الخميس، أغسطس 13، 2009

القضايا الكبرى

untitled

العنوان: القضايا الكبرى

المؤلف: مالك بن نبي

الناشر: دار الفكر ، 1426 هـ، 2005 م

عدد الصفحات: 224

كتاب القضايا الكبرى عبارة عن نصوص لخمس محاضرات ألقيت في أوقات متفرقة تعالج قضايا كبرى في الفكر الإسلامي نُشرت الثلاث الأولى منها عام 1964 م باللغة الفرنسية ومن ثم ترجمت تحت عنوان (آفاق جزائرية :للحضارة، للثقافة ، للمفهومية) أما المحاضرة الرابعة (الديمقراطية في الإسلام) فقد صدر ضمن سلسلة محاضرات بعنوان تأملات أما الموضوع الخامس والأخير فقد صدر في كتيب مستقل بعنوان (إنتاج المستشرقين).

1. مشكلة الحضارة: ألقيت في الجزائر 9/1/1964 م

كباحث في الثقافة الوطنية أجد هذه المحاضرة حددت بوضوح الأثر المترتب على الثقافة الوطنية، فهو يكرس أن الحضارة الغربية هي انعكاس للثقافة التي انتجتها ونجده يعرف الحضارة بقوله: " هي مجموعة من الشروط الأخلاقية والمادية التي تتيح لمجتمع معين أن يقدم لكل فرد من أفراده، في كل طور من أطوار وجوده، منذ الطفولة إلى الشيخوخة، المساعدة الضرورية له في هذا الطور أو ذاك من أطوار نموه."

من الأفكار التي يناقشها في هذا الفصل أن شروط النهضة هي التي تصنع العباقرة وليسوا هم من يصنعها. كما يعيب على المحاولات الكثيرة التي تم تبنيها في العالم الإسلامي تركيزها على تزويد المجتمع الإسلامي بالوسائل الملائمة للدفاع عن ذاته أو لتبرير نفسه، بدل أن تقوم بتحويل الشروط الواقعية والأساسية لهذا المجتمع. فيقول: "كانوا يقرؤون أعمالا للدفاع والتبرير، وليس أعمالا للبناء والتوجيه." ويقول " فقد أردنا بدل الاضطلاع بتشييد حضارة، أن نقوم بتكديس منتجاتها." ويركز على ضرورة تحويل السؤال من: كيف نصنع منتجات الحضارة؟ إلى سؤال صريح: كيف نصنع الحضارة؟

2. مشكلة الثقافة: أُلقيت في الجزائر 15/1/1964 م

مشكلة الثقافة يمكن أن تطرح من ثلاث جهات: كيف تتكون ثقافة معينة؟ أو ما هو الدور الذي تؤديه ثقافة معينة؟ أو كيف يتم إعداد ثقافة معينة؟

السؤالان الأولان لهما جانب تنظيري قد يكون من اهتمام الباحثين، أما السؤال الثالث فهو الذي يحملنا المسؤولية ويدفع للعمل وإجابته مسؤولية المصلحين.

المشكلة التي يعانيها المجتمع الإسلامي هو نقص فاعلية أفراده وهي متجذرة في الثقافات المحلية لذا يجب التركيز على تغير هذا الجانب نحو ثقافة فاعلة لدى كل أفراد المجتمع. هذا التغير يحتاج إلى عمل على مختلف الأصعدة فتغير المناهج مثلا ليس كافيا لإحداث هذا التغيير، فكما يقول مالك: "الثقافة ليست ظاهرة صادرة عن المدرسة، ولكنها ظاهرة ناجمة عن البيئة." و "الثقافة لا تستورد بنقلها من مكان لآخر، بل يجب خلقها في المكان نفسه، لأن البيئة ليست إحدى لوحات الرسوم التي نفكها من مسمار الجدار الذي عُلِّقت عليه، لكي ننقلها إلى منزلنا."

ومن جميل ما يقول: "ونحن عندما نشاهد خرقا في كساء أحد المتسولين، يجب أن نشعر بوجود خرق في ثقافتنا. عندما نسمع صوتا نشازاً، كضوضاء أبواق السيارات التي ترعد صاخبة في شوارعنا أحياناً، حتى لتكاد تمزق صماخ آذاننا، يجب علينا أن نحس بوجود تمزق في ثقافتنا، وبانتهاك يتم عن حمق أو عن وعي ضد أسلوب حياتنا، وبتحدٍ لسلوكنا."

3. مشكلة المفهومية ألقيت في الجزائر 24/2/1964 م

"لقد تعودنا بالنسبة إلى الآلة على الواقع القائم في أن عملها لا يمكنه أن يتحقق إذا نقصتها (صامولة). ولكننا لم نُقرَّ في ذهننا نفس القاعدة بالنسبة للعمل البشري" ، "إننا نمتلك برنامج، ولكننا لا نمتلك مفهومية" ... "لأن (المفهومية) يجب أن تكون أولا بالذات: النشيد الذي يقود عمل الشعب بأسره، فهي الصوت الحادي الذي يضبط إيقاع مجهود الأمة" ، "إن المسالة لا تتمثل في إعادة تلقين المسلم عقيدته ؛ ولكنها تتمثل في إعادة تلقينه استخدامها وفعاليتها في الحياة."

4. الديمقراطية في الإسلام ألقيت في باريس 1960 م

يقول مالك "ورثنا المقاييس المرتبطة بحياة العالم الغربي وبتجربته التاريخية، وتقبلنا بعضها لنقيس بها الواقع الاجتماعي لدينا، ونقارن على ضوئها ماضينا بما يسحر أبصارنا في حاضر هذه الأمم الغربية." فإن كانت الديمقراطية في ابسط معانيها (سلطة الإنسان) فإن الإسلام هو (خضوع الإنسان لسلطة الرب).

"إنها تستهدف في أساسها، إما منح الإنسان بعض الحقوق السياسية التي يتمتع بها (المواطن) في البلاد الغربية، وإما الضمانات الاجتماعية التي يتمتع بها (الرفيق) في البلاد الشرقية. أما الإسلام فيمنح قيمة تفوق كل قيمة سياسية أو اجتماعية. لأنها القيمة التي يمنحها له الله عز جل في القران في قوله: (ولقد كرمنا بني آدم)".

5. إنتاج المستشرقين

حين دراستنا للاستشراق نحتاج أن نصنفهم إلى شبه ما يسمى طبقات، من حيث الزمن: طبقة القدماء وطبقة المحدثين ومن حيث الاتجاه: طبقة المادحين وطبقة المنتقدين والمشوهين.

ومما لفت نظري في هذا الفصل تركيزه على طرب المسلمين للمادحين وتغذية هذا التيار لأدب الافتخار بالأمجاد الماضية التي انعكست سلبا على الواقع المكتفي بالتغني بالماضي. فيقول:"وبحسبنا أن نقرر أن مساهمة الفكر الإسلامي في تنمية تراث الإنسانية العلمي ليست تقدر فحسب بالإنجازات يقرها أو ينفيها المستشرق، حسب هواه بل تقدر بالتغيير الجذري الذي أحدثه المفهوم القرآني في المناخ العقلي والبناءات العقلية منذ كلمت (اقرأ)."

كما ركز في هذا الفصل على أن الدراسات الغربية والشرقية على حد سواء دائما ما توظف لتحقيق مصلحة فكري أو سياسية أو اقتصادية ومن إبداعاته في هذا قوله: " إن كل فراغ أيدلوجي لا تشغله أفكارنا، ينتظر أفكاراً منافية، معادية لنا."

ويختم كتابه بكلمة تخط بماء الذهب حين يقوا: "إن المجتمع الذي لا يصنع أفكاره الرئيسية، لا يمكنه على أية حال أن يصنع منتجاته الضرورية لاستهلاكه، ولا المنتجات الضرورية لتصنيع، ولن يمكن لمجتمع في عهد التشييد أن يتشيد بالأفكار المستوردة أو المسلطة عليه من الخارج"

يقول موقع النيل والفرات:

إنه وعندما نستذكر بن نبي فهذا يعني أننا نتكلم عن معنى الوجود، عن فن بناء الأمة، عن المستقبل التاريخي، فن بناء مفهوم الإنسانية في نهاية القرن. وهذا الكتاب (القضايا الكبرى) يضم نصوصاً لخمس محاضرات ألقاها مالك بن نبي في الجزائر أو في الخارج.

وقد جاءت في هذا الكتاب تحت عنوان (القضايا الكبرى) حيث تبدو هذه العبارة أكثر اتفاقاً مع توجهات بن نبي، لأنها تشتمل على تحديد منهجي للمفاهيم التي تناولتها في هذه المحاضرات المجموعة بين دفتي الكتاب. وتترابط بين هذه المحاضرات وحدة المنهج الفكري لمالك بن نبي، إذ أنها تناولت مفاهيم الحضارة والثقافة والأيديولوجية، بما ينسجم مع طرح بنية فكرية سلوكية تتصل بأصول الحضارة الإسلامية ومكوناتها الاجتماعية، التي شرحها في المحاضرة الرابعة تحت عنوان (الديمقراطية في الإسلام). ثم جاءت هذه المجموعة تتحدث عن المدى الذي صاغته الحضارة الغربية في تكوين الفكر والثقافة في مجتمعنا الحاضر عبر (إنتاج المستشرقين).

على ضوء كل ذلك يمكن القول بأن فكر بن نبي هو مؤهل ليكون منطلق الفكر والرؤية في جيل الشباب الذي لا يزال منغمساً في فوضى الاتجاه وضبابية الرؤى واختبار الحلول.


12/8/2009

21/8/1430

قولدكوست - استراليا



مواضيع وروابط أخترتها لك:


هناك 5 تعليقات:

  1. السلام عليكم


    اشكرك ولك مني كامل الاحترام والتقدير


    جزاك الله خيرا

    ردحذف
  2. السلام عليكم..
    أستاذي الكريم..
    ليس بغريب عليك التميز فأنت عنوان له..طرح متألق..
    تقبل مروري

    ردحذف
  3. أخي حسن لقد شجعتني لشراء الكتاب من خلال عرضك الجميل لبعض محتواه

    وقد وجدته رائعا جدا يصور واقعا بالرغم من كونه كُتب منذ زمن بعيد وصدق أحد من قدم

    للكتاب بقوله لقد كان محتوى هذا الكتاب لا يروق لكثيرين إبان تلك الفترة (الأزمة الجزائرية)

    بينما يُعد محتواه الآن ملامساً لواقعنا ومانرمي إليه .. لا أخفيك أن سحر هذا الكتاب

    جرني لأن أبحث في مؤلفات المؤلف مالك بن نبي فما وجدت في مكتبة العبيكان غير

    القضايا الكبرى والظاهرة القرآنية فأقتنيت الأخير بعد أن قرأت مقدمته الرائعة

    بالفعل فإن هذا المؤلف رائع وأنصح الجميع بقراءة مؤلفاته ولم يعرف أين أجد المؤلفات

    الأخرى لمالك بن نبي فليفدني جزاه الله خيرا .. وفي الأخير أعاود شكرك أخي حسن مرة

    أخرى .. والسلام عليكم

    عادل

    ردحذف
  4. عياد

    وعادل

    اشكر لكم اطلالتكم

    مالك بن نبي

    نحتاج ان نقرا كتبه ففيها تشخيص عميق للمشكلات

    ردحذف
  5. حسن الحازمي يشبه غريب الغربتين ... بسمة ..
    فقد مر الغريب بتلك المراحل الفكرية و المدارس .. ثم انتهى إلى تخصص واحد فقط ..! فهل سينتهي حسن الحازمي إليه كذلك !؟!

    لا تجبني يا حبيب إلا بعد أن تغيب 4 أشهر تقرأ في رسائل النور و أخبارها في الشرق و الغرب !؟!

    عندها قل أسمع ! بسمااااااااااات كثيرة

    ردحذف