بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد,,,
سألني لماذا لا تصلي ؟ فقلت له أدع لي يا شيخ ...
مضيت في لهوي ولعبي ... لم أكلف نفسي يوما أن أسعى للهداية ... بل اكتفيت بالانتظار!!!
الهداية عندي هبة ربانية لا اعرف لها طريقا ولا كيف ومتى تحل...
إنها حكر على " المطاوعة " أو المتدينين... أختصهم الله بها فأصبحوا أُناس لا يعصون الله وليس لهم شهوات مثلي... بل هم يحبون الخير ويكرهون الشر...
ليس لدي أي طريق لأكون مثلهم.. وليس أمامي إلا الانتظار حتى يمن الله علي بالهداية عند موت قريب أو حصول شيء غريب...
إذا سأنتظر فليس هناك حل آخر...
في شهر رمضان من عام 1417هـ طلب مني والدي حفظه الله أن أرافقه للعمرة فقبلت هذا العرض رغبةً مني في السفر ليس إلا...
وجدت نفسي منخرط في برنامج عبادي لم يكن لي به عهد .. فطبيعة العشر الأواخر في الحرم تعين الشخص على العبادة...
كانت الخطة أن نقضي ليلتين أو ثلاث ثم نعود...
لكني تركت والدي يعود لوحده واخترت البقاء لعشرٍ كاملة...
عدت بعدها وقد تغيرت نظرتي لنفسي وعلاقتي بربي...
جنيت وما زلت اجني ثمار تلك الرحلة العبادية المباركة واسأل الله أن يثبتني على الحق ويزيدني من فضله...
كيف حصل التغيير؟
لأكثر من عشر سنين مضت لم أكن أعلم كيف...
لم تكن الأمور واضحة لدي بأن التغيير كان نابعا من ذلك البرنامج العبادي...
قبل شهر من الآن أزعم أنني قد اكتشفت سراً عظيماً ومنهجاً قويماً لم يكن واضح - بالنسبة لي على الأقل - وأزعم أنه غير واضحٍ لكثير من الناس...
كان ذلك عند تأملي لقَوْله تَعَالَى ) يَا أَيُّهَا النَّاسُ اُعْبُدُوا رَبَّكُمْ الَّذِي خَلَقَكُمْ وَاَلَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ) البقرة 21...
سمعت وقرأت - كغيري - الكثير من الأحاديث عن التقوى وثمارها وبركاتها , وعلمت أنها وصية الله إلى الأولين والآخرين وأنها الحقيقة التي يريدها الله عز وجل من عبادة...
غير أن الطريق لتحقيقها لم يكن واضحا لي...
كنت أنظر إليها أنها البداية وليست النهاية ...
أنها الوسيلة وليست الغاية ...
أنها السبب وليست النتيجة...
أريد أن اتقي لأعبد الله وليس العكس ...
أريد أن أتقي حتى اترك المعصية...
أريد أن اتقي حتى أطيع الله...
أما بعد تأملي للآية) يَا أَيُّهَا النَّاسُ اُعْبُدُوا رَبَّكُمْ الَّذِي خَلَقَكُمْ وَاَلَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ ( فقد ترسخت لدي قناعة تتماشى مع عدل الله عز وجل المطلق و تستند إلى تساوي الفرص بين عباد الله في الوصول إلى رضاه والسعي للدرجات العُلى من الجنة...
لا يوجد خيار آخر أمام الناس غير عبادة الله والمداومة عليها ومجاهدة النفس في سبيل ذلك...
بعدها وبعدها فقط يمكن أن نصل إلى التقوى التي يريدها الله عز وجل من عباده...
لقد أصبحت الصورة واضحة لدي فلم يعد هناك ما انتظره من مجتمعي...
لم يعد هناك مساحة للاحتجاج بالزمان أو المكان الذي أعيش فيه...
لقد أصبحت المسئولية فردية...
لم يعد أمامي سوى طريق واحد لتحقيق رفعة الدنيا والآخرة...
عبادة الله بمعناها الشامل و الكامل...
هذا ما أملكه وأقدر عليه والله عز وجل كريم جواد لا يرد من دعاه ولا يطرد من قصده...
اللهم أعنا على شكرك و ذكرك وحسن عبادتك
روابط ذات علاقة:
خاطرة رائعة وفهم عميق يا ابو المعتصم، في اسنشهادك بالاية الكريمة طرأ على بالي حديث النبي صلى الله عليه وسلم عندما سأله جبريل عن الاحسان وقال (الاحسان أن تعبد الله كانك تراه فإن لم تكن تره فإنه يراك) وكأن العبادة خطوة للاحسان الذي هو من اعلى درجات التقوى ( إِنَّهُ مَن يَتَّقِ وَيَصْبِرْ فَإِنَّ اللَّهَ لاَ يُضِيعُ أَجْرَ الْمُـحْسِنِينَ)
ردحذفشكرا يا ابو المعتصم وحج مبرور وسعي مشكور
فعلا أنها خاطرة رائعة وفهم عميق صراحة هذا ما يصير لدينا نحن الشباب عندما نلهوا في الدنيا لا ندري ما نفعل ولا نهتم ولكن في حالة حصول أي مصيبة لقريب او قريبه منا نشوف أنفسنا نتمسك بالعباده أكثر ونهتم أكثر فسأل الله عز وجل أن يثبت قلوبنا على دينه
ردحذفتقبل مروري وأشتياقي لمدوناتك
أخوك
شوقي فياض
الله أكبر الله أكبر وأشهد أن محمد بن عبدالله رسول الله
ردحذفزادك الله ياابى المعتصم ايمانا واحتسابا وعلما نافعاٌ وجعلك الله دخرا للامة الاسلامية....
