السبت، يونيو 14، 2008

رحلتي للمدينة: امام الواجهة الشريفة 1



بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله

بعد أن صلينا الفجر تسابق الناس للمرور أمام الواجهة الشريفة...
وما هي إلا لحظات حتى أصبح الممر مزدحما بالناس من كل لون وشكل...
قلت انتظر قليلا فالجلوس في الروضة لا يمل وإن كان الشوق للسلام على رسول الله لا يقاوم...
كثر الناس وزاد الزحام وزادت الحركة في الروضة بشكل افقدها السكينة...
فقمت ودخلت في ذلك البحر المتلاطم من البشر (اليوم هو اليوم ما قبل الأخير لمغادرة حملات الحج) ...
في وسط ذلك الزحام نظرت لنفسي بين هذه الحشود باختلاف لغاتها وألوانها بل والتفاوت الكبير في اشياء كثيرة...

تذكرت قول الله عز وجل:

(لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة)...

هل سيجد كل منا له أسوة في رسول الله؟ فمنا الغني والفقير والكبير والصغير و و و

سرح بي الخيال يستذكر سيرة النبي صلى الله عليه وسلم ويفتش في تلك السيرة التي لا تمل...
لقد مر رسول الله صلى الله عليه وسلم بأطوار مختلفة في حياته ترينا القدوة العملية في كل حال...

تذكرته يدعو اقرب الناس إليه عمه أبو طالب ولا يستجيب له فتدمع عيناه شفقا على عمه...
ثم تذكرته وحيدا مظلوما راجعا من الطائف وتأتيه فرصة لا تعوض في الانتقام فيقول "بل أرجو أن يخرج الله من أصلابهم من يعبد الله وحده لا يشرك به شيئا" صبر وأمل...
و تذكرته حين تموت زوجته خديجة رضي الله عنها فيصبر ويحتسب ويكون وفيا لها طول عمره...
تذكرته في الغار "ما ظنك باثنين الله ثالثهما" و حسن ظن بالله...
و تذكرته صلى الله عليه وسلم منتصرا شاكرا متواضعا في بدر...
ومصابا صابرا محتسبا في احد...
تذكرت ذلك الأعرابي الذي يقول "يا محمد أعطني من مال الله لا من مال أبيك و أمك" فيصبر ويحسن إليه بل ويأمر له بعطاء...
وتذكرته موت أطفاله الذكور صغارا فيقول عند موت إبراهيم " إن العين لتدمع وان القلب ليحزن ولا نقول إلا ما يرضي ربنا وإنا بفراقك يا إبراهيم لمحزونون"
تذكرته في بيته يخصف نعله ويعجن مع أهله...

تذكرت وتذكرت فإذا بكل من مر وسيمر منها يجد تلك الاسوة متمثلتا امامه...
فهل سيكون مروري حدثا عاديا ام سيكون له اثر على نفسي؟!

فكم مر من هنا من فقير فهل تذكر أن الشهر والشهرين تمر ولا يوقد في أبيات محمد صلى الله عليه وسلم نار...
وكم مر من هنا من غني فهل تذكر قوله صلى الله عليه وسلم وهو يقسم غنائم حنين " فوالله لو كان لكم بعدد شجر تهامة نَعَماً لقسمته بينكم ، ثم لا تجدوني بخيلاً ولا جباناً ولا كذوباً "
كم من الملوك والأمراء مروا من هنا فهل تذكروا العفو عند المقدرة والعدل بين الناس والتذلل لله عز وجل...
كم مر من هنا من يتيم فهل تذكر يتم محمد صلى الله عليه وسلم...

كم مر من هنا من عالم فهل تذكر حسن التعليم والرفق بالمتعلمين حتى قال من عرفه " ما رأيت معلماً قبله ولا بعده أحسن تعليماً منه"...
هنا مدرسة محمد صلى الله عليه وسلم فمن شاء فليفتش فيها عما يُصلح حاله ولن يتعب كثيرا في البحث ولكن قد يتعب حتى يتسنى له الاقتداء الأمثل
وما اجمل ما قال شوقي

