السبت، أغسطس 15، 2009

بحث أم تبرير …


image

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله,,,

إن التفكير والبحث عن الحقيقة أمر محمود يقود صاحبه - إن هو صدق مع نفسه - إلى طريق الهداية والرشاد، وقد تكررت الدعوة إلى ذلك في مواطن كثيرة من القران. كما أن من بديهيات البحث العلمي التجرد في البحث عن الحقيقة دون اشتراطات مسبقة تحرف مسار البحث، وإنما إتباع المنهج الصحيح وقصد الحق.

ما الذي يحصل عندما لا نلتزم بذلك، نجد الباحث متتبعا لما يعزز رأيه الذي حدده سلفا ولما يبقى إلا أن يبرره (بإستخدام مرشح عقلي)، ومتجاهلا - في نفس الوقت - كل ما يتعارض مع تلك النتيجة التي يريد الوصول إليها. إن من يسلك هذه الطريق فهو بلا شك يحرم نفسه من خير الوصول إلى الحقيقة.

تعالوا بنا نتأمل مثلاً قرآنياً يوضح الهوة السحيقة التي يمكن أن ينجر إليها من يستبدل منهج البحث والتفكير بالتبرير لما حدده مسبقا:

لقد أورد ابن كثير أن الوليد بن المغيرة جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقرأ عليه القرآن, فكأنه رق له, فبلغ ذلك أبا جهل بن هشام فأتاه فقال أي عم إن قومك يريدون أن يجمعوا لك مالاً. قال: لِمَ ؟ قال يعطونكه فإنك أتيت محمداً تتعرض لما قبله, قال قد علمت قريش أني أكثرهم مالاً, قال: فقل فيه قولاً يعلم قومك أنك منكر لما قال وأنك كاره له, قال فماذا أقول فيه, فو الله ما منكم رجل أعلم بالأشعار مني ولا أعلم برجزه ولا بقصيده ولا بأشعار الجن, والله ما يشبه الذي يقول شيئاً من هذا, والله إن لقوله الذي يقوله لحلاوة, وإنه ليحطم ما تحته وإنه ليعلو وما يعلى, وقال والله لا يرضى قومك حتى تقول فيه, قال فدعني حتى أتفكر فيه, فلما فكر قال: إنْ هذا إلا سحر يؤثره عن غيره, فنزلت(ذرني ومن خلقت وحيداً ـ حتى بلغ ـ تسعة عشر).

إن هذه الحادثة تبين أن الوليد عندما كان يفكر بتجرد وصل إلى حقيقة مفادها "والله إن لقوله الذي يقوله لحلاوة، وإنه ليحطم ما تحته وإنه ليعلو وما يعلى".

ولكنه حين قدر وأعاق تفكيره بحدود ضيقة (مستخدما مرشح لأفكاره) وراح يفكر فيما يرد به على القران لا في حقيقة القران، فبماذا خرج؟ خرج بكلام مبهم لا معنى له (سحر يؤثر). لقد أعاد حساباته وراح يفكر في مكانته بين قومه و المنافسة التاريخية مع بني هاشم و العديد من القيود التي حرفت مساره عن قصد الحقيقة إلى تبرير ما قرره سلفا من عداء محمد صلى الله عليه وسلم والدعوة التي جاء بها والقران الذي انزله الله عليه.

ولذا نجد القرآن لم يعب على الوليد تفكيره بل عاب عليه تقديره ( إِنَّهُ فَكَّرَ وَقَدَّرَ 18 فَقُتِلَ كَيْفَ قَدَّرَ 19 ثُمَّ قُتِلَ كَيْفَ قَدَّرَ 20 المدثر)، فإذا تأملنا الآيات التي نزلت تحكي لنا هذا الموقف، نجدها تحدد لنا الدوافع الحقيقية التي توصل إلى مثل هذا العمل (... إِنَّهُ كَانَ لِآيَاتِنَا عَنِيدًا )، إنه الاستكبار عن الحق، وتذهب أبعد من ذلك بتحديد المآل الذي ينتظر من سلك هذه الطريق (سَأُصْلِيهِ سَقَرَ).

اسأل الله عز وجل بمنه وفضله أن يرزقنا إتباع الحق...


مواضيع إخترتها لك:

هناك 5 تعليقات:

  1. Dear Abu Almoutasem,

    May Allah bless you and your family.
    I must agree 100%. One of the main objectives of scientific research is to obtain a level of clarity about the unknown. However, we often know the truth, or perhaps it has been told to us in the Holy Quran, but we consciously choose to ignore it. A good example is obeying Allah by performing the basic, or obligatory, forms of worship such as the performing the Fajer prayer on time or connecting with relatives. I suspect that every Muslim, from all walks of life, is aware that we as Muslims are obligated to pray Fajer before sunrise. Unfortunately, researchers, myself included, are sometimes the first to ignore those truths and even replace them with other self-imposed truths.

    The Ayat in Sorat Al Modather are a reminder to all that if we stop and think about the truth, we will notice that sometimes the truth is nothing more than “common sense”.

    Abu Almonther (Husam Aldamen)

    ردحذف
  2. بارك الله فيك يا أبا المعتصم ونفعنا الله بما بينت، وإذا كانت السورة تناقش قضية كبرى (التصديق بكتاب الله) ومن يسعى جاهداً لإنكار هذه الحقيقة، فما هو الموقف ممن يسعى جاهداً لينكر نصاً من القرآن او السنة ليتبع قومه أو ثقافة قوم متأثراً هو أو هى بها، ودون القيام بالخطوة الأساسية كما أوضحت بإتباع المنهج الصحيح وقصد الحق.

    أبو يوسف

    ردحذف
  3. بارك الله فيك أستاذنا المهندس حسن الحازمي ,,
    ونفعنا بك ,,


    وليد

    ردحذف
  4. ابو المنذر

    ابو يوسف

    وليد

    اشكر لكم متابعتكم الدائمة

    ردحذف
  5. لفتة طيبة منك في اتجاه هذا الموضوع الذي يحث على التفكير والبحث عن الحقيقة والتدبر في معاني القران الكريم وقراته بقلب واعِ
    اسأل الله ان يهدي قلوبنا للخيروالرشاد...


    برنسيسة

    ردحذف