الخميس، يونيو 11، 2009
الجن 1 – 3 (بين يدي الجن)
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله ,,,
في السنة العاشرة من بعثة محمد صلى الله عليه وسلم وبعد الخروج من حصار الشعب يموت عمه أبو طالب وبعده بثلاثة أيام أو بشهرين (على قولين) وتحديدا في رمضان تموت خديجة بنت خويلد رضي الله عنها.
"عام الحزن" هكذا تذكره كتب السيرة، فوفاة اقرب الناس إليه واشتداد الأذى على النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه كان له اثر كبير عليه صلى الله عليه وسلم، و في شوال من ذلك العام يخرج إلى الطائف باحثا عن من يقبل دعوته، يخرج هو ومولاه زيد بن حارثة رضي الله عنه مشيا على الأقدام حتى إذا بلغ الطائف بدأ يبلغ دعوته ويتنقل بين أشرافهم وزعمائهم وهم يردون عليه باستهزاء وغطرسة.
استمر على هذا الحال عشرة أيام يصبر على آذاهم ويحاول الوصول إلى عقلائهم ولكن دون جدوى، بل الأدهى والأمر أنهم أغروا به سفهائهم فرجموه بالحجارة - بأبي هو وأمي - صلى الله عليه وسلم فخرج من الطائف (وكم خسرت الطائف وأهلها بخروجه فضلا ادخره الله للمدينة وأهلها) حتى دخل مزرعة على الطريق، فلمَّا اطمأن الرسول صلَّى الله عليه وسلَّم دعا بهذا الدعـاء الخاشع:
" اللهم إليك أشكو ضعف قوتي، وقلة حيلتي، وهواني على الناس. يا أرحم الراحمين أنت رب المستضعفين وأنت ربي إلى من تكلني؟ إلى بعيدٍ يتجهمني؟ أم إلى عدوٍ ملّكْتَه أمري؟ إن لم يكن بك علي غضبٌ فلا أبالي، ولكن عافيتك هي أوسع لي. أعوذ بنور وجهك الذي أشرقت له الظلمات، وصلح عليه أمر الدنيا والآخرة من أن تُنْزِل بي غضبك، أو يحل عليَّ سخـطك، لك العُتْبى حتى ترضى، ولا حول ولا قوة إلا بك ".
بهذا التضرع والإخبات لله عز وجل فماذا كانت النتيجة؟
عداس الفتى العراقي النصراني يؤمن بمحمد صلى الله عليه وسلم ، جبريل وملك الجبال عليهما السلام يأتيانه ليأمر ملك الجبال إن شاء أن يدمر أعداءه (ولكنه محمد عليه الصلاة والسلام ، الرحمة المهداة)، ثم حين يقف مصليا بالليل يقرأ القرآن يأتيه الجن يستمعون القرآن ويؤمنون به. يعود بعد ذلك إلى مكة ويدخلها في جوار المطعم بن عدي.
في هذا الجو من الضغط النفسي على الرسول صلى الله عليه وسلم نزلت سورة الجن ولذا نلمس فيها روح المواساة من الله عز وجل لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم.
سنتحدث عن حقيقة الجن وأدبهم وحسن جوابهم في الحلقتين التاليتين إن شاء الله، أما هنا فأقف بين يدي سورة الجن لأركزعلى أن السورة جاءت تحدد طبيعة هذه الرسالة وأنها خالصة من عند الله وما محمد صلى الله عليه وسلم إلا مبلغ من ربه.
قل أوحي ... فالجزء الأكبر من السورة على لسان الجن، ثم نجد الرسالة العجيبة في آخرها تأمر محمد صلى الله عليه وسلم أن يبين طبيعة دعوته وعلاقته بها.
أخي الحبيب اقرأ هذه الآيات مستشعر الجو الذي نزلت فيه لتجد أنها كانت سلوة لمحمد صلى الله عليه وسلم، اقرأ متذكرا لكل تلك المعاناة وكل ذلك الجهد والصبر والرحمة:
(قُلْ إِنَّمَا أَدْعُو رَبِّي وَلا أُشْرِكُ بِهِ أَحَدًا 20 قُلْ إِنِّي لا أَمْلِكُ لَكُمْ ضَرًّا وَلا رَشَدًا 21 قُلْ إِنِّي لَن يُجِيرَنِي مِنَ اللَّهِ أَحَدٌ وَلَنْ أَجِدَ مِن دُونِهِ مُلْتَحَدًا 22 إِلاَّ بَلاغًا مِّنَ اللَّهِ وَرِسَالاتِهِ وَمَن يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَإِنَّ لَهُ نَارَ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا 23 حَتَّى إِذَا رَأَوْا مَا يُوعَدُونَ فَسَيَعْلَمُونَ مَنْ أَضْعَفُ نَاصِرًا وَأَقَلُّ عَدَدًا 24 قُلْ إِنْ أَدْرِي أَقَرِيبٌ مَّا تُوعَدُونَ أَمْ يَجْعَلُ لَهُ رَبِّي أَمَدًا 25 عَالِمُ الْغَيْبِ فَلا يُظْهِرُ عَلَى غَيْبِهِ أَحَدًا 26 إِلاَّ مَنِ ارْتَضَى مِن رَّسُولٍ فَإِنَّهُ يَسْلُكُ مِن بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ رَصَدًا 27 لِيَعْلَمَ أَن قَدْ أَبْلَغُوا رِسَالاتِ رَبِّهِمْ وَأَحَاطَ بِمَا لَدَيْهِمْ وَأَحْصَى كُلَّ شَيْءٍ عَدَدًا 28 الجن)
والى لقاء آخر في مدرسة الجن ...
مواضيع أخترتها لك:
ينتمي هذا المقال الى:
إشراقات,
كل التدوينات
الاشتراك في:
تعليقات الرسالة (Atom)
أكثر من رائع ابو المعتصم.
ردحذفومتشوق جدا للحلقات القادمة.
هذا الدعاء الجميل اذكر اني حفظته منذ سمعته مباشره ولكن عواصف الايام قشعته.
اشكرك جدا على تذكيري به.
حلقة رائعة بما تحويه من أيات بينات وذلك الدعاء الطيب الذي يزلزل قلب كل مسلم ، نشكرك أبا المعتصم وفي إنتظار باقي حلقاتك الرائعة إن شاء الله أخوك أسامه الشناوي
ردحذفجميل جداً
ردحذفجزاك الله خير ابو المعتصم
كأنني لأول مرة اقرأ هذه الآيات أو اسمع هذه القصة !!!
مستمر معك، واصل
م عصام
ردحذفم اسامة
د انور
اشكر لكم تفاعلكم الدائم
اسال الله ان يرزقنا حسن فهم كتابه