بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله،،،
كنت قد تحدثت في الأسبوع الماضي عن أزمة مطاراتنا التي لا نملك خيارا آخر يعفينا من استخدامها، أما اليوم فأتحدث عن طيراننا "الخطوط السعودية" الذي وللأسف اضطرنا للبحث عن بديل عنه. فبالعودة إلى نفس التقييم المذكور في "مطاراتنا... هل تعي رسالتها؟" أعتقد أن التصنيف جاملها كثيرا بالنجمات الثلاث التي أعطيت لها، فالحوادث التي حصلت في الأسابيع الماضية لها مؤشر لا يستهان به عن تدني مستوى الصيانة، فمن الخبر الذي نشرته سبق عن سقوط باب الطوارئ في مطار الطائف، إلى انفجار إطار في مطار حائل مرورا بحريق محرك إحدى الطائرات في حائل أيضا.
كل هذا التدهور الحاصل في خدمات الخطوط السعودية غير مبرر على الإطلاق، فمقومات النجاح لأي ناقل جوي تكمن في توفر ركابا يضمنون إشغال الرحلات المجدولة. و هذا متوفر للخطوط السعودية على المستوى المحلي والدولي: فمحليا نجد المملكة العربية السعودية التي تزيد مساحتها عن 2.25 مليون كلم مربع و ينتشر على أرضها أكثر من 20 مطار مدني، مع ترابط اجتماعي شديد بين أبناء الشعب تجعل حصول زواج أو وفاة تدفع عشرات العائلات لتسافر مشاركة مع أهلهم في السراء والضراء، أضف إلى ذلك سفر موظفي القطاع العام والخاص في مهمات عمل وكذلك حركة الطلاب والمرضى التي لا تقف على مدار العام.
أما على صعيد الرحلات الدولية فملايين من الحجاج والمعتمرين على مدار العام وأضعافهم من العمالة الأجنبية، كلهم عبارة عن هدف سهل لأي جهة ستقدم لهم خدمة تنافسية بحكم تواجدها داخل البلد مما يمكنها من تقديم عروضا مغرية بالتعاون مع القطاعات الأخرى. كما أن هناك عشرات الآلاف من المبتعثين ومثلهم من طالبي العلاج ورجال الأعمال وموظفين و أكاديميين يسافرون لحضور دورات ومؤتمرات و ملايين من السياح السعوديين، كلهم يبحث عن ناقل جوي يقدم خدمة تنافسية.
هذه الأعداد المهولة من طالبي النقل الجوي على المستوى الداخلي والخارجي هم رصيد جاهز لأي شركة لإثبات نفسها من خلال تقديم خدمات مُرضِية لهذه الشرائح ولكننا نرى أن الخطوط السعودية قد فشلت في ذلك فشلا ذريعا والمشكلة الأكبر أن هذا الفشل يتزايد وينكشف يوما بعد يوم.
اعتقد أن هذه المؤسسة لا تبحث عن النجاح أصلا، فبمقارنة بسيطة بالخطوط السنغافورية أو الإماراتية أو الاتحاد أو القطرية والتي لا تحمل رصيدا مضمونا من المسافرين لصغر حجم دولهم وقلة عدد سكانهم، ولكن لأن لديهم إرادة حقيقية للنجاح فقد أصبحوا ينافسون شركات كبرى في جودة وتوفر الخدمة بل وفي الوصول إلى محطات تغطي بعضها كل قارات العالم. كنت قد كتب مقالا عن تميز إحدى تلك الشركات فلم ينشر لأنه أعتبر دعائيا لها.
كمبتعث فرحت وحزنت حين أتاحت وزارة التعليم العالي للمبتعثين استخدام الخطوط الأجنبية للسفر من والى مقر بعثاتهم. فرحت لأني تمتعت بحرية تحديد خط السير مم يتيح فرصة زيارة بلدان مختلفة في كل رحلة، مع تنوع في خطوط الطيران التي تقدم أجود الخدمات مع توفر الحجوزات على مدار العام.
حزنت على الملاين التي من المفترض أن تساهم في إنجاح خطوط وطنية نفخر بها من خلال تقديمها لخدمة تنافسية، فتجعلنا نقبل عليها لأنها الأفضل وليس لأننا لا نملك غيرها. أعتقد أن الخطوط السعودية خارج السباق أصلا بل هي في تراجع مستمر و لا أدري متى تنوي أن تعيد توجيه بوصلتها لتسابق في عالم لا بقاء فيه إلا للمتميزين ؟
إن الخطوط العالمية التي تشعر بالتنافسية تطور نفسها في مجالات عدة لا أرى في الأفق أي تطور فيها بالنسبة لخطوطنا، فبنظرة بسيطة إلى متوسط أعمار الطائرات المستخدمة ستجد أكثرها في آخر أعمارها الافتراضية إن لم تكن بعضها قد تجاوزه. أما تعامل الموظفين وانتظام المواعيد والخدمة المقدمة في حالة تأخر الطائرة والخدمات على ظهر الطائرة بل وحتى تأثيث الطائرة في حالة يرثا لها، بل حتى حين إجراء الحجوزات عن طريق وكالات دولية يتعذر على النظام المعمول به في الحجز لدى الخطوط السعودية التوافق مع كثير من الأنظمة الحديثة للحجز مما يحيجنا للتأخر في انهاء اجراءات السفر في أي رحلة تكون الخطوط السعودية طرفا فيها !! إن سفرك مع إحدى الخطوط الناجحة سيشعرك بفرق شاسع جدا.
هذا نداء للقائمين على هذه المؤسسة: لقد سمعنا كثيرا النداء الأخير لإقلاع رحلاتكم ونحن نوجه نداء أخير لكم لتقلعوا بهذه المؤسسة العملاقة فقد مللنا تأخر الرحلات وضعف مستوى الخدمات، ملننا عدم توفر الحجز، مللنا التعامل الغير مقبول من كثير من موظفيكم، مللنا من إلغاء الحجوزات، ونقولها وبكل صراحة لقد استغنينا عنكم بمجرد توفر البديل القوي والتنافسي.
وما زلنا نتمنى أن نرى شعاركم "نعتز بخدمتكم" شعارا حقيقيا نراه قبل أن نسمعه فربما أعاد لنا بعض الثقة...
مواضيع إخترتها لك: