بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى اله وصحبه , وبعد,,,
لا تتعجب من العنوان أخي القارئ, فهو ليس للإثارة, بل قصدته وسأثبت صحته بإذن الله. عد معي بذاكرتك إن كانت جيدة, أو لاحظ في المستقبل القريب إن كانت ذاكرتك لا تسعفك.
في آخر صلاة صليتها في المسجد الذي اعتدت الصلاة فيه, عدد الصفوف ألم يكن كالمعتاد تماما, بل ترتيب الأشخاص في هذه الصفوف أليس مقارب لحد كبير للوضع اليومي في هذا الفرض بالذات ؟ في مساجدنا كل منا له مكانه المخصص الذي لا يزاحمه عليه احد, كلنا بلا استثناء, ابتدأ بالإمام وانتهاء بمن يلحق التشهد الأخير فقط. بل إن إمام الجماعة الثانية وأفرادها قد علم كل شخص منهم مكانه. والأمر منطبق على كل الصلوات تقريبا ويتأكد أكثر في صلاة الجمعة. بل وفي صلاة العيدين مع أنها لا تحدث سوى مرتين في السنة فإمام الجماعة الثانية ملتزم هو وجماعته بالمجيء في نفس الوقت.
كلنا يعلم تغير أوقات الصلاة بشكل دائم. فما سر هذا الانضباط العجيب؟
بدأت بمثال الصلاة - مع كثرة الأمثلة كما سيأتي - لأننا نشترك جميعا فيه ولوضوحه وشدة دقت الانضباط فيه, بل إن هذا الانضباط يتوارثه الأبناء عن الآباء.
و ينشأ ناشئ الفتيان فينا ... على ما كان عوده أبوه
كنت أظن أن الأمر متعلق بسماع المؤذن, فمن الناس من يتحرك مع الأذان ومنهم من يتحرك مع الإقامة. غير أننا في استراليا لا نسمع النداء (الذي اشتقنا إليه كثيرا) فنعتمد على الساعات.
ويا للعجب, في مصلى الجامعة صورة تتكرر بشكل يومي, مجموعة يدخلون في وقت واحد ويؤدون السنن الرواتب ثم يقيمون الصلاة, أما فلان وفلان فيدخلون مع الركعة الثانية وفلان يدخل بعد السلام معاتبا في كل يوم على الاستعجال في إقامة الصلاة, وأما فلان فتلقاه في كل يوم يأتي بعد خروج الجميع من المصلى ويطلب من أحدهم أن يكسب أجره ويصلي معه!!. كلهم منضبط وملتزم بموقفه.
في المدرسة التي درستَ (اقرأها بتشديد الراء أو فتحها, حسب ما يناسبك) فيها ألا تلحظ أن مواقع سيارات المدرسين والطلاب بنفس ترتيبها تقريبا في كل يوم. هل يترك بعضهم المواقف لبعض أم أنهم يأتون بنفس الترتيب في كل يوم. تذكر المتأخرين عن الطابور الصباحي من مدرسين وطلاب.
في بيان الحضور والانصراف - إن كنت موظفا - ألا تلاحظ أن من قبلك ومن بعدك في التوقيع تقريبا نفس الأشخاص.
في المناسبات العامة والعزائم ألا تعرف شخصا أصبح حضوره مؤشرا لعدم حضور أي شخص بعده "جهزوا الأكل فقد حضر فلان". بل حتى في الجنائز تعرف فلان الذي يأتي بعد الدفن مباشرة ويعاتب على الاستعجال في الدفن في كل مرة!!
عند بائع السمك أو الخضار أو الفول الست تلتقي نفس الأشخاص تقريبا في كل مرة تذهب إلى هناك. عند الحلاق وفي مغسلة السيارات وعند تغير زيت سيارتك. بل حتى في موسم العمرة و الحج تضيق مكة كلها, ولا يضيق المكان الذي توارثه أبناء قريتك أو حيك فهم فيه في كل موسم. تقابلهم في الطريق من وإلى الحرم بل وحتى عند الجمرات.
أنت أخي القارئ, الست تنام في نفس الوقت تقريبا كما تستيقظ في نفس الوقت, وقت قراءتك للجريدة ووقت تصفحك للإنترنت ووقت ووقت أليست منضبطة. لو جربت تفريغ نشاطاتك في الشهر الماضي و قارنته بالشهر الحالي فستجد تكرار ليس بالقليل. بل أّذهب ابعد من ذلك, فلو راجعت جدولك في الخمس السنوات الماضية لربما وجدته مجموعة من النشاطات المنضبطة والمكررة إلى حد بعيد.
أرأيتم إلى أي درجة نحن منضبطون في حياتنا.
إذن أين ما يشتكي منه الغالبية من عدم التقيد بالمواعيد؟
عزيزي القارئ أأكد لك أننا منضبطون ولكن للأسف, الكثير منضبط على الوضع الخاطئ. نحن مثل الساعة الجيدة ولكنها متأخرة بعشر أو عشرين دقيقة (كل بحسبه), فهي لن تعطيك القراءة الصحيحة أبدا, مع أنها من أجود الأنواع وليس بها أي عطل. معايرتها وتعديلها إلى الوقت الصحيح سيجعلها مفيدة ودقيقة.
وهذا يخفف المصاب فنحن بحاجة "فقط" لإعادة معايرة لحياتنا المنضبطة. فحياتنا هي نتاج لمجموعة من العادات. إذا استبدلنا عاداتنا غير المرغوب فيها بعادات أكثر إيجابية وفائدة, ستتغير حياتنا بشكل كبير إلى الأفضل بإذن الله.
لنقم بمعايرة ساعاتنا الداخلية لتكون مطابقة للتوقيت الصحيح.
هل اقتنعت أخي القارئ بهذا الانضباط أم لديك رؤية أخرى؟
لا تبخل علينا برؤيتك…
روابط ذات علاقة: