الأحد، مارس 21، 2010

مجلس أمناء ... (حتى لا تضيع البوصلة)

image

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله,,,

عزيزي القارئ ...

تخيل معي أن مدرسة حيك أو قريتك بها مجلس أعلى يتولى الإشراف عليها وليكن أسمه مجلس أمناء المدرسة. أعضاء هذا المجلس منتخبين من أهل الحي ليقدموا خدمة تطوعية غير مدفوعة مما يعني أن الساعين إلى هذا المجلس ليسوا من المنتفعين بل هم من الراغبين في خدمة مجتمعهم المحلي الصغير. مهمة هذا المجلس هي مراقبة أداء المدرسة من خلال اجتماع دوري بحضور الهيئة الإدارية للمدرسة. تهدف هذه الاجتماعات إلى التأكد من التزام إدارة المدرسة بتنفيذ الخطة الوطنية للتربية والتعليم كما تراجع تقارير الأداء مستأنسين بما يتلقاه الأعضاء من أولياء الأمور بشكل يومي في الحي. هذا المجلس ليس شكليا بل يملك صلاحيات واسعة حتى إن رواتب العاملين في المدرسة لن تصرف إلى بموافقة المجلس.

هذه الطريقة تغنينا عن الحاجة لرقابة خارجية تقوم بها الجهات المشرفة التي قد تكون بعيدة عن الواقع الفعلي، فبهذه الطريقة سيكون المستفيد من الخدمة هو من سيقيم مستواها. قل مثل ذلك عن مجالس أمنا المسجد والمستوصف والبلدية والجامعة بل كل جهة خدمية.

إن هذا واقع معاش في الدول المتقدمة فعلى سبيل المثال نجد لكل مؤسسة خدمية هنا في استراليا مجلس إشراف أعلى أو مجلس أمنا يقوم بمراقبة أداء تلك المؤسسة، وهو يملك صلاحية كبيرة جدا بل مطلقة أحيانا. و لو لم يكن لهذا المجلس دور سوى إلزام إدارة المؤسسة بعمل تقارير شاملة للأنشطة التي يزاولونها لكفى، فمجرد القيام بكتابة تقرير عن عمل معين سينبه على نقاط القوة والضعف في هذا العمل، خصوصا إذا كان سيُعرض أمام جهة إشرافية عليا تملك الصلاحية و بها من أصحاب الخبرات الطويلة والمتنوعة ما يجعل معد التقرير يضرب حسابا لكل كلمة سيقولها أو يكتبها. أضف إلى هذا أن من ضمن أعضاء المجلس ممثلين لمختلف شرائح المنتمين والمستفيدين من المؤسسة وهذا يجعل مقدم التقرير يحرص على قول الحقيقة والحقيقة فقط مخافة أن يَرُدَ على قوله من يعرف بواطن الأمور.

في حالة مجلس الجامعة يوجد ممثِلَينِ لأعضاء هيئة التدريس وممثل للموظفين و ممثل لطلاب الدراسات العليا وآخر لطلاب المرحلة الجامعية وهم منتخبون من أقرانهم ليشكلوا مرآة عاكسة من داخل الجامعة تساعد المجلس على تلمس الاحتياجات الحقيقة ودرجة الرضا لدى جميع المنتمين للجامعة. أما الأعضاء الذين يمثلون المجتمع المحلي - وهم أكثر من نصف أعضاء المجلس - فإن العامل المشترك بينهم هو كونهم ممن قدم خدمات مميزة للمجتمع وغالبيتهم من حملة الألقاب الكبيرة كأعضاء البرلمان أو قضاة أو من كبار موظفي الدولة مع وجود عضوين على الأقل ذوي خلفية مالية وعضو من القطاع الخاص.

أعتقد أن المهمة الرئيسية لمجلس الجامعة هي المحافظة على الاتجاه "حتى لا تضيع البوصلة" كما يقال، فيقوم بنقل إدارة الجامعة من الاهتمام بتسيير الأمور اليومية لتذكيرهم بالواجب الوطني. فمن الطبيعي أن من يزاول عمل بشكل مستمر سينتقل من التفكير في الأهداف الكبيرة ليحصر اهتمامه في تسيير الأمور بشكل مقبول وتقليل المشاكل الآنية بما يشبه المسكنات، لذا يقوم المجلس بتذكيرهم بشكل دائم بالهدف الاستراتيجي، وعلى إدارة الجامعة في كل خطوة تخطوها أو قرار تريد أخذ الموافقة عليه أن تبين أثره على الخطة الإستراتيجية وعلاقته بالأهداف المرحلية.

