المؤلف: مالك بن نبي
الناشر: دار الفكر المعاصر، 2006
عدد الصفحات: 176
هدف هذا الكتاب هو فتح آفاق عملية للوصول لنهضة عربية وإسلامية كما يذكر د عبد العزيز الخالدي في تقديمه للكتاب. خرج الكتاب أولاً بالفرنسية في 1948م ثم بالعربية في 1957 م.
الباب الأول بعنوان الحاضر والتاريخ و بدأه بأنشودة رمزية ثم تحدث عن دور الأبطال وركز فيه على الاستعداد للتضحية بعيدا عن البحث الحقيقي عن ثمرة هذه التضحية أو السعي لإزالة الأسباب المؤدية للحاجة إلى هذه التضحية، كما ذكر أن "مشكلة كل شعب هي في جوهرها مشكلة حضارته".
المبحث الثاني في هذا الباب عن دور السياسة والفكر وتحدث عن اثر الكلمة ووجوب توظيفها للانتقال من جرأة فرد إلى ثورة شعب، ومن قوة رجل إلى تكاتف مجتمع. ومما ورد فيه "إن تكوين الحضارة كظاهرة اجتماعية إنما يكون في الظروف والشروط التي ولدت فيها الحضارة الأولى".
دور الوثنية ويركز أولا على الزوايا والأضرحة التي كانت تملئان البلد ثم الانتقال إلى "الزوايا ذات الطابع السياسي والأصنام المزوقة بأسماء جديدة" ومن الكلمات الجميلة التي وردت "غير نفسك تغير تاريخك" و "لقد أصبحنا لا نتكلم إلا عن حقوقنا المهضومة ونسينا الواجبات" و قوله: "(إننا نطالب بحقوقنا) تلك الحقوق الخلابة التي يستسهلها الناس فلا يعمدون إلى الطريق الأصعب : طريق الواجبات."
الباب الثاني: المستقبل وبدا بأنشودة رمزية ثم من التكديس إلى البناء، وذكر فيه "ففي الوثائق نجد أن كل مصلح قد وصف الوضع الراهن تبعاً لرأيه أو مزاجه أو مهنته. فرأى رجل سياسي كجمال الدين الأفغاني أن المشكلة سياسية تحل بوسائل سياسية، بينما قد رأى رجل دين كالشيخ محمد عبده أن المشكلة لا تحل إلا بإصلاح العقيدة والوعظ...الخ على حين أن كل هذا التشخيص لا يتناول في الحقيقة المرض بل يتحدث عن أعراضه. وقد نتج عن هذا أنهم منذ مائة عام لا يعالجون المرض، وإنما يعالجون الأعراض"
"لقد دخل المريض إلى صيدلية الحضارة الغربية طالباً الشفاء، ولكن من أي مرض ؟ وبأي دواء ؟ و بدهي أننا لا نعرف شيئاً عن مدة علاج كهذا، ولكن الحالة التي تطرد هكذا تحت أنظارنا منذ نصف قرن، لها دلالة اجتماعية يجب أن تكون موضع تأمل وتحليل. وفي الوقت الذي نقوم به بهذا التحليل يمكننا أن نفهم المعنى الواقعي لتلك الحقبة التاريخية التي نحياها، ويمكننا أيضاً أن نفهم التعديل الذي ينبغي أن يضاف إليها." "إن الحضارة هي التي تلد منتجاتها ومن السخف أن نبني حضارة بشراء منتجاتها" و "الحضارة الشيئية – التكديس"
وكمهندس نجده يعرض حله من خلال معادلة:
إنسان + تراب + زمن، إضافة إلى الدين كعامل مساعد = حضارة
فمشكلة النهضة عنده تتحلل إلى ثلاث مشكلات أولية: مشكلة الإنسان، ومشكلة التراب، ومشكلة الوقت، فإقامة نهضة لا يكون بتكديس المنتجات، وإنما بحل هذه المشكلات الثلاث من أساسها.
تحدث بعدها عن الدورة الخالدة فكما يمر الإنسان في حياته بمراحل متعددة من الطفولة والصبا والشباب والقوة ثم الشيخوخة ثم الموت، كذلك تمر الحضارات بمراحل ثلاث:
فهناك مرحلة الإقلاع، ثم مرحلة البنيان والتمدين، ثم مرحلة الهبوط من هذا السقف التمديني وصولا إلى الانحطاط الحضاري.
العدة الخالدة ويقصد بها الوقت = الزمن = ساعة العمل.
كما يفرد فصلا طويلا للحديث عن أثر الفكرة الدينية في تكوين الحضارة من خلال تتبع فلسفي وتاريخي لهذه النقطة، فأكبر نقص في الفكر الماركسي هو تجاهله لهذه النقطة، فالدين هو المروض الأقوى للروح.
في عرضه لشروط النهضة ركز على الإنسان وفصل في طريقة النهوض به من خلال توجيهه في نواحي ثلاثة :توجيه الثقافة وتوجيه العمل وتوجيه رأس المال.
توجيه الثقافة ويفصل في الفرق بينها وبين العلم ويعرف الثقافة بأنها "هي مجموعة من الصفات الخلقية والقيم الاجتماعية التي يتلقاها الفرد منذ ولادته كرأسمال أولي في الوسط الذي ولد فيه، فهي المحيط الذي يشكل فيه الفرد طباعه وشخصيته."
ولتوجيهها نحتاج إلى التوجيه الأخلاقي و التوجيه الجمالي و المنطق العملي ويقول في الحديث عن المنطق العملي: "إن الذي ينقص المسلمين منطق الفكرة، ولكن منطق العمل والحركة، فهو لا يفكر في العمل، بل ليقول كلاما مجردا أكثر من ذلك. فهو أحيانا يبغض أولئك الذين يكرون تفكيرا مؤثرا، ويقولون كلاما منطقيا من شأنه أن يتحول في الحال إلى عمل ونشاط."
وتوجيه الصناعة بمعناها الشامل عند ابن خلدون – ثم أهمية المبدأ الأخلاقي والذوق الجمالي في بناء الحضارة وكيف نحتاجهما معا وإلا حصل السقوط لإبراز الجمال وضياع الخلق. وكعادته وضع معادلة: مبدأ أخلاق + ذوق جمالي = اتجاه حضاري.
بعدها يحتاج الإنسان لتوجيه العمل ويضرب مثلا بأول عمل قام به الرسول صلى الله عليه وسلم عندما وصل المدينة "بناء المسجد" العمل بشعار "كل جهد يستحق أجرا" و قوله "فلنكرم اليد التي تمسك بالمبرد فمنها ستنبثق المعجزات التي ننتظرها".
كما نحتاج لتوجيه رأس المال ويفرق هنا بين الثروة ورأس المال المتحرك والمستثمر.
يعرض مشكلة المرأة و التطرف في الجانبين من اختزال للمرأة في الفراش أو مطالبتها بالعمل لكسب عيشها كالرجل. ويتحدث عن مشكلة الزي وعن الفنون الجميلة.
العنصر الثاني للحضارة كما يرى هو التراب وحين يتكلم عن التراب لا يبحث في خصائصه وطبيعته، ولكن يتكلم عن التراب من حيث قيمته الاجتماعية، وهذه القيمة الاجتماعية للتراب مستمدة من قيمة مالكيه، فحينما تكون قيمة الأمة مرتفعة، وحضارتها متقدمة، يكون التراب غالي القيمة، وحيث تكون الأمة متخلفة يكون التراب على قدرها من الانحطاط، كما تحدث عن تفريطنا في هذه الأرض بكل ما فيها، وركز على حاجتنا للحفاظ عليها فهي عماد حضارتنا.
العنصر الثالث عنده هو الوقت فيقول: " وحينما لا يكون الوقت من أجل الإثراء أو تحصيل النعم الفانية، أي حينما يكون ضرورياً للمحافظة على البقاء، أو لتحقيق الخلود والانتصار على الأخطار، يسمع الناس فجأة صوت الساعات الهاربة، ويدركون قيمتها التي لا تعوض، ففي هذه الساعات لا تهم الناس الثروة أو السعادة أو الألم، وإنما الساعات نفسها. فيتحدثون حينئذ عن (ساعات العمل)، فهي العملة الوحيدة المصقلة التي لا تبطل، ولا تسترد إذا ضاعت، إن العملة الذهبية يمكن أن تضيع، وأن يجدها المرء بعد ضياعها، ولكن لا تستطيع أي قوة في العالم أن تحطم دقيقة، ولا أن تستعيدها إذا مضت."
مباحث صغيرة يختم بها مالك عرضه لشروط النهضة من خلال الحديث عن الاستعمار والشعوب المستعمرة و نظر كل منهما للآخر.
كما يذكر قاعدته الذهبية التي عُرف بها وهي معامل القابلية للاستعمار: "لكي لا نكون مُستعمرين يجب أن نتخلص من القابلية للاستعمار".
ويختم بمشكلة التكيف الذي يحصل من كثير من الشعوب التي تتكيف مع الاستعمار، فيكون البحث هنا وهناك عن حلول ليست حقيقية وإنما هي أوهام الرجل الوحيد والحل الوحيد وننسى المشكلة الرئيسية التي هي مشكلة الحضارة أولا وقبل كل شيء.
وبهذا يختم كتابه الذي تبرز فيه عاطفة من يريد الخير للبشرية جميعا فرحمك الله يا مالك.
27/6/2009
4/7/1430
قولد كوست - استراليا
مواضيع أخترتها لك:
- من هو مالك بن نبي
- موقع مالك بن نبي
تُشكرعلى تلخيصك...ولكن كما يبدو لي انه كتاب يستحق القراءة ...لنفهم على الأقل ما يدورحولنا...و هل نحن فعلا مُسْتَعْمَرين حضاريا...!!
ردحذفشكرا
هشام الإدريسي
جزاك الله خيراً ياحسن على التركيز على الكتب التي نحن في أمس الحاجة للرجوع اليها في أوقات كذه .. أنصح بقراءة مجموعة من الكتب خفيفة و لها أثر في حياة الناس لطارق السويدان و عمر باشراحيل و هي مجموعة صناعة الثقافة
ردحذفجزاك الله خيرا أبا المعتصم ، ملخص جميل ووافي ..
ردحذفما هو أفضل كتاب لمالك بن نبي ؟
تحياتي
كتبه كلها فضل
ردحذفbaraka laho fika akhi lkarim
ردحذف