الجمعة، نوفمبر 14، 2008

حياة الشعوب

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله


أحداث التاريخ "القديم والمعاصر" أحبها واستمتع بقراءتها...

غير أن هذا الحب قد شابته شائبة بعد أن بدأ اهتمامي بالتطور الثقافي والحضاري للمجتمعات...

فكتب التاريخ تختزل حياة الأمم في الملوك والسلاطين, ولا ترى حياة تلك الأمم إلا من خلال المعارك والحروب...


وأكثر تلك الكتب إما تؤرخ لسنة معينة برصد ما تم فيها من معارك وحروب وقيام دولة أو سقوط أخرى وولادة سلطان أو وفاته...

وكتب أُخرى تتتبع حياة إقليم من الأقاليم من خلال تعاقب الممالك عليه...

ولعل بعضها يركز على دولة بعينها منذ نشوؤها وحتى زوالها عارضا تسلسل حكامها وسلاطينها وامتداد نفوذها...


فلا وجود لحياة الشعوب فضلا عن تتبع تاريخهم الاجتماعي والثقافي...


إذا فمن أين أجد بغيتي؟ هل أجدها في كتب الأدب؟

(روايات, دواوين شعر , قصص , مسرحيات ...إلخ)


قد يكون الجانب الثقافي أوفر حظا في كتب الأدب منه في كتب التاريخ...


لكن هذه الكتابات الأدبية لن تنجوا من المبالغة والخيالات بهدف الإثارة أو الحبكة الفنية كما يقال! :(


لو حاولت التعرف على الحياة الاجتماعية في مكة والمدينة والبادية في زمن الرسول صلى الله عليه وسلم...

فلن أجد ذلك في كتب السير "التاريخ" التي اختزلت حياة الرسول صلى الله عليه وسلم في المعارك والغزوات والتأريخ لولادته وهجرته ووفاته عليه أفضل صلاة وأتم تسليم...


كما أني لن أجده في القصائد الشعرية والخطب الحماسية...


ولكني سأجد بغيتي في كتب السنة النبوية التي هي بمثابة "المذكرات اليومية" لحياة النبي صلى الله عليه وسلم بل لحياة المجتمع المحيط به أيضا...


فمن السهل من خلال تلك المراجع الوصول لأدق التفاصيل في المجتمعات الثلاثة (مكة, المدينة, البادية)...


سأجد نفسي حين أقرأ في كتب السنن أمام مجتمع يتحرك ويتفاعل بكافة أطيافه "الرجال , النساء , الأطفال بل حتى الحيوانات والأشجاره والأرض"


إذا فقراءة عدد من المذكرات الشخصية لأبناء مجتمع ما سيكون خير معين للوصول لفهم عميق للحراك الثقافي والتطور الاجتماعي والسياسي في ذلك المجتمع. فمن خلال تلك السير أو المذكرات يمكن التعرف على جوانب قد لا يقصدها الكاتب بل هو يعرضها كجزء من الواقع الذي عاشه لا غير...


كما أن الرسائل الشخصية لا تقل أهمية عن المذكرات فهي تحمل كثيرا من العفوية في عرض جوانب غير مستهدفة من قبل المتراسلين لكنها تكتسب قيمة عالية جدا من الناحية التاريخية مع مرور الزمن...


أكاد أجزم أننا لو حصلنا على عدد من المذكرات مع بعض الرسائل الشخصية المتداولة في مجتمع من المجتمعات (في زمن ما) فمن الممكن كتابة تاريخ بدرجة عالية من المصداقية للوضع الثقافي والاجتماعي بل وحتى السياسي في ذلك المجتمع...


وبلغة اليوم سنجد في الإيميلات المتداولة والمدونات الشخصية و المنتديات والمقالات العامة في الصحف "وليست الأخبار السياسية" مادة لا يستهان بها لكتابة التاريخ الاجتماعي لهذه الفترة...


فلنكتب تاريخ الشعوب



  • لمزيد من دروس الغربة من هنا


هناك 8 تعليقات:

  1. اهلاً عزيزي ابو المعتصم

    هذه المرة اجدني متحمساً للتعقيب على ما كتبت وذلك لأنه فعلاً يلامس ما ابحث عنه ، نريد توثيق غير سياسي غير موجه عموما ، نريد ان نقرأ حياة الناس ، الناس العاديين المجردين من اي لقب سوى انهم ( ناس) . قد ذكرت يا عزيزي مثال وهو السيرة النبوية ، نعم سنجد بعض مما نبحث عنه ، لكننا سنخفق في رسم صورة كاملة .