زانتك في الخلـق العظيـم شمائـــل **يغـرى بهـنَ ويولـع الكـرمـــــاء
أما الجمال فأنـت شمـس سمائـــــه**وملاحــــة الصديـق منـك أيـــاء
والحسن من كرم الوجـوه وخيــره**مـا أوتـي القـــواد والزعــــــمـاء
فإذا سخوت بلغت بالجـود المـــدى**وفعلـت مـــــا لا تفعـل الأنـــواء
وإذا عفـوت فـقـادرا ومـقـــــــــدرا**لا يستهيـن بعـفـوك الجـهــــــلاء
وإذا رحــــــمـت فــــأنت أم أو أب**هذان فـي الدنيــــا همـــا الرحمـاء
وإذا غضبت فإنمـا هـي غضــــبـة**في الحـق لا ضغـن ولا بغضــاء
وإذا رضيت فـذاك فـي مرضــاتـه**ورضــــا الكثيـر تحلـــم وريتــاء
وإذا خطـبـت فللمنـابـر هـــــــــــزة**تعـرو النـدي وللقلـــــــوب بـكــاء
وإذا قضيـت فـلا ارتيـــــاب كأنمـا**جاء الخـصوم من السمـاء قضـاء
وإذا حميت الماء لـم يــــــورد ولـو**أن القياصــــر والملوك ظـمـــــاء
وإذا أجـرت فأنـت بيـت الله لــــــــم**يدخـل عليـه المستجيـر عــــــــداء
وإذا بنيـت فخيـر زوج عـشـــــــرة**وإذا ابتنيـت فـدونـــــــك الآبـــــاء
وإذا صحبت رأى الوفـاء مجسمـــا**في بـردك الأصحـــاب والخلطـاء
وإذا أخـذت العهـد أو أعطيـتــــــــــه**فجميـع عهـدك ذمـــــــة ووفـــــاء
وإذا مشيت إلـى العـدا فغضنفـــــــر**وإذا جـريـت فـإنـك النكـبـــــــــــاء
وتمـد حلمـك للسفيـه مـداريــــــــــــا**حتى يضيـق بعرضـك السفهــــاء
في كل نفس مـن سطـاك مهابــــــــة**ولكـل نفـس فـي نـداك رجــــــــاء
والرأي لم ينـض المهنـد دونـــــــــــه**كالسيف لـم تضـرب بــــه الآراء
يأيهـا الأمـي حسـبـــــــك رتـبــــــــة**في العلم أن دانـت بــــك العلمــــاء
الذكر آيـة ربـك الكبــــــــرى التــــي**فيهـا لباغـي المعجــــــزات غنــاء

وصلى الله وسلم على سيدنا محمد

هناك تعليق واحد:


  1. هذه القصيدة حفظها الشيخ محمد الخضر بن ما يأبى من حكاية واحدة
    يقول الشيخ محمد بن محمد سالم
    أتذري عينُهُ فضَضَ الجمان** غراماً من تذَكّره المغاني
    مغان بالعقيق إلى المنقّى** لى أحد تذكرها شجاني
    ومن تذكار منزلة بسلع **إلى الجمّا تعاني ما تعاني
    فهل عزم يصول على التواني** وهل بعد التباعد من تداني
    وهل أغدو بكور الطير رحلي** على وجناء دوسرة هجان
    تَبُذُّ العيس لاحقَةً كلاها **وتطوى البيد مسنَفَةَ اللبانِ
    تُرى بعد الدؤوب كأخدري** بيَمؤودٍ ارنّ على أتانَ
    حداها شوق دار الفتح مثوى** إمام الرسل مأمن كل جان
    ومعقل من تعاورَه الدواهي** وكاسب معدم وفكاك عان
    بعيشك صف شمائله فإني** أحن إلى شمائله الحسان
    يلاقي المعتفين بهم رحيما** لدى اللزبات منهَمِر البنان
    يجود من العيون بمكفهرّ** يسح على القلوب مدى الزمان
    ويوليها إذا صدئت جلاء** لما فيهن من صدإ وران
    ويشفى بالمسيس عضال داء** دوٍ ما للأساة به يدان
    ويلقاهم بوجه أب عطوف** رؤوف في القيامة ذي حنان
    ويسقيهم وقد خرجوا ظماء** بأشهى من مروقة الدنان
    وكم وافى القيامة من مسىء** عميد القلب ملتاثِ اللسان
    عليه من الكبائر موبقات** يضيق بها بيان ذوي البيان
    تأملها فلما أن رآها** تفوت العد أيقن بالهوان
    فاضحى آمنا ما كان يخشى** ونال بجاهه أقصى الأماني
    فظل لواه مأوى مستظل** وناهيكم بذاك علُوّ شان
    يدير على العداة كؤوس صاب** كريه الطعم عند ذويه آن
    فكم من موطنٍ ذرب شباه **أباد سراتهم وسبى الغواني
    بذي لجَبٍ تضل البلق فيه **تظل الطير فوقهم دواني
    على نهد المراكلِ شيظَميٍّ** أقبّ مُطَهم سلس العنان
    وما ذو لبدتين ببطن ترجٍ** أبو شبلين مقروحُ الجنان
    كصولته ولافيحُ الجوابي** تشابه ما لديه من الجفان
    ولا بدر التمام إذا تبدى** يضاهي البدر ليلة أضحيان
    ولا شمس الظهيرة في دجنّ** تحاكي وجنتيه ولا تداني
    ملاحة خده لما رأتها** لدى إسرائه حور الجنان
    صنعن كما صنعت نسا زليخا** لرؤية يوسف البهج الحسان
    دنا في ذلك المرأى دنُوّاً** من الرحمان ما يدنوه دان
    وذاك القرب تقريب اصطفاء **وليس عن المسافة والمكان
    ملائكة الطباق السبع قامت** تبادلُ بالسجود أو التهاني
    وهل تثنى العبيد عليك يا من** على أخلاقه تثنى المثاني
    فانت وسيلتي في كل كرب** عن الرحمان تفرجُ ما عناني
    ...........................
    بجاه المصطفى أدعوك يا ذا ال**عطايا والحنان والامتنان
    وجد لي بالهدى وامنن بتوب** وكفر من ذنوبي ما دهاني
    وحطنا واكفنا شر الأعادي** جميعا واضربن سور الأماني

    ردحذف