الخميس، أغسطس 20، 2009

الآن أعلم حاجتي

image

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله,,,

اقتحمت النماذج حياتي وطريقة تفكيري، فوضع الأمور في نموذج يحقق درجة عالية من إمكانية التنبؤ بالنتائج. ازعم أن هذه النمذجة بدأت تؤثر في نظرتي للأمور في محاولة للخروج بنماذج تساعدني في تحقيق أهدافي الدينية و الدنيوية.

لعل نمذجة الأمور الدنيوية أمر معهود فطبيعة النماذج أنها تتعامل مع الأمور بطريقة جافة وتحولها إلى معادلات حسابية أو تمكننها بأسباب ومسببات. فكيف يمكن أن نستفيد من هذه النمذجة لمعالجة أمور دينية إيمانية تعالج مسائل القرب من الله واستشعار عظمته وحفز النفس لسلوك طريق مرضاته.

لعل الاستعانة بالطريقة القرآنية في التعبير عن المقاصد وإبراز الأهداف تكون معينة لنا في تحقيق ذلك، فكثيرة هي التعليلات الواردة في القرآن عقب الحديث عن حكم من الأحكام، كما أن تدبر خواتم الآيات سيوفر لنا كنزا للتأمل والتدبر.

ها هو رمضان قد بدأنا نتنفس عبير نسائمه ونطمع أن يغمرنا بجميل ظِلاله، فيتفضل علينا مولانا وبارينا ببلوغ هذا الشهر الكريم ونحن بصحة وعافية. إننا في اشد الحاجة لاستثمار هذه الفرصة بالشكل الذي يساعدنا لتحقيق الهدف المنشود.

يسر الله أن وقفت قبل سنتين في موضوع بعنوان "لعلكم تتقون" متأملا قول الله عز وجل (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ 183 البقرة) وشدني يومئذ هذا التعليل الرباني لهدف الصيام، فالله شرع لنا الصيام ليعيننا على تحقيق التقوى.

مرت الأيام ووقفت مرة أخرى خلال حج العام الماضي في موضوع بعنوان "أين الطريق؟" مع قول الله عز وجل (يَا أَيُّهَا النَّاسُ اُعْبُدُوا رَبَّكُمْ الَّذِي خَلَقَكُمْ وَاَلَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ21 البقرة) وقد كنت أظن - كما هو السائد - أن المتقي هو من يعبد الله، فليس أمامي سوى الانتظار وطلب الدعاء من الآخرين حتى تحل التقوى! لكن هذه الآية دلتني على أن العابد هو من يصل للتقوى، فأدركت التبعة التي عليَّ النهوض بها والواجب المُلقى على عاتقي، فليس أمامي سوى العمل وبذل الجهد، وشتان بين الانتظار وبين حمل التبعة والنهوض لها.

إذا فالنموذج القرآني يقول "أعبد ربك حتى تصل للتقوى". و إذا كان هدفنا هو تحصيل التقوى ومطيتنا هي العبادة التي ستوصلنا إلى ذلك الهدف وستكون مطيتنا في الطريق سر النجاح - المتكرر في القران - وهو الصبر.

إن الفرصة ذهبية في رمضان فقد اجتمعت لنا العبادة والصبر. والنموذج الذي تشكل لدي هو قارب سأركبه أسمه الصبر حاملا معي مجاديف العبادة لأصل إلى بر التقوى بإذن الله عز وجل.

و لسائل أن يقول وما الجديد ؟ ماذا سيفيدني هذا النموذج؟

أقول مستعينا بالله إننا كثيرا ما نشكو من عدم وجود تلك اللذة التي نسمع عنها، كثيرا ما نفتقد الخشوع في الصلاة، وقليل ما نتدبر القرآن، فتشعر النفوس بشيء من اليأس واتهام النفس بطريقة سلبية تُقعد عن العمل، ونصبح نمارس العبادات بطريقة آلية لا نعي مقصدها الكبير وهو "تحقيق التقوى". الجديد أخي العزيز:

أنني الآن أعلم حاجتي لأن أدخل إلى رمضان قاصدا تحقيق الهدف "التقوى" ساعيا بكل جد واجتهاد و مستعينا بمولاي وخالقي.

أنني الآن اعلم أن التلذذ بالعبادة والأنس بالطاعة هو نهاية المشوار وليس بدايته فسأشمر لبلوغه بالعبادة لأني اطمع أن ابلغ نهاية الشهر بقلب إلى الله اقرب ولله أتقى.

إنني الآن أعلم حاجتي لأن أُزيل ما تراكم على قلبي و سمعي وبصري من آثرٍ للذنوب والمعاصي وليس لي طريق إلا العبادة.

أنني الآن أعلم حاجتي لأن أحمل المصحف و أتلو القرآن في شهر القران. وأعلم حاجتي لأن أقرأ مفتشا عما يتوائم مع نفسيتي، فقد سبق أن كتبت موضوعا بعنوان "كل بحسبه" يركز على أن الخطاب القرآني متنوع في طرقه للقلوب والأسماع، ففيه الترغيب بالحديث عن النعيم والرضوان من الله العلي المنان، وفيه التخويف والتحذير من شدة عقاب الملك الجبار، فسأفتش عما يُصلح قلبي.

أنني الآن أعلم حاجتي لأن أجعل زكاة مالي في هذا الشهر الكريم، وأعلم حاجتي لأن أجتهد في صلة رحمي والتواصل مع من له حق علي. و أعلم حاجتي لإطعام الطعام وإفشاء السلام والصلاة بالليل والناس نيام.

أنني الآن أعلم حاجتي لأن يكون لي مع النبي صلى الله عليه وسلم جلسات وجلسات أقلب فيها رياض الصالحين.

أنني الآن أعلم حاجتي لأن أُلح في الدعاء و أتحين مواطن الإجابة و أتذلل بين يدي خالقي ومولاي طلبا للهداية والتوفيق، وطمعا في القبول والعتق.

أنني الآن أعلم حاجتي لأن أدخل إلى رمضان بشعار لن يسبقني إلى الله أحد.

أنني الآن أعلم حاجتي لدعوة من إخوتي الذين أدعو لهم بدوام التوفيق والقرب من الله.


اللهم تقبل منا صيامنا وقيامنا وصالح أعمالنا وتجاوز عن خطأنا وتقصيرنا ومن علينا بالعتق من النيران يا كريم يا منان.


روابط إخترتها لك:

هناك 9 تعليقات:

  1. بسم الله الرحمن الرحيم

    السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

    ما شاء الله تبارك الله ماشاء الله تبارك الله الله لا يضرك والله ييسر لك طريق لعبادته وتقواه ورضاه

    كل يوم اتعلم منك اشياء اخي الفاضل اشياء كنت جاهلة عنها

    (..لأن يهدي الله بك رجلا واحد ، خير لك من أن يكون لك حمر النعم )

    جزاك الله خير الجزاء وبلغك ما ترجوه يارب

    مع التحية

    ردحذف
  2. كيف حالك اخى حسن .
    دائما مبدع حتى فى اختيار هديتك اسأل الله لك صيام مقبول .

    تحياتى


    علي

    ردحذف
  3. جزاك الله خيراً أخي أبو المعتصم على هذه الفائدة القيمة، والمشجعة لإستقبال هذا الشهر الكريم وبلوغ غاياته من تقوى وعمل صالح...أجمعين بإذن الله.

    أخوك/ أبو يوسف

    ردحذف
  4. جزاك الله خيراً يا ابا المعتصم على الموضوع الشيق الجميل وبارك الله لك صنيعك, ولك وحشة يا غالي.

    ونسأل الله ان يبلغنا نحن واهلينا رمضان انه كريم مجيب.

    اخوك
    عبدالرحمن شعراوي

    ردحذف
  5. مقالة رائعة يا ابا المعتصم صقلت ارواحنا الصدئة والهمتنا طرق جديدة لإبصار النور من جديد.. اشكرك على كل حرف سطرته اناملك هنا واسأل الله ان يجزيك عنا خير الجزاء .. وإسمك لي مشاركة هذا الموضوع مع الاصدقاء عن طريق الفيسبوك وتويتر،

    ردحذف
  6. حازم الحجاب الحازمي10‏/8‏/2010، 2:32 م

    شكراً لك على هذه الخاطرة مبدع حقاً في كتاباتك ومزيداً من الإبداع يا أبا المعتصم فنحن في انتظارك

    ردحذف
  7. موسى الحازمي4‏/8‏/2011، 2:29 م

    سلمت ياابا المعتصم ورزقنا الله واياكم التقوى فإنها والله خير زاد فجزاك الله خيرا على تذكيرك سلمت ودمت لناونحن ننتظر روائع خواطرك
    التي تجلو البصر والبصيرة

    ردحذف
  8. أزال أحد مشرفي المدونة هذا التعليق.

    ردحذف
  9. زادك الله من فضله العظيم..ورزقك صدق الاخلاص في قولك وعملك..وحقق الله لك مرادك في الدارين..وكما عهدتك ابا المعتصم ..مبدع في طرحك..عميق في افكارك..صاحب نظرة إيمانيه نحسبك والله حسيبك ولا نزكيك على الله..بورك في يراعك واناملك..وحفظك الله من تقلبات الليل والنهار. ابو عزام

    ردحذف