الأحد، أبريل 25، 2010

الطالب... كنزٌ الكل يبحث عنه

image بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله,,,

لا شيء يجبر المؤسسات على الانصياع للأوامر والتقيد بالتعليمات مثل ربط الدعم المالي لهم بتطبيق اشتراطات معينة، خصوصا إذا كان هذا الدعم يشكل رافد مهما لاستمرار تلك المؤسسة. هذا ما يحصل من الحكومة الفدرالية والحكومات المحلية في محاولتها لضبط جودة التعليم العالي والتدريب المهني في استراليا.

إن الدعم الحكومي لمؤسسات التعليم العالي والتدريب المهني قائم على اشتراطات عدة تهدف إلى توجيه التعليم نحو تحقيق الأهداف المرحلية والإستراتيجية للبلد. من أهم هذه الاشتراطات أن تدار مؤسسات التعليم والتدريب بطريقة مدنية تتوائم مع الدستور الاسترالي الذي يكرس الشفافية في الإدارة مع مراعاة توزيع الصلاحيات بطريقة تضمن العدالة وتحقيق المصلحة العامة وتُشرك المستفيدين من الخدمة في الإشراف على طريقة اتخاذ القرارت. يتم ذلك من خلال وجود مجلس أعلى يتكون من أعضاء متطوعين منتخبين يتميزون بالتنوع المعرفي في تخصصاتهم مع سابقتهم في مجال خدمة المجتمع ليكونوا صوت المواطن داخل المؤسسة "مجلس أمناء".

في حالة استيفاء عدد من اشتراطات الحكومة الفدرالية والمحلية تكون المؤسسة التعليمية أو التدريبية مؤهلة لتلقي الدعم الحكومي. ومع كل هذا فالدعم ليس أمرا مستحقا دون التزامات، بل تعلن الحكومة عن معادلتها السنوية للعدد الذي ستقوم الحكومة بدعمه للدراسات الجامعية و كذلك المهنية، و يتم توزيع هذا العدد حسب الخطة الإستراتيجية للحكومة من ناحية المناطق المستهدفة وعدد المنح الدراسية لتلك المناطق والتخصصات المطلوبة.

بدورها تتسابق مؤسسات التعليم العالي والتدريب المهني لنيل نصيبها من الكعكة باستقطاب هذه الأعداد من خلال برامج تصل إلى الطلاب حتى قبل إنهائهم للثانوية - كما رأينا في المقال السابق - كنوع من ضمان مصدر للتمويل يساعد في بقاء الجامعة فاتحة لأبوابها فالتخصص الذي لن يتقدم إليه احد من طلاب الثانوية سيواجه صعوبات مالية قد تؤدي إلى إغلاقه في نهاية المطاف. كما أن الحصول على طلاب يتوافق ميولهم الطبيعي مع رغبتهم الجادة في دراسة تخصص معين تشكل رافدا مستقبليا لبقاء هذا التخصص، لذا يحرص أساتذة التخصص على استقطاب اكبر قدر من الطلاب الجيدين.

مصدر آخر رئيسي و هو الرسوم الدراسية للطلاب الأجانب وإن كان أيضا يخضع لاشتراطات تحدد الحد الأعلى من عدد الطلاب بما يتوائم وقدرة الجامعة أو المؤسسة التدريبية وتوصيات دائرة الهجرة و بلدية المدينة التي تحدد توزيع الجنسيات و السقف الأعلى لعدد الطلاب الممكن قبولهم في كل عام.

في حالة الجامعات لا يمثل هذين المصدرين سوى 60 % تقريبا من دخل الجامعة، فما العمل لما تبقى من الميزانية؟ كيف ستقوم إدارة الجامعة بالعمل على توفيرها؟

هناك عدة طرق من أبرزها المنح البحثية، وهي كمعظم الأمور هنا ليست أمرا مستحق دون مقابل. فهناك إدارة عليا على مستوى الولاية وأخرى على مستوى الدولة تحدد التوجهات البحثية للمناطق. فتركز مثلا ولاية كوينزلاند في مجال الهندسة على أبحاث المياه في الوقت الذي تركز فيه جامعات ولاية فكتوريا على أبحاث البيئة. و تقوم الجهات المانحة بعرض المبالغ التي تود التبرع بها للبحث للجهة العليا والتي بدورها تستقطب مقترحات لمشاريع البحث وبعد تحكيم هذه المشاريع يتم دعم الفائز منها.

كما تتمتع الجامعات بصلاحية الحصول على دعم مباشر من إحدى الجهات المانحة من القطاع الخاص أو قبول الهبات والتبرعات من أي كان على أن لا يؤثر ذلك على سياسة الجامعة. أخيرا... من حق الجامعة إنشاء الأوقاف المتوائمة مع رسالتها العلمية والخدمية وليس من خلال الاستثمار في سوق العقار !

بقي أن اذكر هنا بأن الرسوم الدراسية التي تدفعها الحكومة عن المواطنين هي بمثابة قرض دون فوائد يتم استرجاعه من الشخص بعد تخرجه بأقساط ميسرة تقارب 1% من راتبه لتصرف هذه الأموال على طلاب آخرين، فليس هناك عطاء دون مقابل في هذه الثقافة التي تقوم على "نعطيك وأنت محتاج لتعطي غيرك وأنت غني".

من خلال هذا العرض لعله اتضح الواجب الملقى على عاتق إدارة مؤسسات التعليم العالي والتدريب المهني، فهي موجودة في جو تنافسي لا يوجد فيه أخذ دون عطاء بل عليهم المبادرة برفع الجودة التي تساعدهم على استقطاب الطلاب والحصول على المنح وإلا سيغلقون أبوابهم.

هل أتضح الآن لماذا هناك تسابق على استقطاب الطلاب.لأن "الطالب... كنزٌ الكل يبحث عنه"، و فرق بين أن يكون الطالب حملا نسعى للتخلص منه أو كنز نسعى لاكتشافه والاستفادة منه.


* رابط المقال كما نُشر في سبق


مواضيع أخترتها لك:

هناك 5 تعليقات:

  1. Salamu Alaikum Ya Aba AlMutasim
    Great subjet and great information.

    I need to finish reading the rest of the subjects on your web page.

    looking forward to seeing you soon insha Allah

    Mohammad al-roumi

    ردحذف
  2. مقال هادف أستاذ حسن
    اتمنى كل معلم/ة يستفيدوا من هالمقولة
    اقتباس:
    "فرق بين أن يكون الطالب حملا نسعى للتخلص منه أو كنز نسعى لاكتشافه والاستفادة منه."

    والحمد الله من جهة التعليم حكومتنا الرشيدة ماقصرت اولت الطلاب حظ كبير
    ودعمت الجامعات ووزارة التعليم العالي بكل مقاييس الجودة
    وماتبقى من قصور يقع على عاتق المعلم والطالب فقط


    الجوسق

    ردحذف
  3. أنا اشهد انك مدرسة حياة ... امور كثير تمر من فوق روسنا ما نشعر بأهميتها لأن ادراكنا احيانا لا يستطيع أن يرى كل شيء او على الاقل لا ينفذ إلى بصيرتنا ...

    مقال موفق وجزاك الله خيرا

    ردحذف
  4. الإخوة

    محمد

    الجوسق

    عبدالعزيز

    اشكر لكم جميل تفاعلكم

    ردحذف
  5. رائع أبو المعتصم
    أضيف إلى ذلك ، الأوقاف . .
    كثير من الجامعات تعتمد على الأوقاف كمصدر دخل أساسي لميزانياتها .

    بالتوفيق

    ردحذف