إن هذه المجالس لا يسعى إليها سوى الناشطين المدنيين، يدفعهم حب مجتمعهم وخوفهم عليه وشعورهم بالواجب الوطني فلا مكان للربح المادي، بل إن اللغة المستخدمة في الحوار لغة وطنية تركز على خدمة المجتمع بكل شرائحه، كما أن أي إجراء يجب أن يبرر من المستفيد منه ومن المتضرر، ويسعى المجلس لتحقيق الحد الأعلى من التوازن من خلال تنوع خلفيات وانتماءات أعضاء المجلس.

أخيرا فإن إدارة المجلس تركز على الجانب الخدمي المتوقع من الجامعة تجاه مجتمعها، لذا من المطلوب في كل اجتماع للمجلس أن يكون هناك متحدثا يعرض مشروعا واقعيا تسهم به الجامعة على المستوى المحلي أو الوطني ويكون المتحدث غالبا رئيس الفريق الذي يقوم بهذه المهمة.

أعتقد أن المجالس العليا الحاكمة للمؤسسات تساعد كثيرا في المحافظة على سير تلك المؤسسة في الاتجاه الصحيح.

* رابط المقال كما نُشر في سبق


مواضيع أخترتها لك:

هناك 14 تعليقًا:

  1. ذكرتني يا أبا المعتصم بحديث دار سابقاً بيني وبين مجموعة من الشباب عندما تذكرنا مجلس الآباء الذي تعقده بعض المدارس في السعودية، والذي يعتبره بعض الآباء مجرد فرصةً لا لشيء إلا للالتقاء ببعض المدرسين لمناقشته في مواضيع مثل:

    ليش ما نجحت ولدي
    ليش هذاك اليوم ضربت ولدي

    وهلم جرا

    صحيح أن التسميتين على نفس الوزن
    مجلس الأمناء ومجلس الآباء
    لكن شتان بينهما

    تقبل مروري
    أبو إلياس - ماجد الدريهم

    ردحذف
  2. "إن هذه المجالس لا يسعى إليها سوى الناشطين المدنيين، يدفعهم حب مجتمعهم وخوفهم عليه وشعورهم بالواجب الوطني فلا مكان للربح المادي، بل إن اللغة المستخدمة في الحوار لغة وطنية تركز على خدمة المجتمع بكل شرائحه"

    فعلا فأن خدمة المجتمع تكون وتتركز عند المرؤوسين والرؤساء.....

    بارك الله فيك

    عيد النفاتي

    ردحذف
  3. انا لله وانا اليه راجعون

    هذا الكلام من وين تجيبه يابو المعتصم

    تعلم جيدا ان هناك جين او متلازمة في الدم العربي عموما والدم السعودي بشكل خاص تنفي مثل هذا الاقتراح جملة وتفصيلا بل وتشنعه وتعده من عظائم الامور وطوامها

    فلا عاد تكتب مثل هذا الكلام

    احنا بخير وامورنا زينه وكل شي تمام التمام

    لانحتاج مجالس ولامسادح امناء



    ماقدرت فينا المباحث الادراية ولا هيئة الرقابة والتحقيق ولاديوان المراقبة العامة

    وتبغى ناس متفرغيين يديرون الامور ويقررون من يستلم راتب ومين يخصم منه



    دور لك شيخ يقرا عليك

    ردحذف
  4. كلام جميل جدا


    أتمنى أن يطبق هذا عندنا ونحن نعرف جيدا ان هناك اناس فاعلي الخير يريدون الشي هذا من غير مقابل ولوجه الله ولكن لا مؤيدون لهم , او يجدون من يقف ضدهم كما فعل كاتب التعليق


    لك خالص شكري وتقديري

    ردحذف
  5. أبا المعتصم
    مساؤك جميل
    Work on your work
    Do not work in your work

    البوصلة واتجاهها والاستراتيجية وإلى أين المسير

    "دور لك شيخ يقرا عليك"
    تعليق أراه متشائم ولكنه واقعي

    لأصدقك القول وانت المتخصص في الثقافة
    لدينا من الخلفية الثقافية مايسمح لنا بامتلاك مثل هذه المجالس
    فثقافة النقد صارت جين ينتقل من جيل لجيل.

    فقط نريد نظام يمنع كائنا من كان أن يزايد على كائن من يكون
    "هل للسلطة التشريعية مصلحة أن لايكون لدينا مثل هذا النظام" سؤال يحيرني دائما

    بكل صدق وجدتك أجمل ماتكون هنا

    محمد عسيري
    G02
    Griffith
    (-:

    ردحذف
  6. السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
    بورك في قلمك ابا المعتصم كلمات رائعة بس شكلك ماتبي احد يتقاعد ويتفرغ لخلق المشاكل مع كهلته واولادهوالجيران ويطوف على المزرعة ويقدم الشبك على ارض آل فلان وللا الثاني اللي متوكل لخلق الله دعوجي لن تخسر قضيتك ابدا معه 100% وللا وللا !!!!!!!!
    الى متى يقال لنا اذا ذكرنا محاسن الانظمة الغربية اتهمنا بالتأثر او الافتتان بهم.
    تحياتي

    ردحذف
  7. المنجزات الضخمه تبدء بافكار سواء من الاخرين او من ابداعنا.
    تجارب الامم حولنا ثريه . ولكن نحن فى بعض الاحيان حاله عصيه. لعل القادم اكثر اشراقا للعالم الذى ننتمى اليه.

    تحياتى

    علي

    ردحذف
  8. يعطيك العافية اخ حسن
    من هي الدولة العربية التي تطبق هذا النهج من الشفافية
    الله يرحم حالنا بس
    مجالس الامناء صعب تنفيذه في بلدان عايشه بعقليات رجعيه لا تقبل النقد او التوجيه
    والدول الاوربية دول مؤسسات فعليه ليس صورية وماشية على نظام واضح وصريح ولا احد يستطيع ان يتجاوز النظام او يجعله مطاطي يوسعه ويضيقه المسؤل متى شاء
    والله اننا لاندري من اين نبدء بداية حقيقية لتلافي الاخطاء الحاصلة لدينا في التعليم وغيره من مؤسسات المجتمع المدني فا الارتجالية والتزلف للمسئولين وكل شي على ما يرام هذا ما يرجعنا الى الخلف مئات الخطوات
    الفساد المستشري في مؤسسات الدوله لا يجتمع وفكرة الامناء للمؤسسات في حيز واحد فهم نقيضان لايجتمعان
    علنا بالتركيز اولا على المواطن بحيث يعرف ماله من حقوق وما عليه من واجبات وحثه على ان يصبح نافع لوطنه وان يكون ايجابي وليس سلبي في جميع تصرفاته
    علنا اجتثاث بعض المصطلحات لدينا مثل انت ايش دخلك انا مالي مصلحه كلنا مواطنون وهذا وطننا ويجب ان يكون لدينا الغيرة عليه والتفاني لاجله ولاجل مستقبل ابنانا
    كما تشير يا اخ حسن ان كل مجلس او جمعية صغيرة كانت او كبيره ابتداء من اهالي الاحياء الى الجامعات وغيرها من المؤسسات هي منتخبة من اهل المنطقة وليست معينة (يعني منصب وضيفي الهدف منه الراتب فقط) وتحسين المستوى المعيشي للموظف مما يجعل الموظف خايف على ضياع وظيفته بل هي مناصب دون عائد مادي الهدف منها خدمة المجتمع لا تعقيد امور المجتمع 0
    عموما الله يجزاك خير على الموضوع المتميز كما انت متميز وندعي الله ان يكثر من امثالك في مجتمعنا حتى نصل للطموح المأمول والمكانة الرفيعة بين الدول
    لك فائق الاحترام

    ابو تركي

    ردحذف
  9. شكرا لهذه الاطلالة الرائعة ، وما تطرحه من شرح وتوطيد للأفكار واقتراحات مشكورة مأجورة - إن شاءالله -

    ردحذف
  10. جميل أن تطبق الأمور الجميلة المفيده التي عايشها أبناء البلد أثناء دراستهم في الخارج، ويرون أن من الممكن تطبيقها في بلدنا، وتحدث تطورا وتقدما وياليت كل مبتعث مثلك أ. حسن . . يصتاد المفيد ويترك الفاسد المفسد.

    تقديري لكـ ولفكركـ الراقي

    محمد السبيعي

    ردحذف
  11. فكرة جيده لو تنفذ عندنا
    فيصبح المستفيد هو المقييم
    وليس مقدم الخدمة هو من يقيم نفسه

    تحياتى

    محمود المدنى

    ردحذف
  12. الإسم: طلال الرشيدي
    العنوان: حائل
    شكرا لك ابو المعتصم

    نظام الخدمة المدنية لايسمح

    آآآآآآآه بس


    الإسم: ناصر شراحيلي
    العنوان: يعطيك العافية ابا المعتصم
    تفكير منطقي وجميل لدعم وتطوير كل ما هو مفيد ونافع لدولتنا
    شكرا ابا المعتصم



    الإسم: مهد عبدالله يوسف
    العنوان: أحدى مميزات الابتعاث
    من أحدى أهم مميزات برامج الابتعاث هي الاحتكاك بالدول والمجتمعات المتطورة ونقل أفكارهم الينا ، والافضل من هذا مزج تلك الافكار بتعاليم ديننا الاسلامي العظيم.

    الاخ/حسن ،، الم يلفت نظركم عدم وجود عنصرية بغيضة بين افراد المجتمع الاسترالي؟ وكيف أن الجميع سواسية امام القانون

    ردحذف
  13. الله ابارك فيك

    ردحذف
  14. بارك الله فيك أباالمعتصم. طرح مبارك، وجهد موفق إن شاء الله.

    وفقك الله

    ردحذف