    كما قلت ، السير الذاتيه هي احد الامور المهمة ، وهي بالطبع طريقة سهله لتسليط الضوء على احداث وتفاصيل دقيقة لذلك الزمن ، وهي من اهم صنوف ( الادب) في الغرب ، ولكن هل تصدق انني بحثت في المكتبات العربية والنت فلم اجد اكثر من ٦ او ٧ سير ذاتيه عربية منشوره ، وهي ايضا مكتوبه بأسلوب ادبي ولغه ( مقعره) كما يقولون .

    اخيراً ، اقتعنت ان الطريقة الوحيدة امامي هي ( الروايه) فإن كنت تريد ان تعرف كيف كانت مصر في ستينيات القرن الماضي ، فعليك بقراءة ثلاثية نجيب محفوظ .
    على الرغم من اعتراضك على المبالغات الأدبية كما قلت في الرواية ، فأنا اظن ان الروايات الجادة والمحترمة في اهدافها هي انجع طريقة لسبر اغوار مجتمع ما في زمان ما

    قبل الختام، يقولون ان ( لينين) لم يحكم الاتحاد السوفيتي الا بعد ان قرأ رواية تلستوي ( الحرب والسلام)

    اخيراً ، لابد ان نشجع انفسنا ومن حولنا ببدأ كتابة مذكرات شخصية ترصد حياتنا البسيطة ، وليس شرطاً ان ننشرها، لكننا سنأرخ لأنفسنا قبل ان ينسانا التاريخ !!

    شكراً عزيزي على هذه التدوينه الأروع :)

    ردحذف
  2. اعتقد ان الكاريكاتير يحقق جزءا كبيرا من بغيتك حاليا

    فهو بعمق يتحدث او يصف الوضع اليومي لحياة الناس


    ابو الخير

    ردحذف
  3. اخي انور مشكور على هذه الاضافة الحقيقية والعميقة...

    فعلا لنكتب التاريخ كما هو ودون اي توجه ...




    ابو الخير فعلا لعل الكاريكاتير يشكل مصدر جميل لقراءة المجتمع


    بارك الله فيك

    ردحذف
  4. السلام عليكم ...

    أهنيك على المقالة الرائعة كما تعودنا منك.. ولم أستغرب رد أخي أنور لما عرفت عنه من اهتمام واطلاع بشغف على الماضي والحضارات القريبة والببعيدة..

    أما من وجهة نظري فأعتقد أنك لن تستطيع معرفة حياة تلك الشعوب إلا كما يريد من سطرت يده ذلك التاريخ كما يريد هو لا كما هو الواقع ..

    فالإنسان كائن عاطفي تؤثر عاطفته على تصرفاته وكتاباته وكل شيء... فلن تستطيع مهما فعلت أن تكتب ما يحصل الآن بمعزل عن العاطفة وحيادية تامة ولك أن تجرب ...

    أما عصرنا هذا إذا أصبح من التاريخ في يوم ما .. فأعتقد أنه من السهل معرفة المجريات وذلك كما تفضلت بسبب التقنيات والمنتديات والبريد وغيرها ...

    وربا يسخر أحفادنا من ( شاعر المليون) و(مزايين الإبل والغنم ) ... مع خوفي الشديد أن يكونوا ما زالوا على آثار آبائهم يقتدون !!

    تقبل مروري

    NiceBoy

    ردحذف
  5. بل انا اهني نفسي على هذا الشبل الذي يتقدم بقوة


    اسأل الله ان يوفقك لكل خير

    ردحذف
  6. السلام عليكم

    حيا الله الأخ حسن

    قرأت خبر تخرج دفعة من جامعة قرفث ومن ضمنهم ابن العم أبو ريان ، حاولت البحث عن تفاصيل أو تغطية أوسع ، فدلني السيد الفاضل قوقل على مدونتك اللطيفة ، فاستعدت ذكرى لقائي السريع بك ودعوت الله لك من ذلك المكان البعيد عنك : الرياض.

    أما ما يتعلق بالتدوينة فإن ما كتبت عنه يشغل أذهان المهتمين بالتاريخ ، فإن أكثر المؤرخين يهتم بالحروب والمعارك والوفيات والولاة ونحو ذلك ، ولا يهتم بتفاصيل المجتمع وطريقة حياته ، أي ما يسمى بـ (التاريخ الاجتماعي)

    وأذكر أنني قرأت مقالة قيمة حول التاريخ الاجتماعي في جريدة الرياض للكاتب القفاري قبل سنة أو سنتين.

    موضوع مهم ويحتاج إلى حديث أوسع واهتمام أكبر.

    محبك

    عبدالمجيد الصالح

    ردحذف
  7. اخي عبد المجيد


    حياك الله وبارك فيك

    وهنا اوجه الشكر لجوجل الذي دلك علينا


    تواصلك محل التقدير والعرفان


    حسن

    ردحذف
  8. تم نشر المقال في صحيفة سبق على هذا الرابط

    http://89.144.99.10/?action=showMaqal&id=301

    ردحذف