حج مبرورا ودنبا مغفوراُ...
زادك الله بسطة في العلم والجسم وجعلك من المتقين الصادقين المخلصين وان يجمعنا بالحبيب صلى الله عليه وسلم خاطرة ولا أروع أين الطريق ذاك الطريق المحفوف بالشهوات والمكاره والذي يبدو جليا لمن انار الله بصيرته فكم من مبصر ولكن بلا بصيرة الحياة مدرسة ونحن تلاميذها ولعلك تكون من التلاميذ المميزين والمتفوقين في فهم مدرسة الحياةالتي قد غمت على الكثير وتجاهل مدلولاتها ومعادلاتها خلق تاه في تيارات من الفكر والضلال الخطير اسأل الله أن نكون ممن أصاب الجواب واحسن الاختيار
ردحذفمحبك دوماً في الله
خاطرة جميلة يا بش مهندس ، وفي تصوري طريق الهداية سهل والوصول إليه أسهل أيضا ولكن كيف ومتى ؟؟؟
ردحذففنحن بحاجة إلى وقفة مع أنفسنا !
وفي الختام تحياتي لك
السلام عليكم
ردحذفكم يكون سروري عظيماً عندما اجول بين كلماتك الرائعة
ليس فقط في هذه الخاطرة، و انما في كل ما كتبت و ما نتمنى ان نراه دائماً
تقبل مني اروع و اجمل و ارق تحية
الشريف الدكتور المهندس حسن الحازمي
ردحذفحمدالله على سلامة العودة وحيازة الأجر الوفير باذن الله.
جميل تفكرك في علاقتك مع الله..
جميل أيضا وصولك لهذه النتيجةالوسيطة..
وسيكون اجمل لواستخدمت "العمق والعلو " للوصول للنتيجة النهائية للعبادةفي الدنيا..
أبحر..
تعمق ..
لتنعم وتتلذذباكتشاف أسرار علاقة حسن مع الله..
ولتعلو مع السماويين ..
واذا عرفت فالزم.
ابو سارة
ردحذفجزاك الله خير وتقبل الله من الجميع
اشتقت لجلساتك الجميلة
شوقي
متابعتك للمدونة اسعدتني
مصطفى
بارك الله فيك وتقبل الله منا جميعا
ابو مازن
تعليقك اظافة حقيقية للموضوع
فهد
بوركت واسأل الله ان يبصرنا بالطريق اليه
م خليل
اسأل الله أن يوفقنا جميعا لما فيه الخير
الثري المتوازن
نورت المدونة اخي المستشار
فعلا نحتاج للعمق والعلو
اسأل الله ان يوفقنا لمعرفة الحق ويثبتنا عليه
بارك الله فيكم جميعا إخوتي الكرام
ابو المعتصم
تم تثبيت المضوع في منتديات جازان على الرابط
ردحذفhttp://www.jazan.org/vb/showthread.php?t=124491
اسأل الله ان يبارك في الجهود
اللهم يامقلب القلوب و الأبصار ثبت قلوبنا على طاعتك و دينك
ردحذفاللهم و أرنا الحق حقاً و ارزقنا اتباعه و ارزنا الباطل باطلاً و ارزقنا اجتنابه
جزاك الله خير ابوالمعتصم
يقول بن القيم :
ردحذفثم اسم بسرك الى المطلب الأعلى، واقصر حبك وتقربك على من سبق فضله واحسانه كل سبب منك، بل هو الذي جاد عليك بالأسباب، وهيأ لك وصرف عنك موانعها، وأوصلك بها الى غايتك المحمودة.
فتوكل عليه وحده،وعامله وحده، وآثر رضاه وحده واجعل حبه ومرضاته هو كعبة قلبك التي لا تزال طائفا بها، مستلما لأركانها، واقفا بملتزمها، فيا فوزك وسعادتك ان اطلع سبحانه على ذلك من قلبك، ماذا يفيض عليك من ملابس نعمه وخلع أفضاله،"اللهم لا مانع لما أعطيت ولا معطي لما منعت ولا ينفع ذا الجد منك الجد، سبحانك وبحمدك"
يعرف الله سبحانه باالجمال الذي لا يماثله فيه شيء، ويعبد بالجمال الذي يحبه من الأقوال والأعمال والأخلاق فيحب من عبده أن يجمل لسانه بالصدق وقلبه بالاخلاص والمحبة والانابة والتوكل وجوارحه بالطاعة وبدنه باظهار نعمه عليه في لباسه وتطهير له من الأنجاس والأحداث والأوساخ والشعور المكروهة والختان وتقليم الأظافر، فيعرفه بصفات الجمال ويتعرف اليه بالأفعال والأقوال والأخلاق الجميلة، فيعرفه بالجمال الذي هو وصفه ويعبده بالجمال الذي هو شرعه ودينه.
ردحذفنائيات القرآن جدلية العلم والحكمة: القوي الأمين...
ردحذفالعلم لا يعني الحكمة، والحكمة تعني العلم ويزيد، فالمعلومات كومة والحكمة ترتيب.
والمجتمع ليس كومة بشر بل شبكة علاقات.
والفرق بين الفحم والسكر والألماس طبيعة تراص ذرات الفحم، فأخرجت من بين صلبها شحار تتسخ منه الثياب، وحلاوة سكر متعة للذائقين، وألماس يلتمع كبرق في السماء.
والروح ترابط عواطف فإما انهارت بضباب الشهوة كسرة الحزن والفزع الأعظم وإلا كانت ممن استقاموا فلا خوف عليهم ولا هم يحزنون..
والنور اختلف بين أبيض وأحمر وغرابيب سود حسب مزيج وتراكب الألوان والله نور السموات والأرض وعجزت كل الأسماء الحسنى عن وصفه وهو السميع العليم..
ورب عالم قاده علمه للغرور أو كسب المال ونيل الشهرة وكلها أبواب للهلاك.
لذا وصف الرب مهمة النبي بأربع: أرسل في الأميين رسولا منهم يتلو عليهم آياته ويزكيهم ويعلمهم الكتاب والحكمة. فهنا تلاوة لإنارة الوعي. وتزكية للروح من غائلة الشيطان، واعتمده الباكتاشية من طرق الصوفية الأتراك لإخراج الانكشارية بالانضباط الحديدي والتعليم المستمر والتقدم حسب الكفاءة، ما جعل سفير آل هابسبورج في البلاط العثماني يحسد الأتراك بعنايتهم بالإنسان، في الوقت الذي كان جل هم النمساويين بالصقور والكلاب فيحسنون السلالة ويستعبدون الإنسان برق الأقنان. والتربية الصوفية ممتازة لولا مقتلين توديع العقل وعبادة الشيخ من دون الله فلا نقد ولا مراجعة كمن باع عقله للشيطان. وهو مرض بين الشيعة والسنة والأرثوذكس والكاثوليك والزيديين واليزيديين ومن تابعهم أجمعين..
وثالث المهمات هي التعليم فليس مثل العلم نورا، ولكنه مثل الطاقة التي تحتاج إلى سكة وهدف وهنا تأتي الحكمة فتلتحم الطاقة بالآلة، والتقوى بالوعي، والنظافة بإتقان المهنة.
وسألني الأخ فهد الرشود الذي لا يمل من طرح الأسئلة وأخذ الأجوبة ولو بكلمة فقال: كنت أقرأ القرآن الكريم قبل عدة أيام في سورة الأنعام ولفت انتباهي تقدم كلمة حكيم على كلمة عليم، مثلا لذلك قال تعالى (سيجزيهم وصفهم إنه حكيم عليم) فلماذا تقدمت الحكمة على العلم وهذا متكرر في آيات أخرى.
وهذا السؤال تمنيت عليه أن يقوم بمسح هذا الثنائي من القرآن كله، ليكتشف هذه الجدلية، وإنا شخصيا أقوم باكتشافات في القرآن من حين لآخر، مثل جدلية القوي الأمين؟
و(ثنائي) أطعمهم من جوع وآمنهم من خوف. أو ثنائي لا خوف عليهم ولا هم يحزنون، وكل من هذه المفاهيم العملاقة تحتاج لشرح موسع. وهي أبواب واسعة في علم النفس
فأما في المعنى الأول عن جدلية العنصر النفسي والفني في وحدة العمل الصالح، فلم أقبض على المعنى إلا حين كنا معتقلين أنا والشيخ جودت سعيد في سجون البعثيين في الحلبوني فتناقشنا حولها، واهتدى الرجل إلى فك وحدة العمل الناجح في كل شيء، وهذه الآية كانت شفيعه، أن كل وحدة عمل ناجحة أو بتعبير القرآن (العمل الصالح)، كما في آخر آية من سورة الكهف فمن كان يرجو لقاء ربه فليعمل عملا صالحا ولا يشرك بعبادة ربه أحدا.
وحدة العمل الصالحة الناجحة هي تلك التي اندمجت فيها والتحمت وتفاعلت مجموعتان من العناصر: (الفنية) و(النفسية) فمهما برع الجراح فنيا فلا يكفي، ولن ينجح في عمله، بل لا بد من توافر النية الأكيدة للنجاح والاهتمام الرائع بمريضه ومتابعة العملية ما يسمى عند الأطباء (Follow up) ومهما رغب الإنسان في السفر لا بد من الزاد والراحلة، ومهما اشتهى الرجل امرأة ما نجح في زواج من أصيب العنة.
وهكذا تمشي هذه القاعدة فتحكم الكثير من العلاقات الإنسانية، وإنه لذكر ولقومك وسوف تسألون...