الثلاثاء، ديسمبر 28، 2010

أرجوك حافظ عليه يا بني…

image

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله,,,

كنت أمشي مع ابني المعتصم في مكان عام هنا في استراليا، وكان هناك شخص يمشي في الاتجاه المعاكس لنا. كان غريب الشكل بما وضع على جسمه.

لاحظت شيء من الاشمئزاز على وجه المعتصم لكن ذلك الاشمئزاز لم يدم طويلا بل استدرك قائلا:

"We should not judge the other people by their face

They may have soft hearts"

ومعنى هذه العبارة بالعربية:

"من المفترض أن لا نحكم على الآخرين من خلال أشكالهم، فلعل لهم قلوب طيبة"

هذه العبارة أصابتني بالدهشة لهذه القيمة الجميلة التي لا يعرفها ابني باللغة العربية لأني لم أزرعها فيه وهو لا يتحدث معي باللغة الانجليزية إلا في الأمور التي يتعلمها في المدرسة فيكون غير متأكد من مرادفاتها في اللغة العربية.

بعد تأمل لمعناها استرجعت حديث أبي هريرة رضي الله عنه حين قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : "إن الله لا ينظر إلى صوركم ولا أموالكم ولكن ينظر إلى قلوبكم وأعمالكم " رواه مسلم.

في حادثة أخرى كنت في حوار مع أحد التنفيذيين في الجامعة عن معنى مشابه فذكر لي قصة مفادها أن حفيده "جاك" كان يحدثهم كثيرا عن زميل له اسمه "وليم" فطلب منه ان يستضيفه، وحين قدم الطفلان قال له جده لم تقل لنا أن صديقك أسود !، حيث أن "وليم" من أصول إفريقية فكان رد الطفل "جاك" العفوي "وهل هو كذلك !"

إن "جاك" لم يسأل نفسه يوما ما من أي خلفية ومن أي عرق "وليم" بل لم يهمه لونه فهو يصادق من يستلطف من زملائه بغظ النظر عن أعراقهم. هذه العبارة كانت صدمة لذلك الجد حيث قال لي: "إن الأطفال يولدون دون تعصب لكننا نحن الكبار من نعقدهم من خلال تصنيفاتنا التي ننقلها لهم".

بالضبط كما قلت انا عند سماع إبني "ليت لي مثل صفائك" قال هو عند سماع حفيده "كيف أزيل ما تراكم في باطني من عنصرية".

إن الأطفال حقا يولدون بلا عنصرية فلا يكرهون البدو إن كانوا حضرا ولا العكس لا يكرهون السود إن كانوا بيضا ولا العكس إنهم لا يملكون كثيرا من مُرشِحاتنا (فلاترنا) الإثنية و الأيدلوجية والمناطقية والإقتصادية.

إنه الصفاء الذي لا يحتاج إلى مُرشِحات، فكل هذه المُرشِحات نحن من يغرسها في عقول اطفالنا فننقل لهم امراضنا مع سبق الإصرار والترصد.

بني… أرجوك اسمع مني هذه الوصية:

"ارجوك أن تحافظ على صفائك"


مواضيع أخترتها لك:

هناك 12 تعليقًا:

  1. مدارسهم تغرس القيم الإنسانية بطريقة أتعجب منها لذا غالباً ما تكون المخرجات لديهم صحيحة مشكلتنا أخي في من يطمسون هذه الطفولة وهذه البراءة ...ومما يحيرني أننا نملك منهجاً ربانياً يهذب نفوسنا ونفوس أبنائنا ولكننا أضعنا الفهم العميق لهذا المعين الصافي....دمتم بسلام


    Khalid Alryhaliy

    ردحذف
  2. وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
    مهما اقول فلن اصف روعة ما كتبت أيها الشريف وفقك الله اخي ورزقك ما تتمنى في الدارين
    محبك
    يحيى ال مفرح

    ردحذف
  3. بسم الله الرحمن الرحيم

    الاخ الفاضل حسن الحازمي. حياكم الله

    تحية وتقدير لشصكم الكريم. وبعد

    انت تعلم جيدا تنوع الثقفات بين الشعوب في شتا المجالات

    صحيح المولود يولد علي الفطره ولكن الشخص يتعايش ويتقلم علي العادات والمبادئ

    الانسانيه فلننظر جميعاً للندوات ألعلميه والثقافية في وسائل الاعلام المختلفه

    نشاهد العجب من المثقفين العرب السب والشتائم والاسفاف في المحتوي

    والتنقيص من الاخرين وتتبع العثرات لكن شاهد الغرب احترام الذات والتحدث

    بالأدب باسلوب علمي راقي فكل ما تقدم هو العلم والثقافة بين الشعوب

    هناك علماء لم يدخلوا اي مدرسه لكنهم جريجون من مدرسة الحياة ومعصراتها

    واستفادوا من علمهم الاخرين. وهناك متعلمون لكنهم أغبياء لا يستفاد من علمهم

    شياً الا التفاخر بالشهادة الحاصل عليها وما اكثرهم في هذا الزمن

    اتنما لك التوفيق. محبكم المتوكل علي الله،

    ردحذف
  4. السلام عليكم

    تعليقي ذو شقين

    اولا قوة تعبير أطفالنا باللغة الانجليزية.

    ثق تماما أنه لو كان المعتصم -حفظه الله لك ولإمه- لا يتحدث اللغة الانجليزية لما استطاع اخراج تلك الدرة الكامنة في جوفه. فعادة ما أسمع المعتصم يقول عبارات باللغة الانجليزية فعندما اترجمها للعربية أجدها قوية في بنائها وتعبيرها عما يريد إيصاله للسامع.نفس الشيء مع اخوة زوجتي الصغار يتحدثون لغة حينما اترجمها للعربية اجدها ايضا جدا معقدة على شخص بالغ عاقل ناهيك عن طفل عربي خليجي.
    هل ياترى هذا بسبب تعليمهم غربي الهوية أم انه بسبب ضحالة لغتهم العربية فلا يستطيعون التعبير عما بداخلهم فيآوون الى ركن شديد يعوضهم ما فقدوه.

    الشق الثاني

    فنحن ولله الحمد فقد أُتينا قدرة بالحكم على القلوب فلا نكتفي بالالوان والاعراق لذلك تجدنا فرقا شتى.

    أخي حسن
    هل تعتقد أن لهذا الصفاء المنشود حدود؟

    وشكر الله لك

    ردحذف
  5. Ibrahim Hejab

    الله الله : وهل هو كذلك؟ ما أجمل الحياة التي جعلها الله لنا خارج المقابر

    Ahmed Alsaleh

    مقال رائع بكل المقاييس


    Ahmad Almalki

    كما قال المصطفى الحبيب صلى الله عليه وسلم"ما من مولود الا ويولد على الفطرة فابواه يهودانه او يمجسانه او ينصرانه"
    لفته تربوية جميلة اخي حسن بارك الله فيك..

    ردحذف
  6. ماشاءالله تبارك الله .. اللهم أجعله من نصره الدين ورفعة للمسلمين .. الله يحفظ لك ابنك يارب ...

    تقدر تستنبط شي عظيم من كلامك أن أقوى تعليم للمبادئ و الفهم الحقيقي للحياة وتطبيقها مدى العمر يكون في أول

    العمر .. ما يتلقاه الطفل في هذه الفتره يجب علينا أخي على تلقين ابنائنا الصحيح و تعليمهم الخطا انه خطا ...

    حتى وإن ظننا ان هذه الاشيا كبير عليهم ولكن في الحقيقه هو ليست كذلك ...


    وأنظر كيف يعاملون أبنائهم هنا ؟ ... ولماذا نذهب بعيد وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ...

    2 - كنت رديف رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم يا غلام أو يا بني ألا أعلمك كلمات ينفعك الله بهن قلت بلى فقال احفظ الله يحفظك احفظ الله تجده أمامك تعرف إلى الله في الرخاء يعرفك في الشدة إذا سألت فاسأل الله وإذا استعنت باستعن بالله فقد جف القلم بما هو كائن فلو أن الخلق كلهم جميعاً أرادوا أن ينفعوك بشيء لم يقضه الله لك لم يقدروا عليه وإن أرادوا أن يضروك بشيء لم يقضه الله لك لم يقدروا عليه واعمل لله بالشكر واليقين واعلم أن الصبر على ما تكره خيراً كثيراً وأن النصر مع الصبر وأن الفرج مع الكرب وأن مع العسر يسراً
    الراوي: عبد الله بن عباس المحدث: عبد الحق الإشبيلي - المصدر: الأحكام الشرعية الكبرى - الصفحة أو الرقم: 3/333
    خلاصة حكم المحدث: صحيح

    فأنظر كيف كان يخاطب رسول الله صلى الله عليه وسلم ابن عباس وهو غلام .. والغلام هو ( قيل من ولادة الطفل الى العشرة سنين وقيل انه من العشرة سنين الى الخامسه عشرة )

    وفي كلتا الحالتين يعتبر في مجتمعنا .. عمر ليس قابل للتحمل ولا تعلم الجد ولكن للعب فقط ...

    وشكرا اخوي على الموضوع المفيد جداً وكتب الله اجرك ..

    ردحذف
  7. موضوع مفيد دكتور حسن بارك الله فيك

    ننتظر تواجدك دوما لغزارة ماتقدم وفوائده الجمة

    دمت طيبا

    ابو ايمن

    ردحذف
  8. فعلا فالطفل يولد على الفطرة واهله هم يحكموا بيهويته او نصرانيته او اسلامه او على اي وضع كانوا دري او علو سواء اخلاق او عقائدي والمشكلة هذا ما نعانيه نحن هنا في نجتمع التعصب والعنصرة والقبيلة والتمييز اصبح المولود يولد وهو مليء بالاحقاد والضغائن يولد وهو مكبل بالثأر والغارات لا يعرف الا ان فلان اعتدى على جده السادس عشر ويريد ان يأخذ حق جده
    اصبحنا تجمعات الاسود مع بني جلدته والابيض كذلك لا نعترف بقول رسولنا الكريم لا فرق بين عربي وعجمي ولا ابيض ولا اسود ... الا بالتقوى اصبحت السالفة عادة حتى التعبد اصبح سمى طقوس دينية
    لكن الحمد لله رب العالمين على ظهور مثل ولدك الله يحفظه يا ابا المعتصم

    طرف

    ردحذف
  9. تصدق ذكرتني بقصة قرأتها يوم احداث 11 سبتنمبر في أمريكا

    أن طالبه مسلمه أعتزلت المدارس خوفا من الإعتداء عليها

    فأخذت المعلمة كل طالبات الفصل وزارتها في بيتها

    وحملت معها من الهدايا وبينت لها أنهم لا يحملون لها أي كره ثم عادت إلى المدرسة

    صمت

    ردحذف
  10. صالح العمير29‏/12‏/2010، 6:05 ص

    أخي العزيز ابو المعتصم سلمت يداك على هذه الرائعة والتي استحثك على كتابتها عبارةابنك النبيل النجيب (ما شاء الله) اسأل الله له ولك وللكل تطبيق ما قاله نبينا صلى الله عليه وسلم في الحديث المذكور اعلاه، وان يعيننا ان نعدل او ننتزع ما زرع فينا من قيم غير سوية واستبدالها بالسوي ومن ثم ان نتعلم كيف نزرع ما أتى به ديننا الحنيف من قيم بنآءة في أبناءنا (ألا ليت قومي يعلمون)!!!!!

    ردحذف
  11. ليس لي عزاء إن أتيت متأخرا يا أبا المعتصم
    وما ذلك إلا أن محبيك تعطشوا لمدرسة حياتك

    ياحسن ....
    لا أدري لماذا أحب كثيرا كثيرا مقالاتك عن المعتصم
    هل لأنها أكثر صفاءً، ربما
    أم لأني أحب المعتصم، وهذه تحتمل أكثر من ربما

    ياحسن لن أضيف كثيرا هنا
    صورة مع التحية من هذا المقال للمؤتمرين في جدة بمناسبة الحوار الوطني

    أعجز المعتصم وجاك أشياءً كنت قد هرطقتها

    محمد بن ناصر عسيري

    ردحذف
  12. سيحافظ عليها إن شاء الله
    ولنستمر في دعم هذه القيم فيهم
    ولنحرص على تخير البيئات الطيبة ليعيشوا فيها، فإن البيئات لدينا في السعودية -إلا ما رحم ربي- تقتل مثل هذه القيم.

    وفقكم الله

    ردحذف