحمته وحكمته قد دلنا على الأسباب التي تحمينا من شرورهم، كما نجد آخر سورتين في كتاب الله عز وجل (الفلق والناس) جعلهما الله لنا حرزا وحماية من شرور خلقه سواء للأمور المحسوسة (سورة الفلق) أو لأمور الباطنة "وسوسة" (سورة الناس) ونجد الدعاء الذي علمنا إياه النبي صلى الله عليه وسلم (أعوذ بكلمات الله التامات من شر ما خلق).
اسأل الله أن يحفظنا من بين أيدينا ومن خلفنا إنه على ذلك قدير وبالإجابة جدير...
مواضيع أخترتها لك:
ينتمي هذا المقال الى:
إشراقات,
كل التدوينات
الاشتراك في:
تعليقات الرسالة (Atom)
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق