الأحد، أبريل 26، 2009

جناحي الحضارة

rpg830gwiz (Small)

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد,,,

الرسالة المحمدية، قامت على التميز الأخلاقي المتمثل في حامل الرسالة قبل بعثته حتى عُرف بالصادق الأمين، ثم بالدعوة إلى الأخلاق الحميدة في صدر الدعوة الإسلامية، هذا جناحها الأول. أما الجناح الثاني فهو العلم، و المتتبع لأول ما نزل من القران يجد تعزيزا لهذا المعني، وخذ على ذلك مثلا آيات سورتي العلق والقلم.

إنه الاقتران بين العلم والأخلاق - جناحي الحضارة الإسلامية - نراه ظاهرا من خلال الدعوة للقراءة في أول ما نزل من القران "إقرأ" ثم القسم بآلة العلم "والقلم وما يسطرون" مع التركيز على الأخلاق الحميدة التي يتمتع بها حامل الرسالة محمد بن عبد الله عليه أفضل صلاة وأتم تسليم "وإنك لعلى خلق عظيم" مع تشنيع شديد على الأخلاق السائدة في المجتمع آنذاك، فنجد التحذير من إطاعة "كل حلاف مهين . هماز مشاء بنميم . مناع للخير معتد أثيم . عتل بعد ذلك زنيم" (أنظر أوائل سورة القلم).

إن كفار مكة و هم من كانوا يدَّعون الكرم والنجدة وإكرام الضيف, كانت أخلاقهم هذه موجهة لطبقة معينة من الناس الموافقين لهم في المبدأ والمكافئين لهم في المستوى المعيشي، وإلا كيف نجد تفسيرا لتصرفهم - وهم من يكرم الضيف وينجد المستجير- حين أرسلوا وفدا إلى النجاشي يطالبونه بطرد ضيوفه المستجيرين به - مع انهم من لحمهم ودمهم - لمجرد أنهم خالفوهم !!

إن الحضارة الإسلامية قامت على الأيمان بالله أولا كمنطلق لها يميزها عن غيرها (رأس الحضارة)، ثم بالدعوة للعلم والأخلاق، فكانت حضارة متكاملة تحقق عمارة الأرض بالحضارة المادية، وتعمر النفوس بالحضارة الأخلاقية، وتعبد الله وتؤمن به.

فهل نتقن التحليق بهذين الجناحين ونعمل على تقويتهما قدر الاستطاعة مستعينين بالله ومتسلحين بالإيمان به ورجاء ما عنده. أسأل الله أن يعيننا على ذلك.

وأختم هنا بمقتطفات من قصيدة "ولد الهدى" لشوقي رحمه اللهوهو يمدح الرسول صلى الله عليه وسلم بقوله:


فإذا رحمـــت فأنت أم أو أب ** هذان في الدنيا هما الرحـــماء

وإذا أخذت العــــــهد أو أعطيته ** فجميع عهدك ذمة ووفــــاء

وإذا قضيت فلا ارتياب كأنما ** جاء الخصوم من السماء قضاء

وإذا حميت الماء لم يورد ولو ** أن القياصر والملوك ظمـــاء

أنصفت أهل الفقر من أهل الغنى ** فالكل في دين الإله سواء

فلو أن إنساناً تخير مـــــلة ** ما اختار إلا دينك الفقـــــــــراء

أنت الذي نظم البرية دينـــــه ** ماذا يقول وينظم الشــــعراء

المصلحون أصابع جمعت يــدا ** هي أنت بل أنت اليد البيضاء

ظلموا شريعتك التي نلنا بهـــــا ** ما لم ينل في رومة الفقهـــاء

مشت الحضارة في سناها واهتدى**في الدين والدنيا بها السعداء

صلى عليك الله ما صحب الدجى ** حــــاد وحنت بالفلا وجناء

واستقبل الرضوان في غرفاتهم ** بجنان عدن آلك السمحــــــاء


روابط ذات علاقة:

هناك تعليقان (2):

  1. اختيارك لصورة العقاب دون غيرها من صور الطيور الجارحة فيها دلالة على أنك قارئ وكاتب محترف
    فلقد أعطت الصورة مقدمة تلقائية عن محتوى الإشراقة الذهبية .
    بالفعل ان الحضارة الإسلامية تحتاج إلى جناحين قويين لبنائها والنهوض بها بعيد عن الانحطاط الأخلاقي والتخلف العقلي كجناحي العقاب القويين ,وهما ( جناح الأخلاق الحميدة و جناح العلم المثمر )
    أبدعت يا أبا المعتصم في هذه الاشراقة فلك مني كل التقدير .


    البرنسيسة

    ردحذف
  2. متابعة جميلة اشكرك عليها

    ردحذف