الجمعة، يوليو 17، 2009

حوار مع الملحدين في التراث

image

العنوان: حوار مع الملحدين في التراث

المؤلف: عصام محفوظ

الناشر : دار الفارابي 2004

عدد الصفحات: 142

في الأسبوع الماضي ركب معي احد الأصدقاء وحين نزوله نسي كتابا من القطع الصغير، اتصلت به لاحقا وأخبرته بأنه نسي كتابه في سيارتي وسأعيده له بعد أن أتصفحه، عنوان الكتاب "حوار مع الملحدين في التراث "و مؤلفه هو عصام محفوظ، أسم لا يحمل أي دلالة بالنسبة لي فأحببت أن أخوض تجربة القراءة لشخص دون أن اعرف عنه أي شيء.

الكاتب متمرس وله أسلوب مشوق فكما كتب الناشر على غلاف الكتاب: "بأسلوبه المبتكر في تقديم الشخصيات التراثية، يتابع عصام محفوظ، عبر الحوار المتخيل، تقديم هذه الشخصيات، فيختار من التاريخ الإسلامي: ابن الراوندي، أبو بكر الرازي و جابر بن حيان. وبرغم الاختصاصات المختلفة لهذه الشخصيات، فإن الذي يجمعها تصدّيها للموضوع الأكثر حساسية في مجتمعها، كما في كل مجتمع: الدين."

يبدأ الكتاب بمدخل يتحدث عن أوجه الشبه والاختلاف بين حركة الاعتزال في التاريخ الإسلامي وحركة التنوير في الفكر الغربي، حين قراءتي لهذا المدخل شعرت بأني اقرأ لشخص لديه ثقافة واسعة ولكنها ليست معمقة فهناك تداخل واضح بين التيارات والأفكار في خطابة بل وجدته يتحدث بدون مرجعية واضحة وإنما هي تساؤلات وتكهنات يثيرها هنا وهناك، مع جرأة على وصف أسماء معينة بالإلحاد وتعميم لأحكام كثيرة.

يقول أن هدفه من الكتاب هو "فهم الظاهرة الإلحادية في تراثنا، في ذروة الازدهار الحضاري للإمبراطورية العربية الإسلامية" كما اتبع أسلوباً مميزاً "بحيث لا يكون الكلام عن الشخصية، بل معها، عبر الأجوبة المنتزعة حرفياً من كتابات تلك الشخصية".

مما ذكره في مقدمته انتصار الإيمان على الإلحاد على مدى التاريخ "لأن أي جنة تعد بها العقيدة الدنيوية محكومة بالامتحان على الأرض، بعكس الجنة التي تعد بها العقيدة الدينية". كما أن التدين "يجاوب على سؤال لا يزال يؤرق الإنسان، عن معنى هذه الحياة العابرة الحافلة بالعذابات".

أسلوب الكتاب شيق جدا فبراعة الأسلوب الفني عند الكاتب ظاهر غير أنه من الناحية العلمية قد لا يصمد كثيرا أمام البحث والتحقيق فرغم عدم اختصاصي في هذا المجال إلا أني وجد تعميمات كثيرة تحتمل الرفض أكثر من احتمال القبول.

رحل الكاتب بخياله إلى القرن الثالث الهجري ودخل بغداد يبحث عن شخصياته مفردا فصلا لكل شخصية فبدأ بابن الراوندي ثم أبو بكر الرازي وأخيرا جابر بن حيان. وفي كل تلك المباحث كان يدير الحوار بطريقة فنية جميلة، ويحاور بكل قوة.

بعد انتهائي من قراءة الكتاب رحت أفتش عن من يكون عصام محفوظ ووجد عدد من المقالات التي كتبت عنه فقد توفي قبل عامين (2006م) هو شاعر ومؤلف مسرحي لبناني ذو ثقافة عربية وفرنسية، ولكن الغريب أن كل تلك المواضيع التي كتبت عنه في جريدة الرياض و جريدة الشرق الأوسط فضلا عن مواقع بيع الكتب و المنتديات والمدونات، كلها لم تذكر انتمائه العقدي في إهمال شبه متعمد لهذه الزاوية فهو يكتب في عمق الثقافة الإسلامي ومع ذلك لم أجد إي إشارة واحدة لكونه مسيحي وأن اسمه هو (عصام عبد المسيح محفوظ)، وجدت إشارة واحدة وردت عرضا في الحديث عن جنازته " يقام جناز لراحة نفسه الساعة الثانية عشرة من يوم غد الأحد، في كنيسة الكاثوليك، جديدة مرجعيون" وبعد بحثي بشكل أكثر تفصيلا وجدت ما يؤكد ذلك من خلال معجم البابطين لشعراء العربية.

الواضح أن الرجل له نشاط أدبي وثقافي كبير وهو مهتم بالثقافة العربية وأصولها - مثل كثير من امسيحيي لبنان والشام عموما - ولا ادعي من خلال قراءتي لهذا الكتاب أني اكتشفت عداء مقصودا للثقافة الإسلامية ولكن الخلط والتعميم واضح جدا في هذا الكتاب، ومن الخطأ أن يقرأ الشخص لكاتب دون أن يدرك انتمائه العقدي، لا اقصد هنا عدم القراءة للمخالفين ولكن اقصد أن تكون هذه القراءة بوعي.



15/7/2009

22/7/1430

قولد كوست - استراليا



مواضيع وروابط أخترتها لك:

هناك 5 تعليقات:

  1. أخي
    حسن الحازمي :

    ما بذلته من مجهود في عرض هذا الكتاب يستوجب الشكر فشكراً لك وجزاك الله عنا كل خير ، فلم تكتفي بعرض الكتاب ولكنك اضفت ما قمت به من بحث حول الكاتب فكانت اضافة مهمة لمن سوف يقتننيه ، كما احمد لك موضوعيتك في النقد حين امتدحت قوة لغة الكاتب واسلوبه بالرغم من قولك انه عمم ولم يتحرى ربما الدقة فكنت بهذا منصفاً له .

    اما ما ذكرته من كون الكاتب مسيحي الديانه فهذا ليس بمستغرب فلا ننسى انه ايضاً عربي الجنسية ولهذا دوراً كبير في فهم نواياه ، وكما اسلفت ليس بالضرورة كونه كذلك يستوجب الشك في نواياه ، وما وجدته من عدم تحري الدقة وكما فهمت من عرضك يعد قصوراً قد يحصل حتى لوكان هذا الرجل مسلماً ، ولا ننسى انه عربي كما اسلفت واخوننا المسيحين العرب يمتازون عن غيرهم من غير العرب بأنهم عرب ، وما اكثر الأمثله عبر تاريخنا المجيد عنهم وعن تعايشهم معنى بسلام واخوة فمن ذلك مثلاً ما كان يحصل في فلسطين قفد كانت بعض الأسر المسيحية واليوهودية تحكم فقهاء المسلمين في امور مثل الطلاق والميراث وكان هذا بالطبع قبل الهجمة الظالمة لبني صهيون على تلك البقعة الطاهرة من ارضنا المسلوبة فأصبح الحال غير الحال بعد ان كان الناس يعيشون في سلام ومحبة .
    وعلى ذكر المحبة بكل حب اشكرك لقد استمعت بهذا العرض

    ولي عودة
    تحياتي


    خالد الزهراني

    ردحذف
  2. كنت اتمنى لو ذكرت مثالا على خطأ وقع فيه الكاتب من احد تعميماته التي جانبها الصواب وشكرا

    ردحذف
  3. عزيزي / حسن الحازمي نشكر لك جهدك الجاد لماعرضته علينا . أضم صوتي لما ذكره خالد الزهراني .نشيد بما قدمته .


    أحمد الحسين

    ردحذف
  4. جهد طيب أخي حسن :)

    الاطلاع على بعض الكتب بدون تخطيط مسبق -كما حصل معك في الحصول على هذا الكتاب- يبدو أمراً ممتعا ومثيراً للاهتمام, يماثل هذا الأمر أن يهدى إليك كتاب :) .

    أتفق معك على أنه من المهم للشخص أن يقرأ كل شيء ولكن بوعي وإلمام بدءاً من عنوان الكتاب ومحتواه ومؤلفه.

    شكراً أستاذ حسن, فما تتحفنا به من مشاركات وجهد في نادي إقرأ يستحق التقدير :)

    تقديري للجميع أيضا
    أخوكم / علي :)

    ردحذف
  5. اخي حسن الحازمي

    شكرا جزيلاً لك على هذا الكتاب الذي بدون شك حتى لو كان فيه قصور الا انه يسلط الضوء على قضايا الإلحاد .. فقد كنت ابحث بالأنترنت منذ زمن عن ابن الرواندي والحاده
    ولم اجد سوى موقع واحد والمعلومات به ليست كافية .. لأني اكتب بأحد المنتديات
    وتناولت موضوع الإلحاد فكنت ابحث عنه وانقل ما يفيد موضوعي .. ربما كتاب عصام محفوظ
    يضئ لي الطريق اكثر للتعرف على موضوع البحث اكثر.

    شكرا لك اخي

    بارك الله بك

    تحياتي

    mervatbarbar

    ردحذف