السبت، يوليو 12، 2008

رحلتي للمدينة: أحد المعركة



بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى اله وصحبه وسلم تسليما كثيرا....أما بعد,,,

وصلنا إلى "جبل أحد" أو "مقبرة شهداء أحد"...

أوقفت سيارتي إلى جوار مجموعة من السيارات لوفد رسمي لشخصية موريتانية كبيره فيما يبدوا من نوعية المرافقين ووجود رجال الأمن...


ولي وقفة مستقبلية إن شاء الله مع الموريتانيين خصوصا والمغاربة عموما وتعلقهم الشديد بالمدينة وبمحمد صلى الله عليه وسلم...


مررت على مقبرة الشهداء و سلمت كما هي السنة ثم صعدت الجبل الصغير المجاور للمقبرة "جبل الرماة"...

وقفت على ذلك الجبل وأخذتها فرصة لأعيش المعركة بتفاصيلها, فرُحتُ استذكر كل ما استطيع عن تلك المعركة وعن ذلك اليوم الخالد في ذاكرة الزمن...


رحت اروي قصة المعركة لزوجتي وإبني...

أخرجت جوالي وفتحت المصحف على الآيات التي وصفت المعركة كأنك تراها وهي من قول الله عز وجل في سورة آل عمران آية 121 {وإذ غدوت من أهلك تبوئ المؤمنين مقاعد للقتال...} إلى قريبا من آخر السورة...

ولن أقف هنا مع تفاصيل المعركة فالمقام يطول...

لكني اكتب عن مشاعر وخواطر جعلت الوقت يمر سريعا ...

بل شعرت أني غادرت الزمان - وإن بقيت في المكان- حتى سمعت صوت السيوف وصهيل الخيول...


يا لها من لحظات جميله وذكريات لا تنسى...

نظرت إلى القبور التي تقع أسفل "جبل الرماة" وهي تقف شاهدا على التضحية والفداء وهي تقول لي...


"أن الدرس المفيد غالي الثمن"


فهنا قبر سبعين صحابيا اختارهم الله في ذلك اليوم فرضي عنهم ورضوا عنه...

لقد ربحوا وفازوا لكن من رجع إلى المدينة عاد بدرس قاسي...


فمن يعرف عمق حب الصحابة للنبي صلى الله عليه وسلم يعرف مدى عمق الأثر الذي تركته تلك المعركة على النفوس...

إن قلبي ليتقطع حزنا وشعورا بالأسف على يوم جرح فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم...


لقد شُجَ وجهه وكسرت رباعيته وغاصت حلقات المغفر في جبينه الطاهر بأبي هو وأمي...



إن الحزن ليبلغ مداه لتذكر موقف النبي صلى الله عليه وسلم في ذلك اليوم ففي الصحيحين انه بعد ما جرح {جعل يسلت الدم عنه ويقول : كيف يفلح قوم شجوا وجه نبيهم ، وكسروا رباعيته ، وهو يدعوهم إلى الله }...


إن كان ذلك الحدث يُسيل الدموع ويهز المشاعر بعد كل هذه السنين فكيف كان أثره على أولئك الصفوة المباركة وهم يرونه بينهم ملطخا بالدماء...


لكأني أراهم يتذكرون ذلك كلما لاح لهم أحد "القريب منهم"...


لقد هرب بعض الصحابة في ذلك اليوم عن رسول الله وثبت آخرون...


فكم حاسب نفسه من هرب وكم عمل وتصدق ليكفر ذلك اليوم حتى مع علمهم بعفو الله عنهم...

و حتى من كان مع المشركين في ذلك اليوم ثم اسلم - مع علمهم بأن الإسلام يجب ما قبله - لم ينسوا ذلك اليوم...


بل إني لأرى ذلك اليوم سرا من أسرار قوة وإقدام خالد بن الوليد رضي الله عنه - الذي لم يكن اسلم في حينها- فقد كان سببا من أسباب ترجيح كفة المشركين...


وبعد أن اسلم ظل خالد رضي الله عنه يجاهد بنفسه وماله طلبا للشهادة ومحوا لأثر ذلك اليوم من نفسه...


ولعل موقف عكرمة إبن ابي جهل رضي الله عنه في اليرموك يثبت ما كان في نفوس الصحابة من اثر لم تمحه الأيام...


إن كان هذا المكان يهيج ذكرى قاسية على من سمع بها فكيف بمن عاشها...


تنهدت والتفت إلى أحد وقلت له:

ستبقى يا أحد "مدرسة" نتعلم منك معاني التضحية والفداء...

نتعلم منك السمع والطاعة...و نتعلم خطر المعصية...

نتعلم منك الثبات والشموخ...

ونتعلم منك العاطفة و حب محمد صلى الله عليه وسلم وحب "شهداء احد" وحب الصحابة رضوان الله تعالى عنهم أجمعين...




وقاتلت معنا الأمــــــلاك في أحـــــد

تحت العجاجة ما حادوا وما انكشفوا

سعد وسلمــــان والقعقاع قد عبــروا

إياك نعبد من سلسالها رشفــــــــــوا

أكفانهم بدمـــاء البـــــــذل قد صبغت

الله أكـــــــــــبر كم في ساحاتها هتفوا

أملاك ربي بماء المزن قد غـــــسلوا

جثمان حنظلة والــــــــروح تختطف

وكلم الله مـــــــــــن أوس شهيدهــــم

من غير ترجمة زيحت له الســــجف

العرش يهتز من هول ومن حــــــزن

لسعد إذ سفـــــــــراء الوحي قد وقفـوا

لا اللوح ينســى ولا التأريخ يغفل عن

مسيرة النور تروي مجـــدها الصحف

"من قصيدة للشيخ عائض ابن عبدالله القرني"




مواضيع ذات علاقة:

رحلتي الى المدينة :الروضة 1
رحلتي الى المدينة : الروضة 2
رحلتي للمدينة: امام الواجهة الشريفة 1

رحلتي للمدينة: امام الواجهة الشريفة 2
رحلتي للمدينة: أحد - الجبل
رحلتي للمدينة: أحد المعركة
رحلتي للمدينة: أُحد , بين الواقع والأمل
رحلتي للمدينة: قبا
رحلتي للمدينة: الشناقطة

مركز بحوث ودراسات المدينة المنورة


هناك 3 تعليقات:

  1. أخي العزيز ابو المعتصم
    شكر من القلب على هذه الخواطر التي تحيي فينا حب رسول الله وصحابته وتحثنا على التأمل في سيريتهم كي نحذو حذوهم.

    اعجبني كثيرا طريقة ربطك الآثار بالاحداث والدروس المستفادة من تلك الاحداث والمواقف. رمزية نفتقدها كثيرا واخترت انت الطريق الوسط بين المغالاة المخلة والتجاهل المقصر.
    أسال الله العلي القدير أن تجعلها في موازين حسناتك ويجمعنا واياكم برسول الله صلى الله عليه وسلم وصحابته الاخيار في مستقر رحمته انه مجيب الدعاء والقادر عليه.

    ننتظر منك المزيد.

    اخوك:
    ابو ساره

    ردحذف
  2. اخي ابو ساره

    بارك الله فيك

    والله يوفقنا جميعا للتأمل والتدبر مع الإعتدال والتوازن

    شكر للمرور العطر

    ردحذف
  3. تحيه طيبه أخي الدكتور أبو المعتصم
    و أشكرك على أختيارك هذه المواضيع الإيمانه التي تعمق فينا الشعور بعضمةوكمال وعزةهذاالدين

    لقد أيقضت فينا أشياء كانت على وشك أن تنام

    أخوك : Y.h

    ردحذف